رئيس أساقفة يورك يطالب الحكومة البريطانية بجعل "منحة دور العبادة" دائمة    ملخص برنامج الحزب المصري الديمقراطي لانتخابات مجلس النواب 2025    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    47.2% ارتفاع في تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2025    جالية مصر فى بروكسل تهتف للرئيس السيسى أثناء توجهه إلى البرلمان الأوروبى    الملك فيليب: زيارة الرئيس السيسى تعكس عمق العلاقات التاريخية بين مصر وبلجيكا    رئيس وزراء لبنان: ملتزمون بإنهاء عملية حصر السلاح جنوب نهر الليطاني قبل نهاية العام    جماهير ليفربول تفاجىء محمد صلاح بعد أزمة الصورة    شبورة كثيفة وحار نهارا..الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    ضبط 9 أطنان دقيق بلدي مدعم بمخازن ومناخل غير مرخصة بالجيزة    صور.. انطلاق "GRAMMY House Giza 2026" لأول مرة من مصر    وزير الثقافة يشهد إطلاق وثيقة الإستراتيجية الوطنية للبناء والعمران الأخضر المستدام    مدير"منظمة التجارة الخارجية اليابانية": "المتحف المصري الكبير" أيقونة للتراث المصري وشراكة تتجاوز التمويل    أضرار جسيمة في منشآت الكهرباء والمياه بعد هجوم بطائرة مسيرة في السودان    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    استمرار تدفق المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماعًا أون لاين بالعمداء    جولر بعد الفوز على يوفنتوس: نُريد برشلونة    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    رئيس الوزراء: شددت على عدم زيادة أسعار السلع والخدمات بدون وجه حق بعد تحريك الوقود    خطة عاجلة بمركز طامية لسرعة إنهاء ملفات تقنين أملاك الدولة    29 أكتوبر الحكم على علياء قمرون فى نشر محتوى وفيديوهات خادشة    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام لتطويره بطبقة الإيبوكسي.. تفاصيل    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    رابط نتيجة التظلمات بمسابقة النقل النهري.. استعلم الآن    شراكة وطنية جديدة لتوسيع زراعة القمح ضمن مبادرة «ازرع»    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    مستشفى الجراحات الجديد بطنطا ينضم لمنظومة التأمين الصحي الشامل    وزيرا الصحة والتعليم العالي يفتتحان المؤتمر العلمي الدولي ال66 للجمعية المصرية للأمراض الصدرية والدرن    إجراء جراحة نادرة لإنقاذ حياة مريض فلسطيني مصاب من غزة بجامعة الإسكندرية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب تبلغ أمريكا رفضها لعمل الأونروا فى غزة    ستيفن وارنوك: ليفربول أثبت قدرته على الفوز دون محمد صلاح واستبعادُه قد يتكرر مستقبلاً    ميدو جابر يخضع اليوم لأشعة تشخيصيه على الركبة لتحديد حجم إصابته    عمر عصر يخضع للتحقيق بالفيديو من ألمانيا بعد خناقة البطولة الأفريقية    ضمن جهود التحالف الوطنى تسليم 2420 مشروع تمكين اقتصادى فى سوهاج    فيلم السادة الأفاضل يحصد 2.2 مليون جنيه في أول أيامه بدور العرض السينمائى    إطلاق القطار السريع وافتتاح مشروعات كبرى.. أحداث هامة بمعرض TransMEA القادم    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    شبكة الكاجوال بالإسكندرية.. سقوط 4 سيدات فى فخ تطبيق سرى منافى للآداب    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    بسبب تجاوزات في آليات اختيار مرشحي الحزب.. أمين حزب الجبهة الوطنية بسوهاج يتقدم بالاستقالة    الإعلان عن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    أمطار غزيرة وعواصف قوية في نوات الشتاء 2026.. والفيضة الكبرى على الأبواب    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر نص كلمة مصر باجتماع اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
نشر في مصراوي يوم 24 - 04 - 2019

أعرب وزير شئون مجلس النواب المستشار عمر مروان عن سعادته بانعقاد اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب مجدداً في مصر، مشيرا إلى أنه مرت ثلاثون سنة كاملة منذ استضافت مصر الدورة الرابعة للجنة.
وأضاف مروان - خلال إلقائه كلمة مصر أمام الدورة 64 للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب المنعقدة بشرم الشيخ خلال الفترة من 24 أبريل إلى 14 مايو - أن مصر كانت من أوائل الدول الأفريقية التي حرصت على دعم اللجنة الوليدة باعتبارها نموذجاً حياً يعبر عن الرغبة الإفريقية لحل المشكلات والارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان والشعوب الأفريقية.
وفيما يلي نص كلمة مصر أمام اللجنة والتي ألقاها المستشار عمر مروان:
"اسمحوا لي بدايةَ أن أرحبَ بكم باسم الرئيسِ عبد الفتاح السيسي على أرضِ مصرَ ملتقى الحضارات وبوتقة الثقافات، وأن أنقلَ إليكم خالصَ تمنياتِه بأن تُكلل أعمال الدورة الحالية للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بالسداد ولما فيه صالح أبناء قارتنا الأفريقية.
السيدات والسادة،
من حسن الطالع، وفي وجود اللجنة الموقرة على أرض مصر، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات بالأمس نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وقد شارك فيه 44,4 % ممن لهم حق التصويت، ووافق عليها أغلبية المقترعين بنسبة 88,8%، وبموجب هذه التعديلات أصبح للمرأة المصرية نسبة تمثيل في مجلس النواب لا تقل عن 25%، وأيضاً هناك ضمان لحد أدنى من التمثيل المناسب لفئات أخرى هي ذوي الإعاقة والشباب والمسيحيين والمصريين بالخارج، وهذا يعكس الاهتمام بتعزيز حقوق الإنسان المصري، ويشكل إضافة جديدة لهذا الملف غير مسبوقة الذي يحتل مرتبة متقدمة في أولويات الحكومة المصرية، ولابد في هذا المقام من توجيه تحية تقدير للشعب المصري على ممارسته الحضارية في هذا الاستفتاء الذي يعتبر خطوة هامة على طريق بناء الدولة المدنية الحديثة التي يصبوا إليها المصريون.
السيدات والسادة،
إن تزامنَ استضافةِ هذا الحدثُ الرفيع مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي يُدللُ بصورة لا لبس فيها على حرص مصر وفخرها بانتمائها الأفريقي، باعتباره مكوناً رئيسياً للشخصية والثقافة المصريةَ، ومصدرَ إثراءٍ لتلك الثقافة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ.
كما يطيب لي الإعرابَ عن سعادتي لانعقاد اللجنة مجدداً في مصر.. فلقد مرت ثلاثون سنة كاملة منذ استضافت مصر الدورة الرابعة للجنة، وكما كانت مصر من أوائل الدول الأفريقية التي حرصت على دعم اللجنة الوليدة باعتبارها نموذجاً حياً يعبر عن الرغبة الأفريقية لحل المشكلات والارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان والشعوب الأفريقية، فإن حرصَ مصر على استضافة الدورة الرابعة والستين يجسد استمراَر دعمِها للجنة للنهوض بالأعباء الجسيمة الموكولة إليها في عالم متغير يموج بالمفاهيم المتضاربة والدخيلة على الثقافات الأفريقية، والتي يحاول البعض إقحامها على مجتمعاتنا وتصويرها بأنها ذات طابع عالمي، أو يستخدمها لتشجيع التطرف والعنف، لتبقى قارتُنا العظيمة منكفئةً على نفسها ولا تحقق ذاتها بالاستفادة من خيراتها وسواعد أبنائها التي تحمل أدوات البناء والتقدم.
وأود أن أنتهزَ هذه الفرصة لكى أدعوكم لاستغلال تواجدكم بشرم الشيخ مدينة السلام للتعرف على محافظة جنوب سيناء، والتمتع بطبيعتها الخلابة، والتي تحتفل غداً بذكرى تحريرها بدماء شهدائها الأبرار، ولمن لن تسنَح له الفرصة على هامش هذه الدورة للتمتع بأرض الفيروز كما نطلق عليها، فعليه النظر جدياً في العودة لمصر خلال أسابيع قليلة لمتابعة الحدث الرياضي الأبرز على مستوى القارة، والذي ستشرف مصر بتنظيمه، وهو كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم في الفترة من 21 يونيو إلي 19 يوليو 2019، وكل إفريقي مرحب به في مصر.
السيدات والسادة الحضور،
إن الحضارات الأفريقية بروافدها المتعددة والضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، يجب أن تكون مصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً. فلقد شهدت قارتنا نماذج لمراكز حضارية مضيئة في مختلف أنحاء القارة، تفاعلت وأثرت وتأثرت عبر تواصلها بالحضارات المحيطة، وكان لها إسهامها الملموس في التراث الإنساني المشترك.
إن قارتنَا الفتية جديرةُ بأن تستمر في تقديم إسهاماتها على الصعيد العالمي، لتعزيز المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، استناداً إلى مبادئ احترام التعددية والمساواة بين الشعوب والأعراق المختلفة. فالتشابك بين المفاهيم الحديثة لحقوق الإنسان لا يعني الانقطاع عن التقاليد والموروثات الأفريقية التي شكلت وجدان مجتمعاتنا، بل يجب السعي نحو تحقيق التوازن بين الحداثة والأصالة، دون إفراط أو تفريط، والحفاظ على مكونات الشخصية الأفريقية، بالتوازي مع العمل على التخلي عن أية ممارسات أو مفاهيم ضارة تعُوق التطور والنهوض بأوضاع حقوق الإنسان في أرجاء القارة.
فعلينا أن نعمل سوياً على إدماج مخرجات هذا التمازج في البنية المجتمعية الأفريقية، وصولاً إلي خلق مجتمعات صحية تصون للإنسان كرامته، وتحفظ له تراثه وتمايز شخصيته، وتكفل له مناخاً من حرية الفكر والمعتقد والتعبير، وتفتح أمامه آفاق المستقبل والتطور.
لقد وقف التاريخ شاهداً على ما عاناه الأفارقة والمنحدرين من أصول أفريقية في أزمنة سابقة من انتهاكات وتمييز ارتكبت ضدهم على أساس عرقي، إلى جانب استغلال ثرواتهم والتحكم في مقدراتهم على أرضية دعاوى مغرضة، تستند على منصات التعالي العرقي والحضاري. ولقد نجح العالم بإسهام وتضحيات العديد من أبناء أفريقيا والشرفاء من مختلف القارات والأعراق في طي تلك الصفحة المؤلمة من تاريخه، إلا أننا جميعاً علينا واجب التنبه والعمل سوياً لضمان عدم عودة العنصرية القبيحة مرة أخرى للساحة مرتدية قناعا جديدا، والتصدي بحسم للأصوات التي تستغل الظروف الاقتصادية والاجتماعية في بعض الدول لاستهداف الأقليات العرقية والمهاجرين واللاجئين، أو لإذكاء روح التعصب والكراهية والعنف ضدهم.
إن الخطابات العنصرية أضحت تمثل تهديداً عابرًا للحدود، يعمل مروجوه على استغلال التقدم التكنولوجي ووسائل الاتصالات الحديثة لبناء شبكات لتداول ونشر أفكارهم البالية والبغيضة، والتي تروج لسيادة ورفعة عرق على الأعراق الأخرى. ولكن لا يجب في عالم اليوم –تحت أية ذريعة - أن نتساهل مع العنصرية بكافة أشكالها، وعلى أفريقيا أن تكون في صدارة الجهود الرامية للقضاء على تلك الظاهرة.
السيدات والسادة الحضور،
لقد قطعت قارتُنا شوطاً واسعاً في مسار الارتقاء وتعزيز حقوق الإنسان، وكان لمؤسسات الاتحاد الأفريقي، ومن بينها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، دور داعم ومساند لجهود وتطلعات الحكومات والشعوب الأفريقية نحو ترسيخ احترام مفاهيم حقوق الإنسان، ومواصلة حشد الطاقات والإمكانيات اللازمة لوضع قضايا حقوق الإنسان في موقع متقدم علي أجندة عملنا.
وعلي الرغم من التقدم المحرز، لا تزال أفريقيا تعاني من تحديات في هذا الإطار، تستلزم علينا أن نثق في قدراتنا ونعمل سوياً على الإضافة إلى ما تحقق. وعلينا تبنى مقاربة شاملة لتطوير حقوق الإنسان في أفريقيا، تولي الاهتمام المتوازن للحقوق بكافة أبعادها المتشابكة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتماشى مع رؤية أفريقيا الطموحة لأجندة التنمية 2063.
ولا شك أنه على أفريقيا أن تأخذ زمام المبادرة في لفت الانتباه إلي محورية خلق مقاربة متوازنة تجاه التعاطي الدولي مع الحقوق المختلفة، فضلاً عن مجاراة التطورات التي يشهدها العالم وانعكاسها على مستوى التمتع بالحقوق المتوافق عليها عالمياً. فالمادة 15 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أقرت بحق كل فرد في أن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته، وأن تراعى الدول الأطراف في هذا العهد، التدابير التي تتطلبها صيانة العلم والثقافة، وأن تعمل على إنمائهما وإشاعتهما، وبيان الفوائد التي تُجنى من تشجيع وإنماء الاتصال والتعاون الدوليين في ميداني العلم والثقافة، وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن على النحو المرضي لطموحات أفريقيا، وأنتهز هذه الفرصة لكى أدعو اللجنة رسمياً باسم جمهورية مصر العربية وعلى سند من المادة 45 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لإجراء دراسة شاملة بشأن سبل تحقيق استفادة الدول والشعوب الأفريقية من التقدم العلمي والتكنولوجي على نحو ما جاء بالمادة 15 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والآثار المرتبطة بذلك على الحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق وغيرها من حقوق الإنسان، ورصد أبرز التحديات التي تحول دون تفعيل هذا الحق، والخروج بالتوصيات المناسبة في هذا الشأن.
إن رؤيتنا النابعة من أفكارنا هي حجر الزاوية لصياغة مصائرنا. فالقارة الأفريقية تزخر بالعقول الفتية والرؤى الوطنية الرشيدة القادرة على تبني سياسات تستثمر مواردها الهائلة، لتلبي تطلعات الشعوب في الرفاهية والحياة الكريمة بكافة مكونتها المادية والمعنوية. فعلينا العمل على تبادل الخبرات والاستفادة من أفضل الممارسات الوطنية، لبناء قدراتنا وتأهيل شبابنا وكوادرنا للمشاركة الفعالة في تحمل المسئولية، وهو التوجه الذي تسعى مصر إلى تعزيزه من خلال مؤتمرات الشباب الدورية التي تستضيفها، والتي تحرص على أن تكون المشاركة الأفريقية بها على أوسع نطاق. فتعزيز دور تلك المنصات الحوارية هو السبيل لإشراك الشباب في وضع استراتيجيات التحرك المستقبلي وصياغة السياسات، والتنسيق لمجابهة التحديات المشتركة التي نتعرض لها.
السيدات والسادة،
لقد حققت المرأة الأفريقية العديد من المكتسبات في مجالات كالتعليم والصحة والمشاركة السياسية، إلا أنها لا تزال تعاني من تحديات مختلفة في مجالات العمل والتوظيف، إلى جانب استمرار القوالب النمطية السلبية عند التعامل مع المرأة في عدد من المجتمعات، إضافة إلي الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد الضارة كختان الإناث والزواج المبكر، ومعاناة المرأة من الفقر والأمية، وتأثرها السلبي بالسياسات الاقتصادية التي لا تحقق المساواة الكاملة بين الجنسين، وعدم توفير الرعاية الصحية اللائقة، والتمثيل بالشكل الكافي في أجهزة اتخاذ القرار، فضلاً عن كونها من أكثر الفئات تضرراً من تدهور أوضاع السلم والأمن في مناطق عدة، بما في ذلك الأنماط الجديدة للتهديدات الأمنية غير التقليدية كالإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار في الأفراد، الأمر الذي يستدعى تكثيف الجهود لمواجهة هذه التحديات، والحفاظ على الإنجازات التي تحققت علي مدار السنوات الأخيرة، واستكمال المسيرة لتحقيق المزيد، من خلال جهد صادق وحثيث وخطوات عملية.
ولطالما حرصت الحكومة المصرية على إيلاء موضوعات حقوق الإنسان أولوية متقدمة على أجندة العمل الوطني، ومن أهمها تعزيز وحماية حقوق المرأة وتمكينها في مختلف المجالات، إيماناً منها بأن التنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق دون مشاركة إيجابية فاعلة وقوية من جانب المرأة، وأن قضية المرأة هي قضية المجتمع ككل، وليست قضية فئة أو شريحة معينة.
السيدات والسادة،
لقد كانت مصر خلال السنوات الأخيرة مسرحاً لثورتين شعبيتين عظيمتين حولتا المشهد السياسي فيها، وكان الشعب هو القوة الدافعة وراء هاتين الثورتين، وتعمل الحكومة على تلبية نداء الشعب من خلال دستور يضع في مادته الخامسة حقوق الإنسان ضمن الأسس الرئيسية التي يقوم عليها النظام السياسي للدولة، وينص علي أن التمييز والحض علي الكراهية جرائم غير خاضعة للتقادم، ويلزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية، ويؤكد أن العلاقة بين الفرد والدولة تقوم علي المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص، وينص علي ضمان الحق في التجمع السلمي، والحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الأهلية، وحرية المعتقد وحرية الفكر والرأي، والإبداع الفني والأدبي، والصحافة والطباعة، وغيرها من الحقوق والحريات غير المسبوقة في الدساتير المصرية السابقة.
وانطلاقا من قناعة ذاتية بمحورية حقوق الإنسان كمكون هام في استراتيجية التنمية الوطنية الشاملة، فإننا في مصر في سباق مع الزمن لتحقيق التطوير الذي ننشده لأنفسنا، ونعمل في سبيل ذلك على أكثر من محور لترقية المنظومة الوطنية لحقوق الإنسان، بمكوناتها الحكومية وغير الحكومية، مؤسسياً وبشرياً، بالتوازي مع تطوير السياسات والأداء على كل المستويات، وتوفير آليات التصحيح الذاتي والانتصاف الوطنية الفعالة ونشر ثقافة حقوق الإنسان وإدماجها في المناهج التعليمية.
إن الهدف الأسمى لهذه الإصلاحات هو بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة يتمتع فيها المصريون بكافة الحقوق والحريات الأساسية، ويتجهون نحو ما يستحقونه من مستقبل أفضل. وفي هذا الإطار، صدر في نوفمبر الماضي قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2396 بإنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، ليعكس إدراكاً بأهمية وجود كيان حكومي دائم يعنى بالأساس بوضع استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان ومتابعة تنفيذها، وببناء القدرات البشرية المتخصصة، وضمان الالتزام بالتعهدات الدولية ذات الصلة. والحكومة المصرية عازمة على توفير كافة الموارد اللازمة لتفعيل دور تلك اللجنة، والعمل على ضمان استمرارية ومؤسسية الجهود الحكومية الرامية لتعزيز ملف حقوق الإنسان.
ولم يغفل المشرع المصري حقوق ذوي الإعاقة، حيث اعتمد مجلس النواب القانون الخاص بالمجلس القومي لذوى الإعاقة بما يسمح للمجلس بممارسة صلاحياته والعمل على الارتقاء بأوضاع تلك الفئة العزيزة من أبناء المجتمع.. وأعلن هنا أمامكم أن مصر بصدد الانتهاء قريباً من إجراءات الانضمام إلى البروتوكول الملحق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الخاص بحقوق ذوى الإعاقة.
لقد سعت مصر لوضع الأطر التشريعية ورسم السياسات التنفيذية لتعزيز تمتع المصريين بحقوقهم الأساسية في التعليم والصحة والسكن اللائق، حيث أطلق رئيس الجمهورية مبادرة للكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم بين أطفال المدارس، وتوفير العلاج للمصابين بالمجان، وتستهدف المبادرة ما يقرب من 12 مليون طفل بمختلف أنحاء الجمهورية، فضلاً عن مبادرة "مائة مليون صحة" المعنية بالكشف عن المصابين بمرض الالتهاب الكبدي الوبائي "فيروس سي" والأمراض غير السارية، والتي نجحت حتى الآن في فحص ما يقرب من 40 مليون مواطن.
كما تمت إتاحة هذه الخدمة الاستثنائية للأجانب المقيمين في مصر، بما في ذلك اللاجئين. وتتجه النية للاستفادة من تلك التجربة وتعميمها على المستوى الأفريقي، في إطار التعاون الفني، والذي يشمل إيفاد أطباء مصريين إلي الدول الأفريقية، وتقديم المساعدة الفنية للأطباء والممرضين بالدول الأفريقية المختلفة في مجالات الكشف والتشخيص، وإنشاء قواعد البيانات الخاصة بالمصابين.
كما تبنت مصر سياسة شاملة تهدف إلى توفير نظام تعليمي وتدريبي عالي الجودة ومتاح للجميع دون تمييز، في إطار مؤسسي فعال وعادل ومستدام ومرن، يوفر المهارات اللازمة للطلاب والمتدربين ويحفزهم على التفكير الإبداعي للإسهام في بناء مواطن مبدع ومسؤول، مؤهل وقادر على القيادة المنافسة، ويدرك تاريخه وثقافته، ويقبل التنوع والاختلاف.
من ناحية أخرى، تم تدشين برامج متعددة لتمكين المواطنين بمختلف خلفياتهم الاجتماعية وقدراتهم المالية على التمتع بالحق في السكن اللائق، بما في ذلك إجلاء سكان المناطق العشوائية الخطرة كأولوية قصوى، وتطوير القائمة منها، والعمل على إنشاء مدن حديثة وذكية صديقة للبيئة، تتمتع بالمعايير العالمية من حيث توفير البنى التحتية والخدمات الأساسية الراقية.
كما تضافرت الجهود الوطنية لتوفير حزمة من برامج ومبادرات الحماية الاجتماعية والرعاية المتكاملة والتمكين الاقتصادي للمواطنين دون تمييز، بالتنسيق مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، حيث اعتمدت وزارة التضامن الاجتماعي استراتيجية تهدف إلى تأمين حد أدنى للدخل في شكل دعم نقدي للفئات المستحقة من الأسر الفقيرة والمسنين وذوي الإعاقة والأيتام والعاطلين عن العمل عبر برنامج تكافل وكرامة الذي يخدم ما يقارب من 10 مليون مواطن، فضلاً عن الحماية التأمينية للعاملين، وتأهيل وتدريب الشباب، والتوسع في عمليات الإقراض متناهي الصغر لإقامة المشروعات الصغيرة كآلية فعالة لمواجهة ظاهرة البطالة، وتحفيز القطاعين الأهلي والخاص لدعم المشروعات الصغيرة والمشروعات كثيفة العمالة.
ولا يفوتني أن ألفت النظر إلى التقدم الكبير الذي شهدته مصر على صعيد كفالة واحترام الحق في حرية الدين والمُعتقد، حيث دعا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تحديث الخطاب الديني ونبذ التطرف والغلو في الدين ومواجهة دعاوى الكراهية والعنف، وتم بناء أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط، جنباً إلى جنب مع مسجد العاصمة الإدارية الجديدة. ويأتي ذلك انعكاساً لطبيعة الشخصية المصرية عبر تاريخها الممتد، والتي نجحت دوماً في نبذ الدعاوى المتطرفة، وإعلاء قيم التسامح وقبول التعددية والتنوع، فكان هذا الميراث الحضاري هو شبكة الأمان التي حمت مصر على الدوام من السقوط فريسة للتطرف والفكر الهدام، ووحد شعبها في مكافحة خطر الإرهاب الداهم.
الحضور الكريم،
إن الحديث عن أفريقيا ترادف عبر عقود طويلة مع صور الفقر والمعاناة والنزاعات والحروب. وعلينا العمل سوياً لإبدال تلك الصور الذهنية السلبية بأخرى إيجابية تعبر عن الأمل والسلام والتنمية، وتبشر بتفجير الطاقات الكامنة. فشعوبنا تستحق الأفضل. وتحقيق ذلك يتطلب الجهد الصادق والتكاتف والتعاون من خلال تحقيق مبادرة إسكات البنادق بحلول عام 2020، واتفاقية التجارة الأفريقية الحرة، وأجندة 2063 للتنمية، فهذه كلها أطر فعالة للعمل القاري المشترك، وستتكامل تلك الأطر مع العرق والجهد لرسم صورة أفريقيا المستقبل، المزدهرة والفخورة بأبنائها الذين يعيشون في مجتمعات تصون كرامة الإنسان الأفريقي، وتكفل له التمتع بكامل حقوقه. إن تلك الرؤية المتفائلة ليس من درب الخيال، فلدينا جميع القدرات والمؤهلات لتحقيقها.
وفي ختام كلمتي أؤكد لكم أن مصر لن تألو جهداً في التنسيق مع أشقائها في القارة لمساندة كافة المبادرات الرامية لتحقيق هذه الأهداف النبيلة، ولدفع أجندة حقوق الإنسان على المستوى القاري، سواء خلال الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي أو عقب ذلك. وستعمل مصر بدأب مع أشقائها لتعزيز تبادل الخبرات والتعاون، بهدف تعظيم الاستفادة وتكامل الجهود من أجل رفعة ورفاهية أفريقيا، وتعزيز كرامة الإنسان الإفريقي، وإنا لقادرون.. مرة أخري أجدد الترحيب بكم في مصر، وشكرا على حسن الاستماع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.