درجات حرارة مرتفعة حتى آخر يوم بعيد الأضحى والقاهرة 37    رفع درجة الاستعداد القصوى ومتابعة محطات المياه خلال أيام العيد فى سوهاج    البنك المركزي وضرورة تطوير منظومة إدارة الاحتياطي النقدي    رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني: مقترح ويتكوف منحاز بشكل فاضح ضد حماس    مواعيد مواجهات العين الإماراتي في كأس العالم للأندية 2025    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    «الذبح مجانا».. انتظام العمل بمجازر البحر الأحمر في أول أيام عيد الأضحى    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    أيمن بهجت قمر يعلق على انضمام زيزو للنادي الأهلي "زيزو في الأهلي"    النجم العالمى جيمى فوكس يشارك في إنتاج فيلم happy birthday ل نيللى كريم    محافظ الإسماعيلية يتفقد المجمع الطبى بحى ثالث فى أول أيام عيد الأضحى    القناة 12 العبرية: مقتل جندي إسرائيلي في مواجهات بجنوب غزة    في ليلة العيد.. "المشروع X" يتربع على المركز الأول في شباك التذاكر    زيزو رقم 14.. ماذا قدم نجوم الزمالك بعد انتقالهم ل الأهلي؟    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    عيد الأضحى في حديقة الأزهر.. 15 صورة توثق بهجة العائلات والأطفال    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"هنقعد فيها إزاي بعد اللي شفناه".. مصراوي مع متضرري تفجير الدرب الأحمر (معايشة)
نشر في مصراوي يوم 19 - 02 - 2019

15 دقيقة من الظلام التام، قطعها صوت ضعيف من زوجة طارق نظيف، تناديه بلهفة "أنت فيك حاجة؟"، يتحسس الأب الخمسيني جسده، وموضع قلبه في الصدر، تعلو الضربات حتى تصم أذنه أكثر من الانفجار الواقع على بعد أمتار قليلة، يلتقط أنفاسه ويفتح عينيه فلا يري إلا أشلاء، وزجاج محله الذي تفتت قطعا صغيرة.
مساء الأمس، فجر انتحاري نفسه في حارة "الدرديري" بمنطقة الدرب الأحمر، بعدما تتبعه رجال الشرطة محاولين الإمساك به، ما أسفر عن وقوع 3 شهداء و5 مصابين.
أكثر من 17 ساعة مرت على الحادث، غير أن بعض ساكني المنطقة مازالوا يلملمون ما تضرر من شققهم، فيما يطأطأ أصحاب المحلات رؤوسهم حزنا على المشهد المأساوي وما فقدوه.
أسفل العقار الذي شهد حدوث الواقعة بجانبه، وضعت أم شروق يدها فوق رأسها، ترد بانفعال تارة على أسئلة الفضوليين وتنظر بعين زائغة تارة أخرى لبيتها المتهشم واجهته "بتوع الآثار جم الصبح يحسسوا على الحيطان عشان يعرفوا الضرر، طب والبني آدمين مش مهم؟".
وقت وقوع الحادث لم تفهم الأم الثلاثينية ما يحدث، جرت ابنتها وخرجت من البيت "بقى الدهان بتاع الحيطة يقع علينا"، ظنت أنها ستموت أسفل المنزل "رجلنا مش حاسة بالأرض"، تشير لمدخل البيت "من قوة التفجير البلاعة ضربت وبهدلت الدنيا".
خرجت السيدة فلم تر شيئا، سمعت فقط صراخ أهل المنزل في الداخل، وابتعدت بأقصى استطاعتها، قضت الليلة في الخارج، فبينما ذهب أهالي المنزل المكون من سبع شقق إلى أقاربهم "أنا قلت مش ماشية إلا أما أعرف هييجي حقي ولا لا"، يحتد صوتها إذ تقول "البيت معظمه أرامل ومطلقات وكبار سن ملهمش سكن غيره، الإرهابي راح مطرح ما راح المفروض الحكومة تشوفنا إحنا".
عقب التقاط أنفاسهم، أدلى سكان المنطقة بأقوالهم، فيما قدمت أم شروق محضر في قسم شرطة الدرب الأحمر، في ذلك الوقت؛ كانت أم أدهم زوجة طارق نظيف تصرخ في ابنتها عبر الهاتف "متنزلوش فيه تفجير".
منذ عشرين عاما يعمل نظيف وزوجته جنبا لجنب في محل البقالة، هو مصدر رزقهم إذ يعاني الزوج من مرض القلب "أنا اللي بساعده عشان التعب بتاعه"، لوهلة اعتقدت الأم لأربعة أبناء أن شريك حياتها مات، ترجته مرارا عقب الحادث كي يعود للمنزل "كان هيجيله أزمة قلبية"، لكنه رفض.
بجانب ثلاجة رص نظيف أرففها قبل الحادث بدقائق، وقف صامتا، لا حديث على لسانه سوى الخسائر المادية "انا بشتري بالآجل، عليا في التلاجة دي بس 8000 جنيه"، ينظر لداخل المحل حيث اختلطت أكياس مسحوق الغسيل بالمياه الغازية "المحل اللي كنّا بناكل منه ضاع".
قبل ساعة من التفجير الإرهابي الذي وقع في التاسعة والنصف مساء أمس، غادر خالد محمد حسن، محام مكتبه برفقة بعض أصدقائه بعد انتهاء العمل متوجها لمنزله.
وبعد نحو ساعتين، تلقى المحام اتصالا هاتفيا بصوت مرتعب من ابنته 23 سنة "الحقني.. حصل انفجار قدام المكتب" فهرول الأب من فوره إلى مكتبه، حيث يقع في الطابق الأرضي لعقار فجر أمامه الإرهابي عبوة ناسفة أدت لمقتله واستشهاد أميني شرطة وضابط.
أمام كردون أمني فرضته قوات الشرطة حول منزله المجاور لمنزل الإرهابي الحسن عبدالله، احتضن المحامي ابنته شاكرا الله لنجاتها من الانفجار أثناء شراءها الطعام بالخارج، والذي تسبب في تهدم واجهة العقار وسقوط بابه وجزء من بلكونة بالطابق الأول.
صباح الثلاثاء، سمحت قوات الأمن للأهالي الذين تم إخلاءهم لحين تأمين المنازل بالعودة؛ مع أولى خطواته بالمكتب أصيب خالد بالحسرة جراء الخسائر التي لحقت به، باب محطم، وزجاج متناثر على أوراق قضاياه، شروخ في حوائط المكتب، بالإضافة للتلفيات بالمكتب الخشبي و"أنتريه" متهالك من أثر الانفجار.
يرى المحامي أن إعادة مكتبه لما كان عليه بالإضافة لترميم العقار قد تكلفه أكثر من 100 ألف جنيه، ولذا فقد حرر محضرا حمل رقم 352 لسنة 2019 إداري الدرب الأحمر، طالب فيه بمعاينة شقته لتعويضه عن التلفيات.
بملامح تملؤها الحسرة، وقف عبده إبراهيم وبجواره زوجته لا تلتفت عينه عن ثلاث محلات "بقالة تموينية" يملكها بحارة درديري تضررت كليا من الانفجار الذي تسبب في تهدم جزئي للعقار.
قال عبده في حديثه لمصراوي، إنه في السابعة مساء الإثنين أغلق المحلات الثلاث -محل للبيع ومخزنين- متوجها إلى منزله بعد عناء طويل، لكن لم تمر عدة ساعات حتى عاد مرة أخرى بعد علمه بالانفجار من أحد الجيران.
أحد المحلات سقط بابه جزئيا لقربه من الانفجار، وبالداخل تراكمت البضائع على الأرض فوق بعضها أتلفت الزيوت البقوليات بالداخل، كما عثر على جهازي صرف تموين تالفين تماما. وفدر قيمة التلفيات ب100 ألف جنيه.
في المقابل، لا يعلم هشام عوض بعد نسبة الخسائر التي تكبدها، إذ يمتلك صاحب الست وثلاثين عاما محل حلاقة مواجه للمنزل الذي خرج منه الانتحاري، وفي نفس المحل علق عوض كاميرا المراقبة التي سجلت مقطع تفجير الإرهابي نفسه.
"وقت التفجير كنت مشيت، لقيت الصنايعي بيكلمني أرجع"، شاهد صاحب المكان محله وقد انقلب رأسا على عقب، تذكر بحسرة كيف جدده "بالعافية" منذ سنوات قليلة ليكون أجمل "التجديد بس كلفني 25 الف جنيه ولسة مقيمتش بقية الحاجات".
الضرر ليس ماديا فقط، فربما ستتعافى مصالح أهل المنطقة فيما بعد، لكن ساعات الفزع سيختبرها السكان لفترة طويلة، كما يحدث مع وفاء صبحي صاحبة الستين عاما.
قدم وفاء لم تحملها منذ الصباح لتصعد لشقتها الواقعة على بعد 20 مترا من الحادث، فبالأمس سقط جسدها أرضا بسبب قوة الانفجار، لم تدر السيدة بنفسها إلا وهي تهرول كالبقية، لا سيما بعدما أخلت قوات الشرطة المنطقة تحسبا لوجود مفرقعات أخرى في شقة الانتحاري.
مع السادسة صباحا، سمحت الشرطة للسكان بالصعود، لكن وفاء ظلت جالسة أمام المنزل، لم يجبرها شيء على الصعود إلا احتياجها لدواء السكر "طلعوا معايا أمين شرطة"، أما دون ذلك، فمازالت نفسها لا تطاوعها على البقاء في الشقة "مش هعرف أنام فيها دلوقتي".
لكن يونس محفوظ لم يستطع مقاومة التعب، هم صاحب الخمسة وعشرين عاما بصعود الشقة التي أجرها رفقة خمس أصدقاء ليسكنوا بها في القاهرة، بعدما تركوا محافظة المنيا بحثا عن الرزق.
دقائق قليلة فصلت محفوظ عن الموت، يبعد منزله حوالي 30 مترا عن التفجير "وأنا على باب البيت القنبلة ضربت وكنت لسة معدي من هناك"، مر الشاب الصعيدي بأسوأ ليلة في حياته، لم تنته عند بقاءه خارج المنزل بل وتضررت الشقة أيضا "الخشب بتاع الشقة وقع كله اتبهدل، احنا مأجرين الشقة بالعافية بألف وميتين ودافعين خلو رجل زيهم".
مازال قلب ابن المنيا يرتجف حين يتذكر جثة الإرهابي التي وضعها رجال الشرطة أمام منزله، اتفق مع أصدقائه على البحث عن سكن آخر رغم عملهم كصنايعية في محلات القماش "إن شالله نعيش في الشارع، هنقعد فيها ازاي بعد اللي شفناه امبارح؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.