اللجنة العامة رقم 1 بجنوب سيناء تعلن نتائج الحصر العددي لأصوات الناخبين    بالأرقام.. الحصر العددي للأصوات بالدائرة الثالثة بمحافظة الإسماعيلية    السوبرانو أميرة سليم تقدم أنشودة إيزيس بمهرجان صدى الأهرامات    من كوريا وقطر وسلطنة عمان.. تكريم ثلاثة قامات مسرحية في افتتاح مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    ترامب: «خطة ال28» للسلام في أوكرانيا «مجرد خريطة»    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    21 مرشحا بينهم رضا عبد السلام، إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين باللجنة 46 في المنصورة    الأجور في قانون العمل.. منظومة أكثر شفافية لحماية العامل وترسيخ العدالة    طيران الاحتلال يقصف خان يونس ويواصل عمليات نسف المباني في غزة    تكريم 6 نجوم من مصر في مهرجان ضيافة السينمائي الدولي (فيديو)    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    ننشر المؤشرات الأولية لفرز لجان السويس في انتخابات مجلس النواب    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 4 مرشحين بدائرة شبين الكوم في المنوفية    جدل بعد تداول محضر يظهر تطابق 4 مرشحين بالدائرة الأولى بالشرقية    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    الفيوم تحتضن مهرجان البيئة وجامعة الفيوم تشارك بفاعلية في الحدث    وعكة صحية تُدخل والدة رضا البحراوى المستشفى    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأخيرة تعتبر الأسوأ في تاريخ مدربي منتخب مصر    السيد القصير في أول اجتماع لأمانة الجيزة: نشكر اللواء الدالي.. ونؤكد الدعم الكامل لمرشحي الحزب    «كارثة طبيعية» الحلقة 9.. محمد سلام يقرر بيع كليته لمساعدة أولاده    أخبار نصف الليل| قناة السويس تستعيد أسطول «ميرسك».. وارتفاع أسعار الذهب    ثقف نفسك | الأرض تغضب وتثور.. ما هو البركان وكيف يحدث ؟    مجلس الأمن والدفاع السوداني: فتح المعابر وتسهيل دخول المساعدات    خبير مناخ: استمطار إسرائيل للسحب يؤثر على نهر العاصي    محمد صبحي: والدي أوصى بسقوطي في معهد الفنون.. وطردني    محمد علي السيد يكتب:.. تك.. هأ هأ    عاجل.. قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    خمسة لطفلك | كيف تكتشفين العدوى الفيروسية مبكرًا؟    محمد صبحي يكشف تفاصيل إصابته ب«الوسواس القهري»    دراسة تكشف عن 3 مخاطر من إيقاف أدوية إنقاص الوزن قبل الحمل    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    ضبط مدير مبيعات وطالب جامعي يديران مركزًا طبيًا غير مرخص في بولاق الدكرور    مصرع طفل دهسه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالعياط    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بيان رسمي.. الاتحاد السكندري: لم ننسحب من نهائي مرتبط السلة    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بحدائق أكتوبر    كريم الدبيس: أي حد أفضل من كولر بالنسبالى.. وجالى عرضين رسميين للاحتراف    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    بالأرقام.. مؤشرات اللجنة الفرعية رقم 44 بدائرة المطرية محافظة القاهرة    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو يبدأ تنفيذ حكم بالسجن 27 عاما بتهمة التخطيط لانقلاب    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    بمشاركة مرموش.. السيتي يخسر على ملعبه أمام ليفركوزن في دوري الأبطال    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    مواجهة نارية في دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وتشيلسي لايف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"هنقعد فيها إزاي بعد اللي شفناه".. مصراوي مع متضرري تفجير الدرب الأحمر (معايشة)
نشر في مصراوي يوم 19 - 02 - 2019

15 دقيقة من الظلام التام، قطعها صوت ضعيف من زوجة طارق نظيف، تناديه بلهفة "أنت فيك حاجة؟"، يتحسس الأب الخمسيني جسده، وموضع قلبه في الصدر، تعلو الضربات حتى تصم أذنه أكثر من الانفجار الواقع على بعد أمتار قليلة، يلتقط أنفاسه ويفتح عينيه فلا يري إلا أشلاء، وزجاج محله الذي تفتت قطعا صغيرة.
مساء الأمس، فجر انتحاري نفسه في حارة "الدرديري" بمنطقة الدرب الأحمر، بعدما تتبعه رجال الشرطة محاولين الإمساك به، ما أسفر عن وقوع 3 شهداء و5 مصابين.
أكثر من 17 ساعة مرت على الحادث، غير أن بعض ساكني المنطقة مازالوا يلملمون ما تضرر من شققهم، فيما يطأطأ أصحاب المحلات رؤوسهم حزنا على المشهد المأساوي وما فقدوه.
أسفل العقار الذي شهد حدوث الواقعة بجانبه، وضعت أم شروق يدها فوق رأسها، ترد بانفعال تارة على أسئلة الفضوليين وتنظر بعين زائغة تارة أخرى لبيتها المتهشم واجهته "بتوع الآثار جم الصبح يحسسوا على الحيطان عشان يعرفوا الضرر، طب والبني آدمين مش مهم؟".
وقت وقوع الحادث لم تفهم الأم الثلاثينية ما يحدث، جرت ابنتها وخرجت من البيت "بقى الدهان بتاع الحيطة يقع علينا"، ظنت أنها ستموت أسفل المنزل "رجلنا مش حاسة بالأرض"، تشير لمدخل البيت "من قوة التفجير البلاعة ضربت وبهدلت الدنيا".
خرجت السيدة فلم تر شيئا، سمعت فقط صراخ أهل المنزل في الداخل، وابتعدت بأقصى استطاعتها، قضت الليلة في الخارج، فبينما ذهب أهالي المنزل المكون من سبع شقق إلى أقاربهم "أنا قلت مش ماشية إلا أما أعرف هييجي حقي ولا لا"، يحتد صوتها إذ تقول "البيت معظمه أرامل ومطلقات وكبار سن ملهمش سكن غيره، الإرهابي راح مطرح ما راح المفروض الحكومة تشوفنا إحنا".
عقب التقاط أنفاسهم، أدلى سكان المنطقة بأقوالهم، فيما قدمت أم شروق محضر في قسم شرطة الدرب الأحمر، في ذلك الوقت؛ كانت أم أدهم زوجة طارق نظيف تصرخ في ابنتها عبر الهاتف "متنزلوش فيه تفجير".
منذ عشرين عاما يعمل نظيف وزوجته جنبا لجنب في محل البقالة، هو مصدر رزقهم إذ يعاني الزوج من مرض القلب "أنا اللي بساعده عشان التعب بتاعه"، لوهلة اعتقدت الأم لأربعة أبناء أن شريك حياتها مات، ترجته مرارا عقب الحادث كي يعود للمنزل "كان هيجيله أزمة قلبية"، لكنه رفض.
بجانب ثلاجة رص نظيف أرففها قبل الحادث بدقائق، وقف صامتا، لا حديث على لسانه سوى الخسائر المادية "انا بشتري بالآجل، عليا في التلاجة دي بس 8000 جنيه"، ينظر لداخل المحل حيث اختلطت أكياس مسحوق الغسيل بالمياه الغازية "المحل اللي كنّا بناكل منه ضاع".
قبل ساعة من التفجير الإرهابي الذي وقع في التاسعة والنصف مساء أمس، غادر خالد محمد حسن، محام مكتبه برفقة بعض أصدقائه بعد انتهاء العمل متوجها لمنزله.
وبعد نحو ساعتين، تلقى المحام اتصالا هاتفيا بصوت مرتعب من ابنته 23 سنة "الحقني.. حصل انفجار قدام المكتب" فهرول الأب من فوره إلى مكتبه، حيث يقع في الطابق الأرضي لعقار فجر أمامه الإرهابي عبوة ناسفة أدت لمقتله واستشهاد أميني شرطة وضابط.
أمام كردون أمني فرضته قوات الشرطة حول منزله المجاور لمنزل الإرهابي الحسن عبدالله، احتضن المحامي ابنته شاكرا الله لنجاتها من الانفجار أثناء شراءها الطعام بالخارج، والذي تسبب في تهدم واجهة العقار وسقوط بابه وجزء من بلكونة بالطابق الأول.
صباح الثلاثاء، سمحت قوات الأمن للأهالي الذين تم إخلاءهم لحين تأمين المنازل بالعودة؛ مع أولى خطواته بالمكتب أصيب خالد بالحسرة جراء الخسائر التي لحقت به، باب محطم، وزجاج متناثر على أوراق قضاياه، شروخ في حوائط المكتب، بالإضافة للتلفيات بالمكتب الخشبي و"أنتريه" متهالك من أثر الانفجار.
يرى المحامي أن إعادة مكتبه لما كان عليه بالإضافة لترميم العقار قد تكلفه أكثر من 100 ألف جنيه، ولذا فقد حرر محضرا حمل رقم 352 لسنة 2019 إداري الدرب الأحمر، طالب فيه بمعاينة شقته لتعويضه عن التلفيات.
بملامح تملؤها الحسرة، وقف عبده إبراهيم وبجواره زوجته لا تلتفت عينه عن ثلاث محلات "بقالة تموينية" يملكها بحارة درديري تضررت كليا من الانفجار الذي تسبب في تهدم جزئي للعقار.
قال عبده في حديثه لمصراوي، إنه في السابعة مساء الإثنين أغلق المحلات الثلاث -محل للبيع ومخزنين- متوجها إلى منزله بعد عناء طويل، لكن لم تمر عدة ساعات حتى عاد مرة أخرى بعد علمه بالانفجار من أحد الجيران.
أحد المحلات سقط بابه جزئيا لقربه من الانفجار، وبالداخل تراكمت البضائع على الأرض فوق بعضها أتلفت الزيوت البقوليات بالداخل، كما عثر على جهازي صرف تموين تالفين تماما. وفدر قيمة التلفيات ب100 ألف جنيه.
في المقابل، لا يعلم هشام عوض بعد نسبة الخسائر التي تكبدها، إذ يمتلك صاحب الست وثلاثين عاما محل حلاقة مواجه للمنزل الذي خرج منه الانتحاري، وفي نفس المحل علق عوض كاميرا المراقبة التي سجلت مقطع تفجير الإرهابي نفسه.
"وقت التفجير كنت مشيت، لقيت الصنايعي بيكلمني أرجع"، شاهد صاحب المكان محله وقد انقلب رأسا على عقب، تذكر بحسرة كيف جدده "بالعافية" منذ سنوات قليلة ليكون أجمل "التجديد بس كلفني 25 الف جنيه ولسة مقيمتش بقية الحاجات".
الضرر ليس ماديا فقط، فربما ستتعافى مصالح أهل المنطقة فيما بعد، لكن ساعات الفزع سيختبرها السكان لفترة طويلة، كما يحدث مع وفاء صبحي صاحبة الستين عاما.
قدم وفاء لم تحملها منذ الصباح لتصعد لشقتها الواقعة على بعد 20 مترا من الحادث، فبالأمس سقط جسدها أرضا بسبب قوة الانفجار، لم تدر السيدة بنفسها إلا وهي تهرول كالبقية، لا سيما بعدما أخلت قوات الشرطة المنطقة تحسبا لوجود مفرقعات أخرى في شقة الانتحاري.
مع السادسة صباحا، سمحت الشرطة للسكان بالصعود، لكن وفاء ظلت جالسة أمام المنزل، لم يجبرها شيء على الصعود إلا احتياجها لدواء السكر "طلعوا معايا أمين شرطة"، أما دون ذلك، فمازالت نفسها لا تطاوعها على البقاء في الشقة "مش هعرف أنام فيها دلوقتي".
لكن يونس محفوظ لم يستطع مقاومة التعب، هم صاحب الخمسة وعشرين عاما بصعود الشقة التي أجرها رفقة خمس أصدقاء ليسكنوا بها في القاهرة، بعدما تركوا محافظة المنيا بحثا عن الرزق.
دقائق قليلة فصلت محفوظ عن الموت، يبعد منزله حوالي 30 مترا عن التفجير "وأنا على باب البيت القنبلة ضربت وكنت لسة معدي من هناك"، مر الشاب الصعيدي بأسوأ ليلة في حياته، لم تنته عند بقاءه خارج المنزل بل وتضررت الشقة أيضا "الخشب بتاع الشقة وقع كله اتبهدل، احنا مأجرين الشقة بالعافية بألف وميتين ودافعين خلو رجل زيهم".
مازال قلب ابن المنيا يرتجف حين يتذكر جثة الإرهابي التي وضعها رجال الشرطة أمام منزله، اتفق مع أصدقائه على البحث عن سكن آخر رغم عملهم كصنايعية في محلات القماش "إن شالله نعيش في الشارع، هنقعد فيها ازاي بعد اللي شفناه امبارح؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.