ورد سؤال إلى مجمع البحوث الإسلامية يقول: "ما حكم استخدام أجزاء الميتة في الصناعات الغذائية ومستحضرات التجميل؟ "، أجابت عنه لجنة الفتوى بالمجمع، قائلة: أولا : اتفق الفقهاء على حرمة ونجاسة الحيوان المقدور عليه الذي لم يذك ، سواء كان طاهرا حال الحياة كبهيمة الأنعام ، أم نجسا كالخنزير ، وسواء مات حتف أنفه أم ذبح في غير موطن الذبح مع القدرة ، أم كان الذابح غير مسلم ولا كتابي ، واتفقوا كذلك على أنه ينجس من الميتة لحمها وشحمهما وودكها وغضروفها، والأصل في هذا قول الله تعالى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } . ثانيا : أن حرمة الميتة شاملة لكل أنواع الاستخدام فلا يحل أكلها ، ولا الادهان بها ، ولا الاتجار فيها بيعا وشراءً . أضافت لجنة الفتوى بالمجمع: أما حرمة أكلها فلقوله تعالى {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } . وأما حرمة التجارة فيها : فلما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله اليهود، حُرمت عليهم الشحومُ فباعوها وأكلوا أثمانَها، وإن الله عز وجل إذا حَّرم أكلَ شيءٍ حَرَّم ثمنَه" . وأما حرمة الادهان بها فلما روي عن وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ نَاسٌ , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ سَفِينَةً لَنَا انْكَسَرَتْ , وَإِنَّا وَجَدْنَا ناقَةً سَمِينَةً مَيْتَةً , فَأَرَدْنَا أَنَّ نَدْهُنَ بِهَا سَفِينَتَنَا , وَإِنَّمَا هِيَ عُودٌ , وَهِيَ عَلَى الْمَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَنْتَفِعُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْمَيْتَةِ» . ثالثا : أن التجمل وإن كان مطلوبا ما لم يتعد الحدود الشرعية إلا أنه لا يباح من أجله الحرام ، والدليل على هذا : عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» . فإذا نهى النبي عن التداوي بالحرام، والتداوي من قبيل الحاجيات، فلأن يحرم التجمل بالحرام من باب أولى لأنه من قبيل التحسينات . وأكدت لجنة الفتوى أنه بناء على ما سبق فإن الانتفاع بشئ من النجاسات ( أجزاء الحيوان غير المذبوح ) أمر محرم شرعا ما دامت هذه الأجزاء على حالها . فإن استحالت هذه الأجزاء إلى مواد أخرى بحيث لا يتبقى فيها خصائص المواد التي كانت عليها فإنه يحكم بطهارتها وإباحة استخدامها ؛ لما تقرر من أن الاستحالة من المطهرات على الراجح من أقوال الفقهاء .