«ماضيين إيصالات أمانة».. المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعلق على واقعة زفاف الشرقية    تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    خلال لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى.. وزير الخارجية يؤكد على ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية    سعر الذهب اليوم الخميس 12-6-2025 منتصف التعاملات في الصاغة محليًا وعالميًا    "الزراعة" تنفذ سلسلة من الأنشطة الإرشادية والتواصل الحقلي لدعم المزارعين بالمحافظات    سعر اليورو اليوم الخميس 12 يونيو 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    وزارة المالية: تخصيص أرض بالبحر الأحمر للوزارة لا يعنى بيعها بل تطويرها وجزء منها ضمانة لإصدار الصكوك.. الأرض ستظل تحت ملكية الدولة.. نستهدف تحسين الأوضاع وخلق حيز مالى لزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية    تداول 4 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة و228 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    استقرار أسعار أسواق الخضروات في الإسكندرية والبطاطس ب6.5 جنيه    كأس العالم للأندية.. 480 مليون دولار حصيلة 58 صفقة في الميركاتو الاستثنائي    «الوعي»: مصر حريصة على التوازن بين دفع القضية الفلسطينية وتنظيم الحركة على أراضيها    انقطاع كامل خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة    سوريا: مقتل شاب واعتقال 7 آخرين في توغل إسرائيلي بريف دمشق    موعد مباراة الأهلى ضد إنتر ميامى في افتتاح كأس العالم للأندية    مشوار سيراميكا والبنك الأهلى في كأس عاصمة مصر قبل مواجهة النهائى    الزمالك يكشف تفاصيل تكاليف سفر أحمد حمدى لألمانيا    نجم ريال مدريد على أعتاب ميلان    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني محافظة الجيزة.. رابط الاستعلام فور ظهورها    منطقة سوهاج تعلن عن أوائل الشهادة الابتدائية للعام الدراسى 2024/2025    القبض على منجد متهم بقتل جزار وإصابة نجله فى الفيوم    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص ب المنيا    «أمن المنافذ»: ضبط 12 قضية تهريب وهجرة غير شرعية خلال 24 ساعة    تحرير 273 محضرا لمخالفات بالمخابز البلدية والأسواق فى بنى سويف    النيابة تصرف عريس متلازمة داون وتطلب تحريات المباحث عن المأذون.. فيديو    بطولة تامر حسني.. إيرادات فيلم ريستارت تتجاوز 55 مليون جنيه في 15 يوم عرض (تفاصيل)    متحدث الوزراء: نتبع أعلى المعايير العالمية فى إدارة المتحف المصرى الكبير    عبد الرحيم كمال رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة ممدوح الليثي ب «الإسكندرية السينمائي»    وزير الثقافة يفتتح المعرض الاستعادي للفنان الراحل أشرف الحادي بعنوان «الفنان النبيل»    مجانًا.. قصور الثقافة تقدم العرض المسرحي هيموفيليا بالزقازيق    وزير الشباب يصل محافظة دمياط لتفقد عدد من المنشآت الرياضية    تقرير يكشف حقيقة مفاوضات النصر السعودي مع إيمري    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    سقوط جزئي لعقار خالٍ من السكان بمنطقة الجمرك في الإسكندرية    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    الرئيسان الكوري الجنوبي والفيتنامي يتفقان على تعزيز العلاقات الاقتصادية    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    إسرائيل تدّعي استعادة جثتي أسيرين من خان يونس    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    لجنة الإسكان بجامعة القاهرة: حصر الوحدات التجارية المباعة ولا مساس بحساب وديعة الصيانة    خطة ال1000 يوم.. الصحة تُطلق مبادرة التنمية السكانية تحت شعار بداية جديدة    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    الغفوة الصباحية بين الراحة الوهمية وتشويش دورة النوم.. ماذا يقول العلم؟    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    كمال الدين رضا يكتب: بطولة المليار دولار    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سائقو الكارو على كفّ عفريت: "نموت إحنا ويحيا الحمار"
نشر في مصراوي يوم 20 - 03 - 2018


تصوير – نادر نبيل
قبل أسبوعين؛ كان عيد مصطفى (سائق كارو) يمرّ في منطقة سور مجرى العيون بمصر القديمة يتلفت يمينًا وشمالًا أملاً في أن يناديه أحد المارة لينقل له حمولة مقابل جنيهات زهيدة يصرف منها على أسرته، قبل أن توقفه حَملة تابعة للحي، وتُحطم عربته الخشبية، ومصدر رزقه.
ويصف مصطفى البالغ من العمر (30 عامًا) بحزن ما حدث لعربته: "دخلوا بعربية نص نقل قدام الحصان، وخبطوا "الكارو" في سور الكوبري، ثم تحطمت"، قبل أن يٌنكس رأسه، وهو يتحدث ل"مصراوي".
و"عاصمة بلا كاور"؛ هو مشروع أعلن عنه عاطف عبد الحميد، محافظة القاهرة أواخر نوفمبر 2016 يهدف إلى التخلص من العربات التي تجرها الخيول أو الحمير أو البغال في الشوارع، وتقديم مساعدات مالية إلى أصحابها من أجل شراء مركبات مميكنة تحل بديلًا عنها.
"استحملت الضرب والتكسير، وعلى قد ما قدرت جريت"، هكذا رد مصطفى عيد على محاولات موظفي الحي لإبعاده بالقوة، وسحب عربته منه بعد تكسيرها، إلا أنه استمات في الدفاع عنها، ورفض تركها لهم، حسب قوله.
واستطاع صاحب العربة الكارو بمساعدة من بعض شباب المنطقة إلى التمكن من أخذها والفرار منهم، مفسرًا تمسكه بالعربة بأن عددًا من أصدقائه دفعوا 5 آلاف جنيه كفالة للحي مقابل استردادها مرة آخرى: "المبلغ ده ثمن العربية أصلاً، والحصان بيودوه جنينة الحيوانات".
ويعيش الزوج برفقة زوجته؛ وطفلتيه، في عشة مسقُوفة بالخشب بأحد الحواري عند سور مجرى العيون، ويتخللها جوانبها فواصل تسمح بمرور الأمطار والأتربة.
ويعمل عيد "أرزقي" يجوب ثلاث مناطق هي المنيل وفيصل والهرم، بحيث يقوم بتحميل مخالفات البناء، ويقول بنبرة العائل: "عاوز أطعم اللي ورايا، وأخلي البيت مستور".
تعتبر عربات الكارو مصدر دخل للآلاف من الأسر الفقيرة، إلا أن المسؤولين ببعض المحافظات قد قاموا بعدة محاولات فاشلة لمنعها على مدار الأعوام الماضية.
وفي محافظة القاهرة وحدها حوالي 1718 عربة كارو انخفضت بنسبة 25% منذ بدء تطبيق حظر سيرها في الشوارع، بحسب تصريحات سابقة للمحافظ.
وسبق القرار محاولات عدة للمنع أو الحد من تواجد العربات الكارو في الشوارع منذ عام 1973، وتكررت خلال أعوام؛ "1987 و1999 و2006"، ولا تتوقف الحملات الأمنية عن مطاردتهم بين الحين والآخر، وفي عام 2010 قامت حملة أمنية بمطاردة في شوارع القاهرة.
ومن جهتها؛ ذكرت الحكومة سببين يدفعها إلى منع العربات التي تجرها حيوانات، وهما: "عرقلة سير المرور لبطئها، واحتمال تسببها في حوادث، وتأثير وجودها بالسلب على صورة مصر بشكل يعطي انطباع بانعدام النظافة والنظام".
ويقول "عيد" الذي يعول أيضًا والده وشقيقته المطلقة وأطفالها الثلاثة، إن السيارة نصف نقل التي يريد الحي تقسيطها لنا لا تتناسب مع طبيعة العمل: "هتكون تكلفتها ضخمة ومقابل عائد محدود لن يغطي نفقات السيارة".
ويضيف: "بخلاف أن السيارات النقل والنص نقل تعمل ليلاً، "هيقولي اشتغل بالليل لأن النقل كله بالليل، وأنا أرزقي على باب الله بطلع الصبح وبروح أدور على الجنيه وأجيبه".
وبعدما ابتعد "عيد" قليلاً عن أفراد الحي الذين يستهدفون تحطيم عربته، اتصل بوالده لينقذه: "أبويا جاب عربية شدينا الكارو، وهي متكسرة ووديناها للنجار"، يقول بغضب إنه دفع 1200 جنيهًا لتصليحها: و"اتحايلت على الراجل شوية فسابلي 100 جنيه بس".
متوسط دخل العربة 150 جنيهًا يحصل عليها في اليوم الواحد الذي يعمله، يدفع منها 50 جنيهًا لغذاء الحصان الذي يقول إنه "بياكل الصبح ب30 جنيهًا برسيم بس"، لافتًا إلى أنه قد يخرج في الصباح ويعود دون جنيه واحد: "بروح أقول لأي حد والنبي إديني 100 جنيه سلف عشان أجيب أكل للعيال والحصان"، مشيرًا إلى أن طبيعة عمله ليست ثابته، وأنه قد يعمل نصف الشهر والنصف الآخر لا يطلبه أحد.
"سيد حسين" (سائق عربة كارو – 40 عامًا) يعيش بمنطقة المدابغ بسور مجرى العيون، ويملك 4 عربات كارو، هم المصدر الرزق الوحيد لإطعام 4 أسر، كان قد ورثتهم عن والده، حسب قوله.
ولا يعارض "سيد" فكرة العاصمة بلا كارو، التي تنفذها محافظة القاهرة، لكنه يرغب في الحصول على بديل يحصل منه على قوت يومه لإطعام أبنائه الأربعة: "عاوز اللي يطور يديني بديل أعيش منه، يدفعلنا مقدم عربية نص نقل وأنا هكمل أقساطها بشرط إنها تتناسب مع دخلنا وياخد الكارو خالص".
لكن بحسب "سيد" فإن يومية عربة الكارو الواحدة تبلغ 80 جنيهًا، نصفهم يذهب لغذاء الحصان الذي يجرها: "الحصان بيت لوحده، وممكن يقف مكانه ياكل وخلاص لو مفيش شغل"، يصمت قليلاً ويقول إنهم يرضون بالقليل الذي يحصلون عليه: "أحسن عربجي لو معاه 100 جنيه في اليوم بيبقى مبسوط".
وتعتمد مبادرة المحافظ على تحفيز سائقي الكارو لشراء العربات المميكنة، من العربات التي يجرها الموتوسيكل، وصولاً إلى عربات النقل، وعن طريق مدهم بقروض ميسرة يتم سدادها على فترة طويلة، بشرط أن يسلموا عرباتهم الكارو.
وقال محافظ القاهرة، إنه جاري دراسة مشاركة صندوق التضامن الاجتماعي والاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية في تمويل المبادرة.
ويعمل سيد في نقل الجلود بين مدابغ مجرى العيون، ويقول: "إنه سمع عن القرار منذ 5 أشهر، وقتها توجه إلى حي مصر القديمة لتوفيق أوضاعه خشية تكسير عرباته مثلمًا حدث مع زملائه "رحت عشان أتصرف معاهم بس مخدتش منهم لا حق ولا باطل".
ويشكو الرجل الأربعيني من ضيق الحال، بنبرة حزينة: "بقينا على كف عفريت، حاطين إيدينا على قلبنا أحسن يكسرولنا الكارو بتاعنا".
مثل "سيد"، يقول "خليل عبد الرازق" إنه يرحب بتبديل عربته الكارو بعربة مميكنة شريطة أن تساعده المحافظة لأنه لا يملك ثمنها "خدها بس إديني بديل أكل منه عيش أنا وعيالي".
لدى "خليل" ابنين أحدهما يدرس بالجامعة والآخر بالمرحلة الإعدادية، ويملك 3 عربات "كارو" مسؤولين عن 3 منازل. ويقول إنه قبل ذلك، تعرضت 2 منهم للتكسير من قبل أفراد الحي: "روحت أستلفت فلوس من ناس وعملت عربية كارو تاني عشان أشتغل وأجيب قرش لعيالي".
"هي الحكومة عايزة مننا إيه، يعني كل مشاكل البلد سببها الكارو ولا هما مبيجوش غير على الغلبان" قالها مصطفى أحمد بغضب بينما يتصبب من وجهه العرق، وهو ينقل حمولة كبيرة من الجلود بين سيارة نقل وعربة كارو.
وبحسب "مصطفى" فإن سعر عربة الكارو يتراوح بين 3 آلاف جنيه و8 آلاف جنيه، حسب مواصفات العربة وقدرة تحميلها، ويتراوح سعر الحصان بين 3 إلى 5 آلاف جنيه.
ويعمل "مصطفى" بالأجرة على إحدى عربات الكارو لنقل الجلود بين مدابغ سور مجرى العيون، ويشكك الرجل الأربعيني الذي يعول طفليه بعد وفاة زوجته في جدوى مشروع "العاصمة بلا كارو" الذي يجري تنفيذه.
ويختم حديثه: "إحنا وارثين مهنة الكارو أبًا عن جد، وعاوزين نسترزق وناكل بالحلال، وإحنا مش حرامية عشان يكسرولنا عربياتنا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.