بعد دقائق من استقرار الهدف الثاني في شِباك الفريق الكونغولي ليضمن تأهل المنتخب المصري رسميًا إلى كأس العالم؛ نزل جمع من الناس إلى شارع جامعة الدول العربية بحي المهندسين بالجيزة. شباب يلتحفون بالعلم حول أجسادهم، وعائلات اصطحبت أبنائها وأحفادها، ليحتفلوا بهذه اللحظة. بين الجموع؛ جلست نادية قطب وحولها يتقافز أربعة من أحفادها سعادًة. دأبت السيدة الخمسينية على متابعة مباريات المنتخب الهامة، وما إن يفوز الفريق الوطني، تنزل من منزلها بميت عقبة إلى شارع جامعة الدول العربية للاحتفال. تتحمل قطب الأضواء الساطعة والألعاب النارية رغم أن عينيها تؤلمها، تفركها بينما تتذكر كيف انهمرت دموعها حُزنًا حينما خسر المنتخب كأس بطولة الأمم الإفريقية قبل أشهر. من حولها يتعالى صخب المحتفلين، فيما ترمُق الأعلام المرفرفة وتقول "مقدرتش أشتري واحد للعيال بسبب قِلة الفلوس، بس بقول إحنا بنحب الفرحة عشان كده نزلنا". حاولت السيدة الخمسينية إدخال البهجة على نفس أحفادها بأبسط التكاليف، فطلبت من رجل أن يرسم على وجوههم علم مصر، فما كان منه إلا الموافقة دون مُقابل مادي، ثم منح الحفيدة علم مجانًا "الفرحة حلوة وبتساع الكُل". لأول مرة، تشهد أسرة محمد محمد، المحاسب القانوني بمؤسسة الأهرام أجواء الاحتفالات في الشوارع. قبل المباراة بيوم استعدت زوجته وأنهت كل الأعمال المنزلية حتى تتمكن من مشاهدة المباراة مع باقي الأسرة المُكوّنة من ثلاثة أبناء، فيما استأذن الأب من عمله من أجل إجازة يوم المباراة. تحمّس الأطفال للحدث؛ اشتروا أعلام مصر، جّهزوا ملابس جديدة من أجل لحظة الاحتفال، والتي تبددت للحظة حينما أحرز الفريق الكونغولي هدف التعادل "حسينا إن كل حاجة راحت، لكن أول ما صلاح جاب ضربة الجزاء مكناش مصدقين نفسنا وعيّطنا من الفرحة". عام 2010؛ كانت آخر مرة يتواجد فيها سراج الدين عبد الوهاب وسط جمع كبير "من ساعة كأس الأمم مشاركتش في تجمعات"، لكن هذه المرة اختلف الأمر بالنسبة له، دّب الحماس داخل نفس الرجل الخمسيني، اصطحب اثنين من ابنائه وتحرك من منزله بأرض اللواء إلى الشارع الموجود بالجيزة. انخرطت الأسرة وسط الجموع، تهتف باسم مصر، يحمل الأب ابنائه على الأكتاف، بينما تنساب الأعلام من بين أياديهم الصغيرة، فيما يتابعون بدهشة الألعاب النارية الساطعة في السماء "وكإننا في كرنفال، عقبال ما نعمل ماتشات جامدة في كأس العالم".