أعلنت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، الأربعاء الماضي، انضمام فلسطين إلى الانتربول، وهي الخطوة التي رحبت بها قيادات السلطة الفلسطينية وحاولت إسرائيل منعها خشية مطالبة السلطة بمحاكمة قادة وسياسيون إسرائيليين. ووجه وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الشكر ل74 دولة صوتت لصالح هذه العضوية، وقال في بيان إن "التصويت الساحق" لصالح فلسطين هو انعكاس للثقة في قدرات فلسطين على إنفاذ القانون والالتزام بقيم المنظمة. وذكر المالكي أيضًا أن بلاده ستلتزم "بالوفاء بالتزاماتها والمساهمة في مكافحة الجريمة وتعزيز سيادة القانون على المستوى الدولي، وأنها ستعمل مع جميع الأعضاء للنهوض بمكانة ودور الإنتربول وستكون شريكا بناءً ومتعاوناً في هذا المسعى العالمي". وبحسب الموقع الرسمي للإنتربول، فإن هذا الجهاز الذي يتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقرًا له، يسعى إلى تسهيل التعاون الدولي بين أجهزة الشرطة على مستوى العالم حتى ولو كانت بعض البلدان لا تتعاون دبلوماسيًا مع بعضها البعض. ويحظر قانون المنظمة الأساسي أي تحرك أو نشاط ذي "طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عنصري". كما تمتلك المنظمة سبعة مكاتب إقليمية في العالم، ومكتب يمثلها لدى الأممالمتحدة في نيويورك وآخر يمثلها لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل. ولدى كل بلد من البلدان الأعضاء مكتب مركزي وطني يعمل "فيه موظفو إنفاذ قانون وطنيون على مستوى عال من الكفاءة والتدريب". وبعد انضمام فلسطين وجزر سليمان إلى المنظمة أصبح عدد الدول الأعضاء 192 دولة. انتصارات دبلوماسية متتالية بدأت الانتصارات الدبلوماسية الفلسطينية في السنوات الأخيرة مع إعلان منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة (اليونسكو) في أكتوبر من عام 2011، قبول فلسطين كعضو في المنظمة كدولة كاملة العضوية وسط اعتراضات إسرائيلية كبير. وفي نوفمبر من عام 2012، منحت الأممالمتحدةلفلسطين مكانة دولة بصفة مراقب وسط رفض إسرائيلي أمريكي. واستمرت الانتصارات بتبني اليونسكو قرارًا يحمي التراث الفلسطيني في القدسالمحتلة، وهو الإجراء الذي تبعه تقليص إسرائيلي لتمويلها للمنظمة الدولية، حيث عارضت القرار بشدة عقب تسمية القرار لأسماء المسجد الأقصى والحرم القدسي بدلا من تسميته بالاسم اليهودي "جبل الهيكل". ومع انضمام فلسطين للإنتربول، سيسمح لها باستصدار مذكرات اعتقال وتوقيف لأي مسئول سياسي وعسكري إسرائيلي في المستقبل. اعترضت إسرائيل على الانضمام الفلسطيني، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إن القرار يضر بشكل كبير بكل فرص تحقيق السلام. لكن بحسب الموقع الرسمي لمنظمة الإنتربول، لا يمكن إجبار أي دولة على تسليم محتجز لديها أو أحد المتواجدين على أراضيها بالرغم من صدور مذكرة اعتقال من الإنتربول بحقه. وبالتالي لو استصدرت السلطة الفلسطينية مذكرات اعتقال بحق إسرائيليين من المرجح ألا تسلمهم دولة الاحتلال. وفي هذا الشأن يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أحمد رفيق عوض، في تصريح الخميس لقناة سكاي نيوز عربية، إن إسرائيل لن تتعاون مع الإنتربول. وأضاف "هنا إسرائيل ستصبح برغم توقيعها على شروط المنظمة الدولية، دولة لا تلتزم بالقانون ولا تطيعه." كما اعتبر أن الانضمام هو انتصار حقيقي واعتراف دولي ويدل على أن المنظمات الدولية لم تعد تهتم بالضغوط الأمريكية أو الإسرائيلية. وتستطيع السلطة الفلسطينية بعد ذلك التحول من الطرف المُطارد إلى المطالبة بحقوقه وهو ما أشعل الغضب في صدور قادة إسرائيل، بحسب عوض. وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن من فوائد الانضمام للإنتربول هو أن العالم بات يتدخل بشكل أكبر في العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال: "لم نعد في هذه الثنائية المقيتة التي يفرض فيها الإسرائيلي ما يريد. الشعب الفلسطيني بعدما كان مطارد دائما سيكون بإمكانه تقديم شكواه". استهداف دحلان؟ تأتي الخطوة الهامة نحو الاعتراف بدولة فلسطين في كل المنظمات الدولية مع اقتراب الوصول إلى مصالحة فلسطينية برعاية مصرية وبمشاركة محمد دحلان الممنوع من دخول الضفة الغربية لخلافه مع الرئيس محمود عباس. وربما تكون خطوة الانضمام للإنتربول لا تستهدف الإسرائيليين بالأساس، حيث يقول مسئول فلسطيني بارز إن السلطة لا تحمل أي خطط لمقاضاة أي إسرائيليين عبر الإنتربول. وبحسب تصريحات المسؤول لوكالة أسوشيتد برس، الأربعاء، فإن الهدف من هذا الانضمام هو ملاحقة الجنائيين الذين ارتكبوا جرائم داخل فلسطين وهربوا. وأضاف أن أحد المستهدفين ربما يكون محمد دحلان، منافس الرئيس محمود عباس. ويعيش دحلان في الإمارات حاليًا مع صدور حكمًا غيابيًا ضده في جرائم فساد.