رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال مرور 20 عامًا على تأسيس مركز الإبراهيمية للإعلام    سفير مصر لدى أثينا: وفد رجال أعمال يونانى يزور مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية    وزير قطاع الأعمال العام يشهد افتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر الوزاري الأفريقي    مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية للفترة 2026 - 2027    الكرملين: بوتين يستقبل وفد المفاوضين الأمريكيين خلال أيام    علي ناصر محمد يفتح سجلات التاريخ اليمني: خلافات بالجبهة القومية أدت لإبعاد الشعبي عن الرئاسة    الأهلي يتعادل في سيناريو مثير أمام الجيش الملكي    مدرب الأهلي بعد التعادل أمام الجيش الملكي: راضي عن اللاعبين رغم طموحنا للفوز    تقارير إسبانية تكشف كارثة إدارة غرفة ملابس ريال مدريد    وزير الثقافة يتفقد موقع حريق ديكور مسلسل الكينج ويوجّه بمراجعة الشركات المنتجة    مصرع شخصين إثر سقوطهما من أحد القطارات بكفر الدوار    عمرو أديب ولميس الحديدي يحتفلان لنجلهما ب «قراءة الفاتحة» | صور    تعرف على الفائزين فى الحلقة الخامسة من برنامج دولة التلاوة    إنجازات "مبادرة المقبلين على الزواج "منذ انطلاقها فبراير 2023.. تكشفها وزارة الصحة    تحكيم دولة التلاوة للمتسابق خالد عطية: صوتك قوى وثابت وراسى    محمد إمام يطمئن الجمهور بعد حريق لوكيشن الكينج: جميع فريق العمل بخير والإصابات خفيفة    رؤية الرئيس لدور الدُعاة    10 آلاف كاش باك.. الأوراق المطلوبة وإجراءات استبدال التوك توك بالسيارة كيوت    وزير الصناعة والنقل يبحث جذب الإستثمارات مع 7 شركات بريطانية و مؤسسات عالمية    أكرم القصاص: دعم مصر لفلسطين لا يقبل التشكيك ومؤتمر عالمي لإعادة إعمار غزة    وزير قطاع الأعمال يلتقي وزيري الصناعة الصيدلانية والصحة الجزائريين لبحث توسيع آفاق التعاون الدوائي    3 مدن أقل من 10 درجات.. انخفاض كبير في درجات الحرارة غدا السبت    محمود بسيونى يكتب: جيل الجمهورية الجديدة    رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    لجنة تابعة للأمم المتحدة تحث إسرائيل على التحقيق في اتهامات تعذيب الفلسطينيين    الخارجية التركية تحدد أهداف إسرائيل في سوريا بعد هجومها المدمر على بيت جن    وزير الخارجية لنظيرته الفلسطينية: مصر ستظل داعما أساسيا للشعب الفلسطيني    علي ناصر محمد يكشف تفاصيل أزمة الجيش اليمنى الجنوبى وعفو قحطان الشعبى فى 1968    تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية بلصفورة بسوهاج    الولايات المتحدة تطالب لبنان بإعادة صاروخ لم ينفجر في اغتيال الطبطبائي    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    غدا، الحكم علي التيك توكر محمد عبد العاطي في قضية الفيديوهات الخادشة    المصري يحقق فوزا مثيرا على زيسكو الزمبي خارج الديار بالكونفيدرالية    مؤتمر يورتشيتش: مواجهة باور ديناموز لن تكون سهلة.. وبيراميدز في موقف رائع للغاية حاليا    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    محافظ الجيزة: السيطرة الكاملة على حريق استوديو مصر دون خسائر في الأرواح    فحص 20 مليون و168 ألف شخص ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمستشفى منفلوط المركزي اليوم    عمر جابر: مواجهة كايزرتشيفز تختلف عن ستيلينبوش    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    مباشر الكونفدرالية - زيسكو (0)-(1) المصري.. جووووول أول    ضبط 3618 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    العائدون من جهنم.. 15 أسيرا فلسطينيا يروون ل اليوم السابع تفاصيل حياة الجحيم داخل زنازين الاحتلال.. العيش كفئران تجارب.. الموت بطعام فاسد وأصفاد لنصف عام تخرم العظام.. وغيرها من أساليب التعذيب حتى الموت    سعر اللحوم في مصر منتصف تعاملات اليوم الجمعة    إحباط محاولة جلب كميات كبيرة من الألعاب النارية وأجهزة اتصال لاسلكية ومنشطات داخل حاويتين    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    فضل سورة الكهف.. لا تتركها يوم الجمعة وستنعم ب3 بركات لا توصف    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    تعرف على عروض الطفل بنهائيات مهرجان آفاق مسرحية بالهناجر اليوم    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    البترول توقع خطاب نوايا مع ثاني أكبر جامعة تعدين في العالم لإعداد الكوادر    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصراوي في رحلة البحث عن جهة تكافح الانتحار في مصر (معايشة)
نشر في مصراوي يوم 10 - 09 - 2017

مرحبا بكم في الخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، للاستعلام عن الخدمات المقدمة اضغط الرقم (1)، للشكاوى اضغط رقم (2)، للاستشارات النفسية اضغط الرقم (3)، هكذا جاء صوت المجيب الآلي حينما اتصلت بالخط الأرضي البديل للخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية والإدمان، بعد أن حاولت الاتصال بالخط الساخن 08008880700 إلا إنه كان غير موجود بالخدمة.
قمت بالضغط على الرقم 3، وبعد برهة من الزمن جاء الرد من صوت رجولي أجش، "سلام عليكم.. حضرتك من محافظة إيه"، ومن ثم بادر بالسؤال عن المشكلة، "أخويا بيفكر في الانتحار، ومش عارفة أعمل معاه إيه"، هكذا سردت له المشكلة بكل وضوح، ليرد قائلا بنفس الصوت الكلاسيكي الإذاعي "طب بعد إذنك خليكي معايا دقيقة واحدة، ثواني وهتكون معاكي الدكتورة".
دام الصمت لما يزيد عن دقيقة، ثم رد صوت نسائي بنفس الأداء الإذاعي: "ألو، أتعرف بحضرتك"، كشفت لها عن إسمي وإسم محافظتي، فأعادت السؤال عن المشكلة ثانية، وأجبتها باستفاضة عن أخي وسنه وتهديداته المستمرة بالانتحار، فجاء ردها حاسم ومقتضب "بصي يا فندم، لازم تعرضي أخوكي على دكتور نفساني، ولو عمل أي محاولة انتحارية تقدري تتوجهي بيه لطوارئ مستشفى العباسية في أي وقت".
هكذا كانت محاولة "مصراوي" للاستنجاد بالخط الساخن للأمانة العامة والإدمان، لإبلاغهم باحتمالية حدوث محاولة انتحار لشاب يسير في العقد الثالث من عمره، وهو ما يدفع للتساؤل ما هي الجهة التي يمكن لأي مواطن اللجوء إليها إذا عرف أن أحد المقربين إليه يفكر في الانتحار. لهذا قام مصراوي برحلة للبحث عن تلك الجهة بين الجهات المعنية المحتملة، نسرد لكم تفاصيلها في تلك السطور.
الانتحار ظاهرة دولية ليست بقليلة، فكل 40 يفقد العالم شخص جديد بسبب الانتحار، وفي كل ساعة يفقد 91 شخص، وفي كل عام يفقد العالم 800 ألف شخص وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية التي توجهنا إليها لمعرفة استراتيجيتها لمكافحة الانتحار في مصر والعالم، والجهات المعنية المتعاونة معها لتنفيذها في مصر، إلا أننا فوجئنا أن الإجابة: "لا يوجد".
ففي عام منتصف مايو من عام 2012، عقدت مشاورات إقليمية بشأن الانتحار وخطورته، بالمركز الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة، استعرضت الوضع العالمي والإقليمي لظاهرة الانتحار، ووضع خلالها توصيات واستراتيجية لمكافحة ظاهرة الانتحار بمصر ودول الإقليم.
تمحورت التوصيات حول مراجعة التشريعات الرامية إلى تجريم الانتحار، وتشريعات التسجيل الإلزامي والإبلاغ عن الانتحار بالمستشفيات العامة والخاصة، ووضع استراتيجيات وطنية لمنع الانتحار كجزء من استراتيجيات الصحة النفسية، وتبني تدابير قابلة للتطبيق لتسجيل أعداد حالات ومحاولات الانتحار، وتعزيز نظم السجل المدني بالاعتداد بالانتحار كسبب للوفاة، وأخيرا الشروع في برامج الوقاية من الانتحار جنبا إلى جنب مع الإعداد لمتابعة نظم الإبلاغ عن الانتحار من خلال زيادة الوعي ومعالجة الوصم الاجتماعي، والشروع في برامج لمكافحة الانتحار كجزء من برامج الصحة النفسية في المدارس.
إلا أن تلك التوصيات ظلت حبرا على ورق، وفقا للمكتب الإعلامي للمركز الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في مصر، حيث لم توجد أي جهة تهتم بتفاقم ظاهرة الانتحار، وهو ما يعود إلى عدم تفاقم الظاهرة في مصر مقارنة بالدول الأوروبية، وفقا لممثلي المكتب الإعلامي للمنظمة.
ونحن على مشارف اليوم العالمي لمنع الانتحار، التي حددته منظمة الصحة العالمية في 10 سبتمبر من كل عام منذ عام 2003، لم يكتف "مصراوي" بتجربة إبلاغ الخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية بمحاولة انتحار، بينما توجهنا إلى مقر الأمانة نفسها الواقع، في نهاية ممر طويل داخل مستشفى العباسية للصحة النفسية بحي العروبة.
في البداية، أبدى فرد الأمن تعجبه من وجود أحد الصحفيين داخل المبنى، وبعد ثواني من الصمت استطاع أن يتذكر مقر مكتب الإعلام الشبه مهجور، ويُنادي على طبيبة ضئيلة الجسد لتصطحبنا إلى هناك، وأمام المكتب، بدى على ممثلة مكتب الإعلام بالأمانة العامة للصحة النفسية الدكتورة داليا السيد، التعجب حينما سألناها عن خطة الأمانة وبرنامجها في اليوم العالمي لمنع الانتحار، لتجيب قائلة: "إحنا معندناش أي خطة لمكافحة الانتحار بصراحة".
لا توجد أي استراتيجية أو دراسة أو إحصائية تدرس ظاهرة الانتحار بالأمانة العامة للصحة النفسية، وفقا للطبيبة، على الرغم من أن مركز السموم التابع لجامعة القاهرة أصدر تقريرا عام 2016 يفيد بأن مصر تشهد نحو 2400 حالة انتحار باستخدام العقاقير السامة سنويا، وأن مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أعد تقريرا يفيد بأن مصر شهدت 4 آلاف حالة انتحار بسبب الحالة الاقتصادية، خلال مارس 2016، وحتى يونيو 2017، وأن هناك 2500 حالة انتحار في مصر سنويا.
تبرر ذلك الطبيبة بحساسية إشكالية الانتحار في مصر، لارتباطه بالوازع الديني، وتستنكر وجود أي جهة في مصر قد تهتم بالموضوع، وتعترف أيضا بعدم تطبيق أيا من توصيات الاجتماع الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بمصر بشأن الانتحار، وتختتم قائلة: "يمكن منظمات المجتمع المدني تكون مهتمة بالموضوع ده".
وبمزيد من البحث، تبين أنه لا يوجد أي جهة حكومية مصرية نظمت أي برنامج للحد من ظاهرة الانتحار، حتى وزارة التضامن الاجتماعي، المعنية بالحماية الاجتماعية، وهو الحال نفسه للمركز القومي لحقوق الإنسان، الذي أنكر عضو مجلس إدارته كمال عباس تنظيم أي برامج لمكافحة تلك الظاهرة التي وصفها بال "ضئيلة" بالنسبة للدول الأوروبية، وهو ما تؤكده مؤشرات منظمة الصحة العالمية في إحصاءات عام 2012، بتصنيف مصر بين أقل الدول في معدلات الانتحار، بأقل من 5 حالات بين كل 100 ألف شخص.
ولكن هذا لا يسكت ناقوس الخطر الذي يدقه انتحار 4 مصريين في 6 أيام فقط، بحسب تقارير الطب الشرعي خلال الأيام الأولى من سبتمبر الجاري، وهي الظاهرة التي أعدت من أجلها منظمة الصحة العالمية دراسة تحت عنوان "الوقاية من الانتحار"، تتضمن نماذج استراتيجية للحد من الأزمة، مبينة في الجدول التالي.
لم تول مصر أي وجه لاستراتيجيات مكافحة الانتحار، ما دفعنا للتوجه بالسؤال نحو وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب محمد الغول، عن الجهة المعنية بالمشاركة في فعاليات اليوم العالمي لمنع الانتحار، فكان رده: "اليوم العالمي للانتحار، لأ ده موضوع جديد أول مرة أسمعه".
النائب البرلماني يرى في إقامة فاعليات بهذا الشأن يعطي للظاهرة أكبر من حجمها، فمصر لا تمثل جزء صغير من معدلات الانتحار الموجودة بالدول المتقدمة مثل سويسرا والسويد واليابان من وجهة نظره، وهي الدول التي توفر أعلى متوسط دخل قومي للفرد، ولا يوجد بها أي مشكلات اقتصادية، كما يتمتع أفرادها بالحرية الجنسية، وبدلات البطالة التي تكفل لشبابهم حياة كريمة، وهو ما يعود بأسباب الانتحار إلى الرفاهية المفرطة، وانعدام الوازع الديني.
ويشير الغول إلى الأزهر الشريف والكنائس المسيحية كأولى الجهات المنوطة بمكافحة ظاهرة الانتحار في مصر، وفي المقام الثاني يأتي دور الأمانة العامة، الذي وصفها ب المقصرة بسبب عدم إعداد برامج للحد من تلك الظاهرة.
ومن جهة أخرى، يرى وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان في منظمات المجتمع المدني جهة منطقية لتحمل على عاتقها تنظيم برامج لمكافحة الانتحار، حيث أن حق الحياة هو أقدس حقوق الإنسان وفقا لاتفاقية باريس، ولكن بمزيد من البحث لم نجد ظاهرة الانتحار على قائمة اهتمامات تلك المنظمات، فتوجهنا بالسؤال نحو رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، فقال بلهجة غاضبة: "كان فيه مؤسسة مهتمة بده إسمها مركز النديم، لكن الدولة قفلتها".
يؤكد عيد أن الدولة لا تستطيع أن تقوم بمثل هذا الدور، لهذا يجب أن ترفع يدها عن منظمات المجتمع المدني كي تستطيع القيام بدورها.
وبين أجهزة معنية تغض البصر، وتوصيات دولية لا تطبق، ومجتمع مدني مكبل، تزداد حالات الانتحار في مصر، وتنتشر سير أصحابها بالجرائد والمواقع الإلكتروني، وتتحول صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى بكائيات، وتتقاذف التهم عن من المسؤول، ويبقى السؤال الأصعب بلا إجابة: "إلى من تستطيع أن تتوجه بالدولة إذا وجدت ثمة مقرب منك يفكر بالانتحار؟".
أقرأ ايضا:
خريطة تفاعلية| كيف تكافح دول العالم ظاهرة الانتحار؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.