أحمد موسى يرد على شائعة زيادة رسوم تأشيرة الدخول إلى مصر: السائح إللي هيفاصل في 20 دولار مايجيش    حماس: جاهزون لهدنة 10 سنوات.. ومؤتمر وطني قريبا في القاهرة    أبو ريدة يهنئ أشرف صبحي على منصبه الجديد في اليونسكو    مركز المنتخبات الوطنية يستضيف المعسكر الختامي لمنتخب مصر استعدادًا لأمم أفريقيا    البحيرة.. إصابة 4 سيدات إثر نشوب حريق في فرن بإيتاي البارود    كواليس مثيرة.. مالكو ليفربول متورطون في استبعاد صلاح من قائمة إنتر    التحقيق مع مسن تحرش بطفلة علي سلم عقار في أوسيم    المستشارة أمل عمار تشارك في فعاليات المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء    أراوخو يواجه مستقبلا غامضا مع برشلونة بسبب حالته النفسية    وزير النقل التركي: ندعم كل خطوة لإعادة إعمار سوريا    ضبط دقيق مدعم قبل تهريبه للسوق السوداء و سجائر مهربة فى حملة بالإسكندرية    وزير الزراعة: نقل الحيوانات أحد تحديات عملية تطوير حديقة الحيوان بالجيزة    قبل بدء عرضه، كل ما تريد معرفته عن المسلسل الكويتي "أثر بارد"    افتتاح فيلم «الست» في الرياض بحضور نخبة من نجوم السينما| صور    تضامن الإسماعيلية يشارك في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة أبو غالي موتورز خطط توطين صناعة الدراجات    غرفة المنشآت الفندقية تتوقع وصول أعداد السياح لمصر إلى 18.5 مليون بنهاية 2025    أمريكا.. وإسرائيل ووقف إطلاق النار    رجعت الشتوية.. شاهد فيديوهات الأمطار فى شوارع القاهرة وأجواء الشتاء    إعلان أول نموذج قياسي للقرى الخضراء الذكية بجهود مشتركة بين جامعة طنطا ومحافظة الغربية    الصين تضخ 80 مليار دولار في استثمارات الطاقة النظيفة بالخارج لفتح أسواق جديدة    أسرة عبدالحليم حافظ تفجر مفاجأة سارة لجمهوره    فرقة الكيبوب تتصدر قائمة بيلبورد للألبومات العالمية لعام 2025    54 فيلما و6 مسابقات رسمية.. تعرف على تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان القاهرة للفيلم القصير    نيجيريا تتحرك عسكريا لدعم حكومة بنين بعد محاولة انقلاب فاشلة    ارتفاع مؤشرات بورصة الدار البيضاء لدى إغلاق تعاملات اليوم    الجمعية العمومية لاتحاد الدراجات تعتمد خطة تطوير شاملة    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن وفاة ضابط شرطة بسبب مادة سامة    الأسهم الأمريكية تفتتح على تباين مع ترقب الأسواق لاجتماع الاحتياطي الفيدرالي    ظريف يتلاسن مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    سفير اليونان يشارك احتفالات عيد سانت كاترين بمدينة جنوب سيناء    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    محافظ الجيزة يتابع انتظام العمل داخل مستشفى الصف المركزي ووحدة طب أسرة الفهميين    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    عضو مجلس الزمالك يتبرع ب400 ألف دولار لسداد مستحقات اللاعبين الأجانب    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    23 طالبًا وطالبة بتعليم مكة يتأهلون للمعرض المركزي إبداع 2026    وزير الصحة يبحث مع الأوروبي للاستثمار إطلاق مصنع لقاحات متعدد المراحل لتوطين الصناعة في مصر    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    أمين الأعلى للمستشفيات الجامعية يتفقد عين شمس الجامعي بالعبور ويطمئن على مصابي غزة    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تكتسح جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    أزمة سد النهضة.. السيسي فشل فى مواجهة إثيوبيا وضيع حقوق مصر التاريخية فى نهر النيل    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو والصور- من طنطا.. ألعاب تلف العالم بإيد "مريم"
نشر في مصراوي يوم 17 - 05 - 2017


تصوير-ندى عمرو:
عبر "لعبة" مُستَخدَمة جابت محافظات ودول. من غرفتها تجاوزت شوارع مدينتها طنطا إلى آخر قرية حدودية بمصر، عبرت إلى غانا، أوغندا، نيبال، ولبنان. دون روتين الإجراءات حققت ما تؤمن به بأن "الحب والرحمة ملهمش حدود مرسومة".
منذ نحو عام تجلس مريم ميدان لساعات في غرفتها، تُحِكم ربط ورق ملون على عروس، كرة، علبة ألوان، كتب أطفال. تلفها بين يديها لتأخذ شكل جمالي يرضيها، ثم تضع ورقة صغيرة تحمل مفردات حماسية ومُحبة للحياة، توقعها باسمها وأسماء أخرين. أضحت تلك حياة ذات الخامسة والعشرين عامًا، منذ قررت أن يحظى الأطفال غير القادرين بألعاب مثل أقرانهم، فأطلقت مشروع "اتبرع بلعبة".
ترى "مريم" أن ثمة أشكال كثيرة للخير، لكن أقربها لقلبها هي وضع ابتسامة على وجه طفل مُعدم، فمنذ كانت بالصف الثانوي، كلما ساقتها قدماها داخل محل ألعاب، طاردتها صورة طفل محروم لا يقدر على شرا لعبة "وده عمل عندي إحساس بتأنيب الضمير فحاولت أعمل أي حاجة عشان اتغلب على الإحساس ده".
أخذت طبيبة التحاليل تدّخر من مصروفها ومرتبها بعد ذلك، وتشتري لعبة تعطيها لطفل تجده بطريقها، غير أن ذلك لم يُرض أمنيتها؛ فأخبرت أصدقاءها أن يشاركوها في شراء ألعاب يقدموها لدور أيتام لا يرتادها الكثيرون. داومت على ذلك لعامين منذ عام 2014، لكن شيئًا ما أعادها للتفكير فيما تفعل "حسيت أني طول ما أنا معتمدة على شرا اللعب مش هقدر أوصل لأطفال كتير غلابة"، كما وجدت بمنطق الأولويات أن هناك أشياء تحتاج للأموال أكثر من الألعاب، ليأتيها الحل من "الدولاب".
بينما ترتب "مريم" حجرتها، فتحت خزانة الملابس، وقعت عيناها على ألعاب طفولتها، تساءلت "ليه ما اتبرعش بيها بدل ما هي مركونة كده؟". استشعرت حينها أنها أُلهمت السبيل؛ نظفت ما لديها من عرائس، ألعاب بازل، وشوش بلاستيكية.. هدايا استعادت معها ذكريات لم تثنها عن ما تريد "كانت قدامي صورة طفل محروم فرحان بحاجتي اللي بحبها فمترددش استغنى عنهم"؛ زادت على الألعاب بشراء 30 أخرى "وقررت أوديها لأطفال أول مرة تجي لهم ألعاب".
صدفةً، تجوب الشابة العشرينية موقع فيسبوك، تقرأ منشور لإحدى المتطوعات تعلن عن رحلتها إلى غانا، تراسلها "مريم"، معربة عن رغبتها في إهداء ألعابها للأطفال هناك، تحمست المتطوعة للأمر، ولأنه من الصعب على ابنة طنطا عدم رؤية فرحة الصغار بينما يتلقون الألعاب "ودي كانت بالنسبة لي الهدية"، فاستعاضت عن ذلك بكتابة رسالة مترجمة للإنجليزية على كل لعبة من ال50.
كان ذلك أواخر عام 2015 حين سافرت المتطوعة إلى غانا، وبقيت "مريم" في حجرتها تتخيل رد فعل الأطفال، إلى أن حلقت فرحًا بعدما أرسلت لها صديقتها صور الرحلة: صغار تنطق وجوههم بالسعادة بينما يحملون ألعابها. اهتزت الشابة المصرية للقطات "إحساس عظيم أني قاعدة هنا في طنطا ومن جوه أوضتي قدرت أوصل لطفل في غانا أول مرة في حياته يمسك لعبة". حينها شعرت أن رغبتها لم تتحقق فقط بل عليها الاستمرار بشكل أكبر.

أطلقت الشابة العشرينية في يناير 2016 صفحة على فيسبوك تحمل اسم "Donate a toy" أو "اتبرع بلعبة"، أوضحت من خلالها أن الفكرة تقوم على الألعاب المستخدمة في الأساس، لمن يحتفظون مثلها بألعابهم القديمة.
حلمت "مريم" أن تصل إلى الأطفال في محيطها "لكن كل شوية ألاقي حاجة تخليني أكمل واتوسع"، تستقبل الألعاب من خارج مدينتها الصغيرة "كنت بسافر القاهرة وإسكندرية والمنصورة وارجع زي بابا نويل شايلة شوال لعب"، ومع تزايد أعداد المتبرعين، صارت تلجأ لأصدقائها ومعارفها لاستلام الألعاب ثم إيصالها إليها.

لساعات تمتد حتى صباح اليوم التالي، تعتكف "مريم" داخل غرفتها، تنثر حولها الألعاب القديمة، والجديدة مما فضل البعض التبرع بها، وتلك لا تضيف لها سوى التغليف، أما المُستخدمة، فتنتقي الجيد منها، وهو ما تغير مفهومها عنه "في لعب ببقى عايزة أرميها أول لما أشوفها لكن أقول لنفسي اصبري شوية"، تقوم بغسلها وإصلاحها "وبتفاجئ لما اشوفها رجعت كأنها جديدة".
كأنما ستهديها إلى صديقة عزيزة تغلف "مريم" الألعاب، تجلب ورق وحقائب الهدايا، وعلب صغيرة تليق بالإكسسوار "ببقى عايزة كل حاجة تفرح الطفل حتى لو مستخدمهاش".
زيارات شهرية لدور الأيتام ومرضى السرطان صارت تعتمد على الألعاب المُجهزة بأيدي "مريم"، تمضي المبادرة قدمًا فيما تتوق الشابة لبلوغ كل بقعة بها طفل مسكين، تتابع صفحات السفر والمغرمين به، ينوي أحد المتطوعين السفر هذه المرة إلى أوغندا، غير أن قلق والديها منعها من الوصول لأبعد من حدود طنطا والمحافظات القريبة، لكنها لم تيأس.
ذات مرة قامت "مريم" بتجهيز نحو 500 لعبة بمفردها، وُزع بعضها على دور أيتام بالقاهرة وأخرى سافرت سيناء "وفي اللي وصلت لأخر قرية على الحدود المصرية في حلايب"، فكان أول الغيث، الذي تغيّر بعده فِكر طبيبة التحاليل "موضوع عدم السفر جه في مصلحتي عرفت ناس جميلة جدا.. ولو كنت سافرت بنفسي عمري ما كنت هعرف أروح نيبال، وأوغندا وسيناء وشلاتين ولأطفال سوريا في لبنان".
لا يقتصر المتبرعون بالألعاب على مصر، من الخارج استقبلت صاحبة "اتبرع بلعبة" شحنات من بلاد عربية، بدأت من صديقة لها مقيمة بالسعودية "بعتت شنطة كبيرة مليانة لعب جديدة وغالية"، قفزت الشابة من السعادة "يا دوب حطيت لها شريطة وكتبت الرسايل عليها ممضية باسمها وأسماء ولادها"، إذ تحرص الشابة أن تقتسم مع المشاركين فرحة إهداء الألعاب للأطفال إن لم يكن بكتابة الأسماء فمطالبتهم بكتابة رسائل للصغار.
مع الوقت تزيد تحديات "مريم"؛ قبل نحو شهر من عيد الأضحى، العام الماضي، بلغ كمية الألعاب المرسلة نحو 100 كيلو بحسب الشابة، أحد المسافرين يتجه نحو أوغندا، أخر إلى نيبال، ومجموعة عقدوا العزم صوب سيناء والنوبة، والمطلوب تجهيز ما يزيد عن 500 لعبة قبل فترة لا تقل نحو 10 أيام قبيل حلول العيد، تجاوزت الألعاب هذه المرة حجرة "مريم"، امتلأت الصالة وحجرة أخيها الأصغر "كان اللي يجي يزورنا يقول لماما أنت بتجهزي مريم" تتذكر ضاحكة، مستعيدة تعب انطوت عليه الأيام، ولم يخففه سوى صور وصول الألعاب ليد الأطفال في تلك المناطق المختلفة.
وقتها قضت "مريم" عيدها الخاص؛ أخذت تقلب بين الصور المرسلة على بريدها الإلكتروني، فتلك أكثر الأوقات انتشاءً بالسعادة، وتكاد تجن حين لا تصلها صورة من منطقة بلغتها الألعاب، حتى أنها ظلت ثلاثة أشهر تسعى للحصول على صورة من قرية في النوبة، ولم تهدأ إلا عندما احتضنت عيناها تلك الصورة.

لكن بالصور وحدها لا تحيا "مريم"، مواقف عدة رُزقت معايشتها، يذوب قلبها لها، وتحملها بينما تجهز لعبة جديدة، تتذكر "علياء"، ذات الثمانية أعوام، إحدى أطفال دور الأيتام في طنطا، حين أحكمت قبضتها الصغيرة على طقم مكون من خاتم وسلسلة قائلة "مش هقلع الحاجات دي عشان أفضل فاكراكي"، وكذلك الصغير الذي طالبها بانتزاع الرسالة الملصقة على اللعبة كي يضعها على سريره.
حالة من البهجة الخالصة تبدو فيها "مريم"، إلا أنها لا تخلو من منغصات، تتجاوز تحمل تكاليف شحن أو استقبال الألعاب من الخارج، إذ يغوص قلبها في ضيق شديد، حين تستقبل بقايا ألعاب "للأسف عندنا ثقافة أننا نشحت الحاجات القديمة وخلاص"، تسترجع صدمتها قبل شهور، عندما سافرت إلى القاهرة، لمقابلة متبرعة في منطقة الزمالك، أعطتها "كيس" أسود كبير ملئ بما ظنته ألعاب، فغمرتها الفرحة حتى كشفت عما بداخله "ملقتش ولا لعبة سليمة ينفع حتى أصلحها"، منذ تلك اللحظة قررت أن تحذف من صفحة المبادرة عبارة يمكن التبرع بالألعاب المتكسرة، واكتفت بالمُستخدمة.

تجلس "مريم" الآن داخل غرفتها، الألعاب تملأ الأركان، منها ما جاء من دبي وما استقبلته من مصر، تُواصل الشابة العشرينية ممارسة ما تهواه، "بإحسان" كما تحب، ومع كل لعبة تُنهي تغليفها، تضع فيها حلمها الكبير بأن يتواجد في كل محافظة مصرية وكل مكان في العالم محل أو مخزن، يحمل اسم "اتبرع بلعبة" أو اسم آخر، المهم أن يختص بتوزيع الألعاب على الأطفال غير القادرين لعل السعادة تطرق باب الصغار فلا تفارقهم أبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.