تصوير- أميرة صبري: قال الفنان أحمد عبد العزيز، إن حياته الجامعية تعد من أهم المراحل المسؤولة عن بناء ثقافته وفكره، وتكوين شخصيته، مشيرًا إلى أن مشكلة "الثأر" في الصعيد تعد جذر من جذور تكوين المجتمع المصري الفاسد، كما أنها لا تعد ظاهرة مصرية حقيقية وليست ظاهرة مصرية تاريخية، ولم تكن موجودة في المجتمع المصري في عصر مصر القديمة أو المتوسطة أو الحديثة، بدليل عدم وجود أثر لها سواء على الجدران أو المعابد. وتابع عبدالعزيز: كما أن هذه الظاهرة انتقلت للصعيد عبر هجرات القبائل العربية من الجزيرة العربية واليمن عبر البحر الأحمر إلى محافظات الصعيد، خاصة محافظاتالجنوب، وتأصلت هذه الظاهرة حتى أصبح لها تقاليد شديدة ومتأثر بها المجتمع الصعيدي بشكل كبير، سيرًا على "من قتل أحًد أحد يُقتل هو أو من ذوي عائلته"، ومن الممكن أن يأخذ بالثأر بعد مرور 30 أو 40 عامًا، لدرجة أن الآباء يعلموا أبنائهم الصغار كيفية الأخذ بالثأر ويحضر له السلاح ليدربه على أصول القتال لسنوات طويلة، وتساهم الأم بجزء كبير في تغذية روح الطفل بالقتل والأخذ بالثأر. وأضاف عبد العزيز خلال ندوة نظمتها جامعة جنوب الوادي بقنا، اليوم السبت، بعنوان "المناهضة الثقافية الفنية للممارسات الثأرية"، ضمن فعاليات الملتقى الفني الرابع عشر لشباب الجامعات العربية، الذي تنظمه جامعة جنوب الوادي في الفترة من 19 إلى 24 مارس الحالي، تحت رعاية الدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي، واللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، والدكتور سلطان أبو عرابي، أمين عام اتحاد الجامعات العربية، والدكتور عباس منصور، رئيس الجامعة، والدكتور حفني إسماعيل، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، بحضور الفنان أحمد عبد العزيز، والدكتور أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة. وأشار عبدالعزيز إلى أن هناك خلط عند المجتمع بين مسألة الثأر ومسألة القصاص، مسترشدًا بقول الله تعالى "ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب"، موضحًا أن القصاص في القرآن الكريم والإسلام ليس هو الثأر وإنما هناك أولياء الأمور هم المسؤولين عن تنفيذ القصاص على أصحابه. ووجه اللوم على شباب الجيل الحالي لأنهم مسؤولون على تراجع مصر ووقوفها عند مرحلة "الدولة النامية"، مشيرًا إلى أن وقوف مصر في نفس صف الصين واليابان في نهاية الأربعينيات، والأن كلتا الدولتين تقدٌما وأصبحت أغلب السلع في مصر مكتوب عليها "صنع في الصين"، ثم وقفت مصر في نفس صف كوريا، وتقدمت كوريا، وبعد ذلك مع البرازيل وكوريا وماليزيا، ثم نيجيرياوجنوب أفريقيا، وتقدموا، ومصر "محلك سر". واستطرد عبدالعزيز أن الجيل الحالي وما يسبقه هو سبب أساسي في ما وصلت إليه مصر، خاصة بعد مرور ثورة 25 يناير ذات البداية والنهاية، لأن الشباب هو عماد وعصب الأمة العربية، وبالتالي فإن مصر لن تقوى سوى بسواعد وعمل وانتاج شبابها، ليكون كل منتج يكتب عليه "صنع في مصر". ولفت عبد العزيز إلى أن أغلب الشباب الذين تعامل معهم من محافظة قنا يمتلكون الحس الفني، سواء في كتابة الخواطر أو الأشعار وفنانين بالفطرة، مشيرًا إلى وجود العديد من الأدباء من قنا مثل عبد الرحمن الأبنودي، والشاعر أنس دنقل وغيرهم، موضحًا أن اللهجات تختلف من أول الصعيد وصولًا إلى قنا لتبدأ رقيقة و "طرية" وصولا إلى اللهجة الشديدة التي تصبح كالحجارة، خاصة في أسيوط وسوهاج، ثم تعود مرة أخرى في قنا التي تتنوع لهجتها بين هذا وذاك، لميل شباب قنا إلى الموسيقى والأدب "حسب استنتاجه الذاتي"، مرشحا كافة شباب قنا كسفراء ورسل السلام ونبذ ظاهرة الثأر لتعليم الناس والصغار عن الابتعاد عنها. وكشف عبد العزيز عن كواليس تجسيده شخصية البدري بدار، في المسلسل الشهير "ذئاب الجبل"، والذي ارتبط به الكثيرون في مصر، خاصة في محافظات الصعيد التي أطلق البعض على أطفاله هذا الاسم الذي كان رمزًا للشهامة والرجولة في هذا المسلسل. وقال عبد العزيز إن مسلسل ذئاب الجبل جسّد العادات والتقاليد في الصعيد مثل الثأر والزواج القبلي، وحارب هذه الفكرة على قدر المستطاع، وكان له تأثير قوي لدي المشاهدين. وعن تجسيده لشخصية "البدري بدار" في المسلسل، استطرد عبد العزيز قائلًا: كنت في رحلة إلى أسوان وركبت مركب نيلية، وعندما شاهدني المراكبي "اللي عمل نفسه ميعرفنيش"، قال لي "إنت ليه متمثلش في مسلسل صعيدي ده إنت شكلك وهيئتك هيخيلوا قوي في الجلابية، فقلت له ربنا يبعت . وأوضح أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، أن ظاهرة الثأر هي مشكلة معقدة، لذلك فإن الثقافة والمجلس القومي للمرأة والعديد من الجهات المختصة، يجب أن تتكاتف للقضاء على هذه الظاهرة التي أطاحت برؤوس العديد، موضحًا أن وزارة الثقافة على استعداد تام لعمل أي شيء للحد من هذه الظاهرة، حيث أن أصول الثقافة يجب أن تتحول إلى بؤرة إشعاع في عقول الشباب، خاصة وأن المجتمع الصعيدي يرى أن العلم والثقافة سلاح في أيد أبنائها. وأشار الدكتور عباس منصور، رئيس جامعة جنوب الوادي بقنا، إلى أن الجامعة تسعى إلى محاربة كافة الأفكار التي تدعوا إلى إراقة الدماء، مثل القتل والثأر وكافة العادات التي عُرف بها الصعيد على مر التاريخ. وأوضح منصور أن الجامعة تتبنى العديد من المبادرات التثقيفية والتوعوية، التي تعمل على تطوير الفكر والعمل على نبذ العادات السيئة التي يلفظها المجتمع، خاصة وأن الشباب هم بارقة الأمل في المستقبل الذي يتطلع إلى ترقيتهم في المناصب ليمسكوا بزمام الأمور.