في نهار أحد أيام 2012، خرج "حسن مطلق" الموظف البسيط بإحدى الشركات، لشراء أرغفة خبز لأبنائه، أثناء وقوفه في الطابور الصغير، لفت انتباهه ملصق يحوي إعلان لطلب ممثلين لفيلم أردني سيتم تصويره في قلب الصحراء من إخراج "ناجي أبونوار"، دبّ الحماس في قلب الرجل الأربعيني لتبدأ قصته مع فيلم "ذيب" الذي حصل على 19 جائزة في مختلف مهرجانات العالم، وانضم مؤخرا إلي الترشيحات النهائية لجائزة أوسكار التي سُتعلن نتائجها في 28 فبراير القادم. مصراوي حاور "حسن مطلق" أحد أبطال فيلم "ذيب"، الذي يغادر بلدته في وادي رام بصحراء الأردن قريبًا متجها إلى هوليوود لحضور حفل إعلان جوائز الأوسكار. خلال الحوار يحدثنا "مطلق" عن تجربته في "ذيب" التي غيرت حياته، خوضه لتدريبات شاقة من أجل أداء الدور بأفضل صورة، شعوره لحظة الوقوف أمام الكاميرا لأول مرة، والمشهد الذي ارتجل فيه موقف غير موجود بالسيناريو. ينطلق بنا "مطلق" بحديثه إلى المناطق التي شهدت تصوير "ذيب"، الصعوبات التي كادت أن تقف عقبة في إتمام الفيلم، كيفية تنفيذ المشاهد الأبرز في العمل، وتوقعاته بشأن الفوز بجائزة الأوسكار. - كيف يمكن أن يتحول موظف في الصحراء لبطل فيلم مرشح للأوسكار؟ هذا ما حدث.. أنا موظف "سلامة عامة" في شركة قريبة من منزلي، أعيش في البادية مع عائلتي المكونة من 8 أطفال، وجدت بالصدفة إعلان لطلب ممثلين، فقمت بالاتصال على هاتف المخرج "ناجي أبونوار". - ما الذي دار في عقلك عند رؤية الإعلان، ودفعك للاتصال بالمخرج؟ حب الاستطلاع.. أردت أن أتعرف على هذا العالم عن قُرب. - قد يفهم البعض أنك لم تتعامل بجدية مع الأمر؟ لا.. حب الاستطلاع دفعني للإقدام على الخطوة، لكنني تعاملت بجدية مع المخرج عند لقائي به. - ماذا دار في لقائكما الأول؟ قام المخرج بتصوير مقطع فيديو لمدة 10 دقائق، سألني شو تحب في الحياة وشو تكره وكيف تعيش حياتك.. وبعد شهر أبلغني باختياري لأداء أحد الأدوار في الفيلم. - متى قرأت نص الفيلم؟ بعد اختياري لأداء الدور.. كنت سعيد لأن الفيلم تحدث عن عادات أجدادي في البادية الأردنية.. لكنني تخوفت من دوري. - لماذا؟ لأن الشخصية قاسية، وهي عكس طبيعتي المعروفة عني وسط أهلي. - خضع أبطال العمل لتدريبات مكثفة قبل تصوير الفيلم.. حدثنا عنها. 8 شهور متواصلة، خضعنا فيها للتدريب على التمثيل، ومن المضحك أننا تدربنا على رياضة التايكوندو أيضًا، فضلا عن الحديث مع الشباب في الورشة وتنفيذ بروفات على المشاهد. - متى بدأتم التصوير؟ في نوفمبر 2012، وأثناء تصوير مشهدي الأول كنت متحمس له ومستعد جدًا، واجهت نوع من الرهبة أمام الكاميرا لكن بتوجيهات المخرج تجاوزت الأول، واندمجت في الدور وقمت بالارتجال فيه. https://www.youtube.com/watch?v=pnEd_WSGtWQ - حدثنا عن مشهد الارتجال. مشهد عودتي إلى "ذيب" وأنا على الجمل مصاب، أثناء اندماجي في الدور، أسقطت نفسي من فوق الجمل على الأرض، وهذا لم يكن متفق عليه. - ورد فعل المخرج. خشى المخرج عليّ من الارتطام بالأرض، ونبهني إلى إمكانية وضع "اسفنج" أسفل الجمل بدلا من السقوط على الأرض.. لكني رفضت لأن ابن الصحراء معتاد على ذلك. - علمنا أنكم واجهتم بعض الصعوبات أثناء التصوير. بالطبع.. المناخ المتقلب في الصحراء من درجة حرارة عالية إلى برودة شديدة ليلا، التنقل بين المناطق الصحراوية والرمال المتحركة وغرس السيارات أثناء الحركة. - وأين قمتم بالتصوير؟ في وادي عربة ووادي رام وقلعة ضبعة قريبة من العاصمة عمان. - ما هو مشهدك الأصعب في "ذيب"؟ أعتقد دوري صعب جدًا في كل المشاهد، لكن الأصعب هو مشهد إخراج الرصاصة من قدمي، وتعاملي مع الجمل وأنا مصاب. - هل تتذكر لحظة مميزة مرت عليك في الفيلم؟ بعد تصوير المشهد الأخير، بكيت فرحا مع المخرج أنه تم بنجاح ولم يحدث أي خطأ خلال تنفيذ الفيلم. - بماذا شعرت عندما شاهدت الفيلم لأول مرة؟ أول مرة حضرت الفيلم في إيطاليا، مهرجان فينسيا، أجمل لحظة في حياتي عندما شاهدت حالي على شاشة العرض وسط حضور جماهيري كبير، وبعد الانتهاء تصفيق حار وطلب الجمهور توقيع مني والتصوير معي. - قيل أنك بكيت أثناء العرض. نعم.. بكيت عندما وقع "ذيب" في البئر فرارا مني، شعرت أنني كنت قاسي جدًا على الطفل، تعاملت مع الأمر كحقيقة وليس فيلم. - هل هناك عرض آخر مميز للفيلم لا تنساه؟ عندما عرض في قريتنا بين الأهل والأحبة، كنا فخورين جدًا، وشعرت بسعادتهم برؤية ابطال الفيلم من أبناء القرية. - كيف تلقيت خبر الترشح لجائزة الأوسكار؟ كنت في عمان، حكيت مع المخرج وقال لي: مبروك انت معزوم على الحفلة.. كانت لحظة فريدة. - ما توقعاتك لجائزة الأوسكار؟ إن شاء الله سبحانه وتعالى الفوز أملي .. الله كبير. - أخيرًا.. كيف غيرّ الفيلم حياتك؟ الفيلم غير حياتي، صرت معروف عالميا، وشاركت في عدة أفلام جديدة، كما تم اختياري كمدقق لهجة بدوية في الدراما الأردنية.