في أمريكا والعراق ومصر.. الإرهاب النسائي يرحب بكم

هُن الجميلات كما يتغنّى الشعراء، غير أن ميزان الحُسن يختل أحيانًا، فمن يتبنون الانتقام من المدنيين، يعتبرون جمال المرأة في القوة، البطش، والدموية، وإن كان حادث كاليفورنيا الذي راح ضحيته 14 شخصًا قد كشف عن السيدة تاشفين مالك، باكستانية الجنسية، وأحد منفذي الهجوم، إلا أن "مالك" ليست سوى جزء من تاريخ إنساني حافل بنساء اخترن قتل الأبرياء دفاعًا عن أفكارهن، أو تم إجبارهن على ذلك من جماعات مُسلحة.
ساجدة الريشاوي
في نوفمبر 2009، أرسل أبو مصعب الزرقاوي، علي الشمري وزوجته ساجدة الريشاوي، للقيام بتفجير انتحاري في أحد الفنادق بعمان، إلا أن حزام الزوجة لم ينفجر؛ فهربت إلى منزل زوج شقيقتها، وحين تم القبض عليها قالت إن زوجها أجبرها على الذهاب معه، وقد أيدت المحكمة إعدامها، ولكنها ظلت حيّة في السجن، حتى ساوم تنظيم داعش السلطات الأردنية على خروجها مقابل إطلاق سراح الطيار معاذ الكساسبة، وبعد أن تم إذاعة فيديو مقتله، ردت الحكومة بإعدام السيدة العراقية.
لعل قصة "الريشاوي" هي الأشهر. ولكن هناك رانيا العنبكي التي حاولت تفجير نفسها بالقرب من نقطة تفتيش، وكان عمرها لا يتجاوز 15 عامًا حين أقدمت على تلك الخطوة في سبتمبر 2008، لكنها أيضًا كانت مجبرة كما جاء على لسانها بالتحقيقات، إذ قام زوجها-قيادي في القاعدة- وامرأه أخرى بإعطائها عصير يحوي مُخدر وربطا حولها حزام ناسف يبلغ 20 كم، وتركاها بأحد الأسواق في ديالي، لكن طريقتها الغريبة في السير لفتت انتباه رجال الشرطة فقبضوا عليها قبل انفجار الحزام.
انتحاريات في مصر
الأول من مايو 2005، السياحة بمصر تحاول الانتعاش قبل أن تلحقها ضربة جديدة. بمنطقة السيدة عائشة التاريخية، وأمام حافلة للسائحين، أطلقت فتاتان النيران على الحافلة، وقد نقلت جريدة الأهرام المصرية وقت الحادث، أن تلك المحاولة ارتبطت بأخرى في ميدان عبد المنعم رياض، حين سعى إيهاب يسري لتفجير نفسه بسائحين لكن الأمر أسفر عن إصابات، فنفذت شقيقته نجاة يسري وصديقتها إيمان إبراهيم، العملية عقب فشل محاولته، كما جاء على لسان الأجهزة الأمنية، ثم أطلقت الفتاتان النيران على بعضيهما عقب فشل العملية مباشرة.
جماعة التكفير والهجرة التي كان أميرها شكري مصطفى، كان بها سيدات لهن نفس الدور، غير أن ملامح ما يفعلن لم تتضح بصورة كبيرة، إلا أن المحكمة العسكرية حاكمت 204 شخصًا من الجماعة، ومعهم 22 سيدة تتبع الجماعة.
بوكو حرام
عام 2002 تأسست جماعة "أهل السنة للدعوة والجهاد" بنيجريا، وفيما بعد أعلنت ولاءها لتنظيم داعش وصار اسمها "بوكو حرام"، وهي من أكثر الجماعات التي تنشط نسائها في العمليات الإرهابية، ففي 2014، تم القبض على ثلاث، هن عائشة كبيرو أبو بكر وحفصة باكو، وزينب ادريس، يُقال أنهن ساعدن الجماعة في تنفيذ عمليات إرهابية خطيرة بينها تفجير في بلدة "أبوجا" واختطاف نحو 300 فتاة من داخل مدرسة ببلدة "شيبوك" بولاية "بورنو" شمال شرق نيجيريا في إبريل من نفس العام.
وفي يوليو المنصرم فجّرت عدة انتحاريات أنفسهن بقرية "زبارماني" بشمال شرق نيجريا، وكذلك مع بداية عام 2015، فجرت أكثر من فتاة نفسها من الجماعة، أعمارهن تتراوح بين 7 و 10 سنوات، وكان أول هجوم نفذته امرأه من "بوكو حرام" يعود إلى يونيو 2014، وأعلن التنظيم في يوليو من نفس العام، إنشاء فرع للنساء.
عمليات "الأرامل السود"
اقتحم 31 مُسلحًا مدرسة ببلدة "بيسلان" الروسية عام 2004، تتزعمهم سيدات شيشانيات محاطات بأحزمة ناسفة، حاصروا من فيها لثلاثة أيام، وبعد تدخل القوات الروسية، قُتل 320 رهينة، بينهم 186 طفلًا.
تلك الواقعة جاءت بعد أحداث أخرى، ففي عام 2002، اقتحم 40 مسلحًا شيشانيًا مسرح "دوبروفكا" بموسكو ومنهم نساء، واحتجزوا رهائن مقابل انسحاب الجيش الروسي من الشيشان، وبعد يومين كانت الحصيلة مقتل المقتحمين جميعًا و130 من الرهائن، وفي العام الماضي قامت "أوكسانا أصلانوفا" بتفجير نفسها بمحطة "فولغوجراد" بموسكو، ما أدى لمقتل 16 شخصًا.
"رياض الصالحين للشهداء" هو الاسم الذي يُطلق على كتيبة شيشانية تضم النساء اللاتي نفذن بعمليات في روسيا، فيما اختار لهن الإعلام الروسي اسم "الأرامل السود"، فهن في الأغلب ينتقمن لأقاربهن الذين قضوا على يد القوات الروسية.
"تاشفين" بطلة العملية الأخيرة
برفقة الزوج سيد فاروق، نفذت الباكستانية تاشفين مالك هجومًا على مركز للضمان الاجتماعي بسان برناردينو بكاليفورنيا الأربعاء لماضي، وقتلا بأسلحتهما النارية 14 شخصًا وجرحا 21، خلال حفل لذوي الاحتياجات الخاصة، قبل أن تقتلهما الشرطة الأمريكية.
وكانت "مالك" قد عاشت في السعودية لمدة 25 عامًا، قبل أن تعود لباكستان وتدرس الصيدلة، ثم تنتقل لأمريكا أخيرًا في 2014، وقد كان للزوجين طفلة تبلغ من العمر 6 أشهر.