تعود مشاركة المرأة في الرياضة إلى زمن بعيد. ومع أنه كان زمناً تشوبه الانقسامات غير أنّه حفل أيضاً بالإنجازات الهامّة لنساء رياضيات أردنَ اللعب حسب قواعدهنّ الخاصة وليس حسب ما فُرض عليهنّ. وها هي فاطمة النبهاني، لاعبة التنس الأولى في العالم العربي واللاعبة المحترفة الوحيدة من الخليج، تثبت عبر مسيرتها اللامعة أنّه عندما يتحلّى المرء بما يكفي من شغف وعزيمة فإنّه قادر على تحقيق كل ما يصبو إليه. فبالإضافة إلى المصاعب التي يواجهها الرياضيون المحترفون عادة، كان على فاطمة أن تناضل من أجل للتغلّب على عدّة تحديات اجتماعية واقتصادية، وتخطّت العثرات التي اعترضت طريقها لتصبح مثالاً حقيقياً للعدد المتزايد من الفتيات الشابات في الشرق الأوسط اللواتي يشاركن في الرياضة. سلطنة عمان تُعدّ دولة متطوّرة من حيث المساواة بين الرجل والمرأة، لكن لا يزال غياب المرأة في عالم الرياضة ملحوظاً. وتبقى شبكات الدعم للمرأة الرياضية محدودة التأثير في أغلب الأحيان ويعود ذلك بالإجمال إلى التقاليد والثقافة إذ أنّ الرياضة لا تزال خاضعة في معظم الأحياة للسيطرة الذكورية. وتقول فاطمة: "عندما بدأت، كنت أول لاعبة تنس، ولم أستطع تشكيل فريق، أو المشاركة في البطولات، وكان عليّ السفر لأكون جزءاً من المجتمع الرياضي". ولا تخشى فاطمة الحديث عن بعض الصعوبات التي تواجهها. فقد اضطرت إلى التمرّن من دون مدرّب محترف، معتمدةً فقط على دعم عائلتها وتحفيزها. وتتحدّث بصراحة عن اللحظات التي كانت تشكّ بقدراتها، فتقول: "عندما كنت أصغر، كنت أشعر بالإجهاد، وتنتابني الشكوك بقدراتي. أمّا الآن، فأغلق هاتفي، ولا أعير أذناً صاغية للأصوات السلبية، وأركّز على رياضتي". تضع فاطمة نفسها تحت ضغط كبير، ولكنّ لذلك سبباً وجيهاً جداً. وتقول: "يتوقّع منّي الناس الكثير، وهذا أمر يعني الكثير بالنسبة إلي. لا شكّ في أنني أشعر بالضغط لكنّني أرى أيضاً في ذلك فرصة لإحداث التغيير لأنني مثال تتطلّع إليه الشابات الرياضيات. وأريد أن يبدأ المزيد والمزيد من الفتيات بممارسة الرياضة، فلا أريد أن أكون لاعبة التنس الوحيدة هنا". يجدر بالذكر أن سلطنة عمان تستضيف هذا الشهر الدورة الرابعة من الألعاب الرياضية الخليجية للنساء، ومع إضافة التنس إلى لائحة الألعاب الرياضية في هذا الحدث، تتوقّع فاطمة أن ترفع اسم أمّتها عالياً. وفي فيلم وثائقي قصير من إخراج صانعة الأفلام البريطانية "بوبي دو فيلينوف"، تتكلّم فاطمة عن أنها لاحظت تغييراً في مسيرتها الخاصة وفي عالم الرياضة في الشرق الأوسط، قائلة: "أحلم بالطبع بأن أواصل التقدّم حتّى أصبح من أهمّ اللاعبات في العالم. ومن خلال هذا الأمل، أستطيع أن أكون مصدر تشجيع للجيل الأصغر منّي". وتتابع فتقول: "أخذت المرأة في أنحاء الشرق الأوسط تميل إلى الرياضة، فباتت ترتاد النادي الرياضي، وأصبح الركض من أكثر الرياضات ممارسة، وتشارك المرأة اليوم في نشاطات الدراجات النارية والملاكمة. فلا بدّ من أن تجد المرأة رياضة تعجبها وتستهويها. إنّها لحظة مشوّقة جداً". وشعرت بوبي بدورها ببروز طاقة إيجابية جديدة، وقالت: "عمان بلد جميل جداً حقاً، وكان من الرائع فعلاً تصوير الشابات الرياضيات ولقائهنّ. شعرت حقاً بأنّ هذا الوقت هو الوقت الذي يستطعن التألّق فيه، إذ لمست حماس الشابات الرياضيات وطاقتهنّ على حلبة السباق وفي الملاعب، فهنّ يعلمنَ أنّهنّ قادرات على تحقيق أهدافهنّ والتصرّف على طبيعتهنّ". "وكان لقاء فاطمة وتصويرها ملهماً ورائعاً، فهي خير مثال للشابة الرياضية في الشرق الأوسط، ليس لأنّها رياضية موهوبة فحسب، بل أيضاً امرأة رائعة ولطيفة".