إنتهي المونديال الخليجي وحدث ما توقعه الجمهور السعودي .. خسر الأخضر مرة أخري علي أرضه وبين جماهيره نهائي البطولة التي كانت واحدة من أسهل الألقاب التي يمكن الحصول عليها في تلك الفترة بالذات خاصة قبل بدء الاستعداد للمعترك القاري الذي سينطلق بعد شهر ونصف من الآن. في تحليل مباراة النهائي، وبعيداً عن كل المباريات التي لعبها الأخضر السعودي في هذا البطولة، يبقي النهائي هو السكين الذي قطع آخر شريان في عنق الكرة السعودية، لتزيد المعاناة ويظل في طريقه من فشل إلي فشل، لكن هذه المرة جاء الفشل بفعل فاعل. لم يكن ذنب المنتخب السعودي وجماهيره أن يقود منتخب بلدهم مدرباً أقل ما يوصف بأنه فاشل، لكن هذا لا يعني أن يبث الفاشل فشله في بلد بأكمله ويظل علي قناعاته بأنه يسير في الطريق الصحيح، وأن النقد والعين التي تري مالا يراه هما بمثابة حرب ضده، فلا أحد يريد السقوط لمنتخب بلده. وبالعودة للمباراة النهائية التي هي امتداداً لل "عك" الكروي الذي كان يؤدي به منتخب السعودية تحت قياده كبير "العكاكين" لوبيز، نري أن الأخضر لم يكن له أي خطة ولعب بعشوائية واعتمد اللاعبون علي مهارتهم الفردية التي صعدت بهم إلي النهائي، ولا أذكر أن جاء هدفاً واحداً طوال البطولة سجله لاعب سعودي من جملة فنية أو تكتيك معين. مدرب بلا فكر ولا تخطيط ولا قيادة سواء في الملعب أو خارجه، فمباراة النهائي أثبتت أن نهاية هذا المدرب يجب أن تكون حتمية وبأسرع وقت بل إن الإقالة تأخرت كثيراً جداً، فإذا كان هذا هو الحال في مباراة نهائية لبطولة هي الأسهل تقام في العاصمة السعودية ويخسرها في النهائي بتلك الطريقة، فلا يوجد أي حل آخر قبل أن تقع الواقعة في كأس آسيا.
لم يكن خسارة نهائي بطولة هو سبب النقد والهجوم علي لوبيز، فهناك منتخبات تخسر وتودع بطولات لكن تبقي في ذاكرة المتابع كل دقيقة قدمها كل لاعب منها ولنا في الإمارات واليمن خير مثال، أما الأخضر فكان بلا طعم ولا لون ولا رائحة طوال مباريات البطولة ويكفي أنه لعب كل المباريات بمهاجم واحد بعيد عن مستواه ولا يلعب بروح وهو ناصر الشمراني ومع ذلك أصر لوبيز علي بقاءه.
خسر الأخضر أمام جماهيره بعد أن قرر لوبيز أن يفكر، فهناك مدرب إذا فكر خربت الدنيا، فلعب كل مباريات البطولة بمهاجم واحد وليس هذا فقط في خطة اللعب، بل حتي في التشكيل سواء الأساسي أو في التبديلات، فناصر الشمراني لم يخرج من الملعب طوال مباريات كأس الخليج إلا مرة واحدة في النهائي وبعد أن طار الكأس خارج المملكة، وقرر عدم إشراك تيسير الجاسم فجأة في النهائي رغم ما قدمه سلمان الفرج لكن عدم ثبات التشكيل كانت سيئة من أكثر مساويء لوبيز تأثيراً علي مستوي الأخضر.
فنياً، لا يحتاج الأمر الكثير من الحديث، إذ لا يوجد ما يقال سوي بعض النقاط السريعة وأهمها: - المنتخب السعودي لعب بطريقة 4-2-3-1 أثناء الهجوم، أما دفاعياً فلم يكن هناك أي تمركز صحيح لأي من المدافعين ككل، وتفرغ خط الوسط للمخالفات والتدخلات العنيفة التي كانت دائماً تأتي بنتيجة عكسية وكان الجميع يشعر أن كل هجمة قطرية علي مرمي السعودية يمكن أن يسجل منها هدفاً، في مقابل، إرتمي الشمراني في أحضان الدفاع القطري بعد ظل وحيداً بلا حول ولا قوة وغاب الإمداد من الوسط بفضل عدم وجود حلول في الوسط السعودي. - في بدائيات كرة القدم، هناك طريقة تجعل أي فريق مهما كانت قوته يتراجع أو علي أقل تقدير تخف حدة هجماته المضادة وهي اللعب بمهاجمين اثنين، لكن "القدير" لوبيز" لعب بمهاجم وحيد طوال البطولة حتي وهو خاسر في النهائي بدلا من أن يجري تبديلاً في أرض الملعب ويقوم بالدفع بنايف هزازي إلي جوار الشمراني، قرر أن يخرج مهاجم ليحل مهاجم آخر بديلاً له ليظل في عزلة وتنقطع عنه الاتصالات فما الجديد؟ - منحت طريقة لعب لوبيز - إذا كان هناك طريقة في الأصل - منحت القطريين حرية الحركة والضغط علي دفاع ووسط السعودية، فلم يخشي جمال بلماضي الضغط الجماهيري ولا الأرض ولا حتي المدرب "الوديع"، إذ كان منتخب السعودية كتاباً مفتوحاً لمن لا يفقه في الكرة شيء. - الجميع أجمع علي ان ناصر الشمراني سيء وليس في مستواه ولا يلعب بروح، لكن لوبيز الوحيد الذي لم يري هذا وترك مهاجمين مثل نايف هزازي ومختار فلاته علي دكة الاحتياطي ولم يستفد منهما حتي في المباريات التي بدت سهلة فهل هذا عقاب أم عدم معرفة بامكانات اللاعبين؟ - شخصياً، إنتقدت جمهور الكرة في الرياض حينما عزف عن التواجد في المدرجات مما أدي لفشل البطولة جماهيرياً، لكني أقدم اعتذاري عن هذا النقد بعد أن تأكدت أن نظرته كانت صحيحة وأن الخسارة آتية لا محالة وإن كانت الخسارة في الأدوار الاولي أقل مرارة من الخسارة في نهائي حضره الآلاف بعد أن قرروا الوقوف مع منتخبهم في هذه المباراة لكنهم كانوا علي حق. - الفوز السعودي المتوالي في البطولة والذي وصل به للنهائي كان خادعاً، فبالعودة لكل 90 دقيقة من كل مباراة سواء في دور المجموعات أو قبل النهائي، سنجد أن الفرديات هي ما وصلت بالأخضر للنهائي، ولكم في هدف سالم الدوسري في الإمارات والذي أهل السعودية للنهائي خير مثال ودليل. - كل منتخب أو فريق عرضة للخسارة في أي نهائي بطولة، لكن الأخضر كان مثل عجوز متهور يعبر الشارع علي عكاز وتعرض لجميع أنواع المخاطر، وحينما وصل بسلام انكسر العكاز وسقط ميتاً. - يبدو أن استاد الملك فهد أصبح شؤماً علي الكرة السعودية، فخلال شهر واحد خسر الهلال علي هذا الملعب في نهائي دوري أبطال آسيا، وتكرر الحال نفسه مع المنتخب السعودي في نهائي خليجي 22 وقبل نهاية نوفمبر بأربع أيام، فهل الأزمة في الملعب أو نوفمبر أو الحضور الجماهيري؟!