كم مرة رأيت بائعًا في مترو الأنفاق؟؟.. كم مرة تعاطفت مع هذا البائع، وكم مرة سبَبَ لك إزعاجًا، فسألت مستنكرًا.. "هي الشرطة راحت فين"؟!. ربما تتعرض عشرات المرات لمثل هذه المواقف، في يوم واحد، إذا كانت وسيلتك للوصول إلى مكان ما "مترو الأنفاق".. لكن هل وجدت دعاية للخمور في مترو الأنفاق من قبل؟؟.. هذا ما وجدناه في رحلتنا بأحد قطارات الخط الأول (حلوان المرج). كانت البداية أثناء استقلالنا القطار، متجهين نحو حلوان، وكالعادة، قابلنا العديد من البائعين، وكانت الأمور تسير طبيعية، فهو مشهد متكرر، أصبح مألوف لراكبي مترو الأنفاق، حتى وصلنا إلى محطة عين حلوان، واستقل المترو أحد الباعة، كان بيده أجندة مكتب، يبيعها بجنيه واحد فقط.. طباعة فخمة، وورق مميز، والسعر "جنيه بس".. كان البائع يُحفز المواطنين على الشراء، ويبرر ثمنها البخس، قائلًا "دي دعاية".. والمفاجأة "زجاجات خمور على صدر الورقة الأولى للأجندة"!. كانت زجاجات الخمور سببًا كافيًا لجذبنا نحو البائع، وكما فعل الكثيرون ممن اندفعوا نحوه لشراء تلك السلعة الرخيصة جدًا، طلبنا منه واحدة، فأعطانا إياها.. تكلفة الورق والطباعة تتكلف أكثر بكثير مما دفعناه، إذن ما فائدة المصنع، والبائع منها؟!، وهنا تذكرنا كلمة دعاية، وزجاجات الخمر الموجودة على غلافها، فأخذنا نستكشف باقي أوراقها، لتُجيب تلك الورقات على ما شغلنا من أسئلة. الأجندة تحوي 12 ورقة، مطبوعًا عليها شهور السنة، وبجوار كل شهر "سلعة تابعة لتلك الشركة".. إنها زجاجات مختلفة لخمور، ثم بعد أن تنتهي من الورقات ال 12، تجد طباعة أخرى في خلف كل ورقة، تحمل صورًا أكبر لتلك الزجاجات. دقيقتان تقريبًا، ووجدنا القطار يتوقف في آخر محطاته "حلوان".. وهنا كان القرار بإبلاغ الشرطة عن الواقعة، لوقف هذه الدعاية لتلك المشروبات بطريقة غير قانونية، لتقتحم البيوت، وتصبح تلك الزجاجات أمام المواطنين وأطفالهم طوال العام، مما يؤثر على الصورة الذهنية لهم، ويجعلها شيئًا مُحببًا لهم، كما أنها تُعتبر ضمن الدعاية الرمادية، التي تُظهر أهداف غير تلك الحقيقية، التي تُريدها الجهة المعلنة، وأحيانًا تستخدمها أجهزة مخابرات ضد دول أخرى. "نقطة شرطة محطة مترو حلوان".. كانت المحطة الأولى لنا، في طريقنا للإبلاغ عن "دعاية الخمور" وهناك التقينا 3 أشخاص يرتدون الزي المدني، يبدوا أنهم أمناء شرطة، وأخبرناهم بالواقعة، فطلبوا منا ترك الأجندة "سيبها معانا واحنا هنتصرف" أو الذهاب لقسم أول مترو الأنفاق بمحطة طرة البلد، للإبلاغ هناك، وكان الخيار الثاني، وذهبنا لطرة البلد، وبداخل قسم الشرطة ،انتقلنا من شرطي إلى آخر، وكل من يسمع ويرى ما جئنا للإبلاغ عنه، يرسلنا لآخر، حتى وصلنا للمقدم محمد حمدي، رئيس مباحث القسم، والذي طلب من أمين شرطة أن يتم توزيع صور "الأجندة" على رجالهم المنتشرين في المحطات، وسرعة ضبط هذا الشخص، وأن يقتادوه للقسم، ولا يتوقف الأمر عند تحرير مخالفة "بائع جائل". وفي داخل غرفة أخرى، قمنا بعمل مذكرة بالواقعة، وهنا حدثنا العقيد عصام الخولي، رئيس مباحث المترو، حسبما عرف نفسه، في مكالمة عبر هاتف رئيس المباحث، وأكد أنه سينشر رجال الشرطة بالمترو، من أجل سرعة القبض على هذا الشخص، مؤكدًا أنه لأول مرة يسمع عن هذا النوع من الدعاية بمترو الأنفاق. انتهت المذكرة، وتحفظت الشرطة على نسخة "الأجندة"، وتركناهم وغادرنا قسم الشرطة.