أكدت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة أن المغايرة في تنسيق القبول (الدرجات) بين البنين والبنات بكليات جامعة الأزهر، بتمكين البنين من دخول ذات الكليات بمجموع أقل في التنسيق عن الطالبات البنات، إنما يعصف بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين الذين تساوت مراكزهم القانونية، ويخالف صحيح أحكام الدستور والقانون. جاء ذلك في الدعوى المقامة من إحدى الطالبات التي حصلت على الثانوية الأزهرية بمجموع 640، وفوجئت بحرمانها من دخول كلية الطب بمحافظة دمياط، حيث إن التنسيق غيّر في تحديد المجموع المطلوب للترشيح للكلية بين البنين والبنات، وحدد مجموع 642 للبنات و639.5 للبنين. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءاً من دستور 1923 وانتهاء بالدستور المعطل، جميعها أكدت على مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه على المواطنين كافة، كما أن حق التعليم هو أحد الحقوق الدستورية التي تكفلها الدولة وتشرف عليها بغية إعداد الإنسان المصري المؤمن بربه ووطنه عن طريق تزويده بالقدر المناسب من القيم والدراسات النظرية والتطبيقية والمقومات التي تحقق إنسانيته وكرامته وقدرته على تحقيق ذاته، والإسهام في تنمية المجتمع وتحقيق رخائه. وأوضحت المحكمة أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. وأكدت المحكمة على أن ما تقوم به جامعة الأزهر من مغايرة في الدرجات للأعداد المقبولة بكليات البنين عن تلك المقبولة بكليات البنات مخالف لصحيح أحكام الدستور والقانون، لإخلاله بمبدأ المساواة وإهداره لتماثل المراكز القانونية للطلاب والطالبات الحاصلين على شهادة الثانوية الأزهرية، وذلك رغم أن شروط قبولهم بالمعاهد الأزهرية واحدة، والمناهج الدراسية متطابقة تماما، ونظم التقويم والتوجيه واحدة، ونظم الامتحانات والأسئلة متطابقة تماماً. واستطردت المحكمة: أنه رغم التماثل والتطابق بين أصحاب المراكز القانونية الواحدة إلا أن جامعة الأزهر دأبت على إجراء مغايرة في تنسيق القبول بها بين البنين والبنات، الأمر الذى يعصف بمبدأ تكافؤ الفرص، إذ يترتب على هذا المسلك الخاطئ حرمان الطالبة المتفوقة من الالتحاق بالكلية التي ترغب في الالتحاق بها لا لذنب اقترفته أو خطيئة ارتكبتها سوى أنها "أنثى" وليست "ذكراً" الأمر الذى يجعل لسان حالها يتساءل "بأي ذنب حرمت"؟! وانتقدت المحكمة مبررات جامعة الأزهر في قيامها بذلك، حيث ذكرت الجامعة بأنها تقوم بهذا الإجراء لأن إمكانيات فرع البنات أقل من تلك المتوفرة لفرع البنين، واستقلال كل فرع بأساتذته وأماكن الدراسة والمعامل والأدوات واختلاف الإمكانيات، وردت المحكمة بأنه من المستقر عليه فقهاً وقضاءً وعرفاً أنه لا يجوز الانتقاص من أخص الحقوق، وهو حق التعليم استناداً لنقص الإمكانيات، فضلاً عن التعجب والحيرة من توافر الإمكانيات اللازمة لكليات البنين فقط دون البنات، وهى تفرقة جاءت في غير موضوعها ولا مبرر لها، فالجامعة قادرة – إن أرادت – على توفير الإمكانيات اللازمة لفرع البنات أسوة بالبنين، وهو أمر جد يسير، كما أن الإمكانيات تخضع للعدالة وليس العكس. ووصفت المحكمة ما ذكرته الجامعة من حجة بأن هذه التفرقة بسبب كثرة عدد الناجحات في الثانوية الأزهرية عن عدد الناجحين من البنين، بأنها "حجة واهية" لا سند لها من القانون، فإنه لا يعقل أن يكون الحرمان هو جزاء النجاح والتفوق، وأن يكون التيسير هو المقابل للتقاعس، وهو الأمر الذى يدحض هذا الادعاء ويطرحه ويجعله والعدم سواء. لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا