أكد محمد بديع، المرشد العام لجماع الإخوان المسلمين، "نحن اليوم في عهد الحرية فادعم الحرية، وكن حرًّا مهما كان انتماؤك الحزبي أو ديانتك؛ لأن معنى حريتي: أن البلد غالية عليَّ جدًّا، ونحن في مصر اليوم وهي تتعرض إلى حريق، واجب الأحرار أولاً إطفاء الحريق، ثم نرى معًا الطريق، وإنني لمطمئن تمامًا لوعد الله تعالى ثم عظمة هذا الشعب ووعيه، ورغبته الأكيدة في البناء والعمل الجاد، والحفاظ على مؤسسات الدولة العريقة من شعبها العريق، فمؤسسة الرئاسة المنتخبة ملك الشعب، والجيش مؤسسة ملك الشعب، والشرطة مؤسسة ملك الشعب، والبرلمان مؤسسة ملك الشعب، والأزهر مؤسسة ملك الشعب، والكنيسة مؤسسة ملك الشعب، ومؤسسات المجتمع المدني مؤسسات ملك الشعب المصري العريق". وقال بديع، أن هناك أناس يختاروا أنواعًا من العبودية غير العبودية للبشر الصريحة، ولما فطن الخصوم إلى الكيفية التي يستعبدون بها البشر أوقعوهم في أنواع من العبوديات المبتكرة، وذلك بطرقٍ جديدة في فتح أبواب العبودية، بأن يكون الناس عبيدًا لأفكارهم بما يهيمنون عليهم من مصالح وأهواء، وهكذا انتشرت حريات هي في الحقيقة عبوديات، فصار بعض الناس عبيدًا للشهوات، فالشهوة هي التي تُحرِّكُه وتقيمه وتقعده، وكل ذلك فروع على الأصل الشيطاني الإبليسي الذي يدخل للنفس البشرية من باب الشهوات وباب الشكوك والشبهات، على حد قوله. وأضاف بديع، خلال رسالته الأسبوعية، الي كانت بعنون "الحرية من المبشرات لغد مشرق"، "الحرية هي التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها، فليست الحرية فقط أي تصرف بمعزل عن أي ضغط خارجي مباشر، يُمْلَى على سلوكي، فهذا ليس إلا الوجه الخارجي للحرية، ولكن الحرية بمعناها العميق، هي أن أتصرف بحيث يأتي سلوكي تعبيرًا عن كياني كله، وليس عن جزء من شخصيتي يتحكم فيَّ، دون بقية الأجزاء، فمثلاً: قد تتحكم في الإنسان إحدى الشهوات ويتصرف بموجبها، دون النظر إلى ما يقاومها ويعوقها، من أجواء أخرى في كيانه.. من عقل وضمير وروح، حينئذ فهو ليس حرًّا، بل هو عبد الشهوة، وقد يتحكم فيه انفعال، يتصرف تحت سيطرته بما يندم عليه فيما بعد.. فهو عبدٌ لهذا الانفعال". وتابع المرشد العام، "والحرية ليست هي الإيذاء والتعدِّي على حقوق الآخرين، والسَّبّ والشتم والتلفظ ببذيء القول؛ بل هذا نوع من أنواع عبادة الذات والشهوات، ومحاولة للتسلًّط وفرض الرأي على الآخرين؛ لأن الحرية هي الاعتراف بالآخر، وأنه موجود له قيمته الإنسانية وحقوقه المدنية، وتنتهي حريتي عند حدود وحريات الآخرين؛ حتى الجماد والنبات والحيوان لهم حقوق، بجانب أنها سبيل إلى تحقيق العدالة المفقودة، فالعدالة الحقَّة لا تتحقق في ظلِّ الاضطهاد وحرمان الحقوق والممارسات الإنسانية غير الشرعية، فالحرية مُقدِّمة أساسية لدفع الظلم وإزالته من المجتمع". وأشار بديع إلى أن الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم لا يعرفون قيمتها وأثرها، الذين يخافون من الحرية؛ لأنهم لا يثقون في الآخرين، لأنهم يفتقدون القيم والمبادئ الرفيعة، وأنانيون مُتكبِّرون جاهلون لمعنى الحرية، أو لأنهم عبيد لشهواتهم ولو ذاقوا حلاوة العبودية لله تعالى لهانت عليهم الدنيا بأسرها وليس شهواتها المحرَّمة فقط، ويريدون أن يستغلوا الآخرين ليحققوا أهدافهم المتعارضة مع أهداف غيرهم. وقال بديع، ان هناك خطوات أساسية نحو الحرية، ومنها، "تحريك العقل وتعويده على التفكير بحرية: بالتحرُّر من قيود الفكر المعلَّبة والأفكار الجاهزة، وإعطاء الفكر مرونة في الحوار الداخلي والنَّقد الذاتي بروح التمحيص والفهم، حيث تكون النتيجة رفع المعنويات والإحساس بالاستقلالية، وتغيير منهجية التربية: بتعليم أبنائنا الحُريَّة منذ صغرهم ونفسح لهم المجال للحوار واستخدام عقولهم للتعبير عن آرائهم بحيث يتعلمون معنى كرامة الإنسان وعِزَّته وشهامته، ويعرفون قيمة تحقيق الذات والشعور الواعي بالذات، ولا بد من تعليمهم أن الحرية مسئولية، بجانب نشر المعرفة وتحطيم الجهل: فالمعرفة تُحرِّر الفرد؛ لأنها تقضي على الخوف الداخلي، وكذلك على النزوات والرغبات غير المشروعة، والحرية حركة وجهد: لأنها فعل يعتمد على الوعي واكتساب التجارب، فهي بالمعنى الدقيق والعميق تحتاج إلى سعي مكثف وجهد مركَّز لاكتسابها والنموّ عبرها، بالإضافة إلى الإيمان بحرية الآخر قبل حريتي".