وسط الفناء قبالة البوابة الحديدية التي اعتادوا العبور منها ليصطفوا مُحيين العلم برفع الجباه لأعلى، مرددين النشيد الوطني في مراسم اعتاد عليها أجيال متعاقبة، انتصب حجر رخامي على مقربة من باب اعتلته كلمة ''مسرح مدرسة السعيدية ''. ربما مكانه كفيل بلفت أنظار المترددين على المدرسة ولو للمرة الأولى، وربما يزداد الفضول لمعرفة ما ينطوي عليه ذلك الحجر مع قراءة الكلمات التي تم حفرها عليه. باللون الأسود تم حفر أسمائهم على ذلك الحجر، بعد أن سبقتها باللون الأخضر حفر الآية الكريمة ''ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون''، لتتأكد ماهية الحجر بكلمات '' شهداء السعيدية الثانوية''. نصب تذكاري لشهداء المدرسة؛ فكرة قامت بها مدرسة السعيدية الثانوية العسكرية بالجيزة كنوع من التكريم لطلابها الذين بذلوا أرواحهم من أجل الوطن على مدار سنوات عديدة؛ فسماع كلمة نصب تذكاري لأول مرة ربما يأخذك للتفكير في حرب أكتوبر بشكل كبير لكن الواقع كان مختلف. أربعة أسماء حملهم ذلك النصب؛ أما الأول فكان الطالب مصطفى ماهر أمين أول من استشهد في سبيل مصر في ثورة 1919، والثاني قائد طيار عز الدين محمود ناصر شهيد حرب اليمن سنة 1962، بينما الثالث ملازم أول هاني محمد أسعد فهمي شهيد حرب أكتوبر 1973، وأخيراً اسم بطبيعة الحال كان مدعاة للوقوف عنده بشكل أكبر وهو الطالب على ماهر شهيد ثورة 25 يناير 2011.
لا تعرف المدرسة عن الشهداء الثلاث أكثر مما كُتب على النصب وأنهم أبناء مدرسة السعيدية، وأنه لا يعني استشهادهم بعد تخرجهم من المدرسة ألا يتم تكريم ولو بتخليد أسمائهم لتعرفهم الأجيال الملتحقة بالمدرسة، لترسيخ فكرة الانتماء المدرسي ومن ثم الوطني لدى كل طالب تطأ قدمه أرض المدرسة، التي ربما تكون الوحيدة في مصر التي قامت بعمل نصب لطلابها. ''النصب من زمان جداً من قبل ما امسك المدرسة من 35 سنة، وهو قبل كده كمان''.. قالها جمال عبد الرحمن البهنساوي - مدير إدارة مدرسة السعيدية - فلم يكن النصب إلا لأن '' احنا بنكرم أبناء المدرسة السعيدية من حقهم علينا، وكلهم بيشتركوا أنهم ماتوا عشان الوطن، كلهم شهداء في سبيل الوطن''، مؤكداً أن النصب لم يكن على هذه الحال منذ فترة قريبة؛ حيث أنه '' اتجدد وضيف له الطالب على ماهر كان في أولي ثانوي''. أما الطالب ''على ماهر''، كما هو معروف داخل المدرسة لم يلبث أن استكمل الصف الأول الثانوي بعد وقت وفاته، فهو كما قال ''عبد الرحمن'': '' كان لسه في المدرسة مفيش العام الدراسي كان لسه بادئ'' . '' ماهر'' الوحيد الذي سقط يوم 8 أبريل 2011 في أحداث ما عرفت ب ''جمعة التطهير''؛ حيث أصيب بطلق ناري أدى إلى وفاته، ليسجله النصب التذكاري كأصغر شهداء مدرسة السعيدية .