سارت مسيرة عاشورائية حاشدة ضمت عشرات الالوف من الاشخاص في الضاحية الجنوبية لبيروت الخميس في ذكرى عاشوراء، مجددة مبايعة حزب الله في موقفه الرافض لمسار المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وفي الصراع مع اسرائيل. واشتعلت الحشود التي تجمعت في ختام مسيرة عاشورائية طويلة في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، بالهتافات لدى اطلالة الامين العام للحزب حسن نصرالله عبر شاشة عملاقة ليلقي خطابه. وشكر نصرالله الذين لبوا دعوته الى الحضور الكثيف، "على مشاركتهم وتعبهم وجهدهم". وقال بينما ارتفعت القبضات وصرخت الحناجر "لبيك يا حسين" و"لبيك نصرالله"، "اعلموا ان ما تقومون به اليوم بعض وفاء لابي عبدالله الحسين عليه السلام وبعض تلبية لابي عبد الله الحسين في كربلاء عندما وقف ينادي هل من ناصر ينصرني؟". وتحدث نصرالله في كلمة مقتضبة عن "المؤامرة الجديدة بالعنوان الدولي وبالقرار الدولي التي تستهدف لبنان والمقاومة، والتي تسمى بالمحكمة الدولية والقرار الظني الاتهامي". وقال "في يوم انتصار الدم على السيف، اقول ان مؤامرة المحكمة الدولية ستذهب ادراج الرياح كما كل المؤامرات السابقة". وجدد رفض "اي اتهام ظالم لنا او لغيرنا"، مضيفا "سنسقط اهداف هذا الاتهام (...) سنحمي مقاومتنا وكرامتنا وبلدنا من الفتنة ومن المعتدين والمتآمرين باي لباس وعنوان او اسم اتوا". وكان نصرالله جدد التاكيد الاربعاء ان القرار الظني المنتظر صدوره عن المحكمة الخاصة بلبنان قريبا سيوجه الاتهام الى حزب الله بارتكاب الجريمة، متهما التحقيق الدولي بالفساد والارتشاء. ويشهد لبنان ازمة سياسية منذ اشهر على خلفية الموقف من المحكمة التي يتمسك بها فريق رئيس الحكومة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، بينما يشكك بها حزب الله ويعتبرها "اداة اسرائيلية اميركية" لاستهدافه. وكانت مراسم احياء ذكرى عاشوراء بدأت في الصباح الباكر بمجلس عزاء في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الذي انطلق منه المشاركون في مسيرة تجاوزت الاربعة كيلومترات واستغرقت اكثر من ساعة لبلوغ مكان التجمع، بسبب كثافة الحشود. كما انتشر الالوف غيرهم على الابنية وعلى جانبي الطرق، بينما غصت الشوارع المتفرعة من الطريق الرئيسية التي سلكتها المسيرة بالناس، وقطعت كل الطرق المؤدية الى الضاحية امام السيارات. وبدأ نصرالله القاء كلمته في وقت لم يكن كل المشاركين في المسيرة وصلوا الى ملعب الراية، ما اضطره الى الاعتذار منهم. وواكبت المسيرة اجراءات تنظيمية مشددة تولاها عناصر حزب الله، بينما كان المشاركون يرددون هتافات "حسيناه" و"كربلاء" و"يا حبيبي يا حسين". ورفعت بين الحشد شعارات كتب عليها "لن تمحو ذكرنا" و"يا ابو عبدالله" و"هيهات منا الذلة". ووجه نصرالله في كلمته تحية الى "مراجعنا"، وخص مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية علي خامنئي. كما توجه بالعزاء الى الشعبين العراقي والايراني "بالشهداء الذين قضوا في طريق ابي عبدالله في اليومين الماضيين في التفجيرات الاجرامية التي ارتكبت في حقهم". وعلى وقع هتافات "الموت لاسرائيل"، تحدث نصرالله عن الصراع الفلسطيني والاسرائيلي ومفاوضات السلام، مؤكدا "ما دام فينا عرق ينبض لن نعترف باسرائيل ولن نتخلى عن شبر من ارضنا ولن ننسى مقدساتنا"، في اشارة الى فلسطين والقدس. واضاف ان جامعة الدول العربية "اكتشفت في وقت متأخر ما قالته بالامس من ان المفاوضات مضيعة وقت، لكنها قالته"، داعيا "الامة كلها مجددا الى طريق الشرف والكرامة والعزة واباء الضيم ورفض الذل". واضاف "تعالوا الى طريق المقاومة وخيار المقاومة. المفاوضات انتهت والتسوية ماتت واصبحت جيفة". وقال نصرالله "لو وقفت حكوماتنا العربية والاسلامية واتخذت موقفا عزيزا كريما اعلنت فيه انهاء المفاوضات وانها ستصغي الى خيارات شعوبها، ستجدون ان العالم كله سيزحف اليكم وياتي ويخضع امامكم ويطلب منكم فرصة للحل والمعالجة". واعلن الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في ختام اجتماع لجنة المتابعة العربية الاربعاء في حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ان الفلسطينيين لن يستانفوا المفاوضات مع اسرائيل في غياب عرض جدي من واشنطن. وشهد لبنان الخميس عددا كبيرا آخر من المسيرات العاشورائية التي دعا اليها حزب الله في مناطق اخرى، كما حركة امل الشيعية التي يرئسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتي اقامت مسيرتها المركزية في الشياح في الضاحية الجنوبية ايضا. وشارك الالوف من المواطنين في مسيرات في النبطية وصور في الجنوب وفي بعلبك في البقاع وغيرها من المناطق. وقامت بعض المجموعات بعمليات تشطيب للرؤوس حتى اسالة الدماء في تقليد تحظره كل المرجعيات الدينية الشيعية في لبنان.