انتشر الجيش اليمني السبت في مدينة الحوطة بمحافظة شبوة (جنوب شرق)، التي قال انه استعاد السيطرة عليها الجمعة بعد ان تحصن فيها مئات "العناصر الارهابية من تنظيم القاعدة" منذ اسبوع. وفي الوقت نفسه، اعلنت مصادر امنية ان عشرة من عناصر المخابرات اليمنية جرحوا السبت عندما اطلق مسلحان يشتبه في انتمائهما لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب النار على حافلتهم في وسط صنعاء. وقال مصدر في اجهزة الامن اليمنية لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان "مجهولين مسلحين هاجما حوالى الساعة السادسة (3,00 تغ) حافلة للامن السياسي (المخابرات) في وسط صنعاء مما ادى الى جرح عشرة من عناصر" الجهاز الامني. وافاد مصدر امني ان اربعة اشخاص يشتبه في تورطهم في الهجوم تم توقيفهم. وهو اول هجوم داخل العاصمة اليمنية منذ محاولة الاعتداء على السفير البريطاني في نيسان/ابريل الماضي. وفي الحوطة، قال مسؤول في اجهزة الامن لوكالة فرانس برس ان "الجيش يسيطر بشكل كامل" على المدينة "واقام فيها ثلاثة حواجز عسكرية ويطوق جبلا يشرف على المدينة فر الارهابيون اليه". واضاف هذا المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، ان القوات الحكومية دخلت المدينة الجمعة بعد معارك "جرح فيها عسكري وتضرر منزلان". وكان ناطق باسم وزارة الداخلية اليمنية اعلن في تصريحات نقلتها وسائل الاعلام الرسمية، ان "قوات الامن بمساندة من وحدات القوات المسلحة تمكنت في ساعة مبكرة من صباح الجمعة من تطهير مدينة الحوطة من العناصر الارهابية من تنظيم القاعدة التي كانت متحصنة" فيها منذ 18 ايلول/سبتمبر. واضاف المصدر نفسه في التصريحات التي بثتها وكالة الانباء الرسمية (سبأ)، ان "الاجهزة الامنية تقوم حاليا بملاحقة العناصر الارهابية التي فرت الى الجبال المحيطة" بالمدينة. وكان مسؤول محلي ذكر ان ما بين ثمانين ومئة مقاتل يعتقد انهم اعضاء في القاعدة، يتحصنون في الحوطة والمناطق الجبلية المحيطة بها. واوضح المصدر الامني ان الاجهزة الامنية "القت خلال الايام القليلة الماضية القبض على عدد من عناصر تنظيم القاعدة واستسلم عدد منهم بعد إحكام الحصار عليهم داخل المدينة والتحقيق جار معهم". واكد المسؤول الامني لفرانس برس ان القوات الحكومية تقوم بعمليات تمشيط في احياء الحوطة للاعداد لعودة السكان الذين اضطرهم النزاع لمغادرة المدينة. وقدرت جمعية الهلال الاحمر بما بين ثمانية آلاف و12 الفا عدد الذين هربوا من سكان المدينة البالغ عددهم 20 الفا. من جهتها، قدرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة عدد هؤلاء باربعة آلاف شخص وعبرت عن "قلقها على امن وحماية السكان" المتضررين بالنزاع. ومن بين هؤلاء، ابدى البعض نيتهم العودة الى ديارهم السبت الا ان اجواء الحذر ظلت سائدة. وحدهم زعماء قبائل سلكوا الطريق نحو الحوطة للتاكد من ان الامن مستتب في المدينة، بحسب شهادات عدد من النازحين. واكد صالح عرم احد النازحين لوكالة فرانس برس ان بعض النازحين بدأوا العودة الى مدينتهم. وقال "انا الان على مشارف مدينة الحوطة مع اسرتي وفي طريقي الي منزلي في الجهة الغربية من المدينة". واضاف عرم الذي كان يتحدث في اتصال هاتفي من عدن الذي يأمل في الوصول الى منزله مع زوجته واولاده الستة "لا يزال الخوف يراودني كثيرا". وتابع "لم يسبق لي ان رأيت مشاهد مثلما اشاهد الان"، موضحا ان "قوات الجيش والمصفحات العسكرية تنتشر في ارجاء المدينة والسكان خائفون لأن المشهد لم يسبق وان مر على سكان الحوطة". واكد عرم ان "كل ما اتمناه هو عدم عودة المواجهات وخلو المدينة من عناصر القاعدة وكذلك من قوات الجيش فنحن نريد ان نعيش بسلام وامان". وشكك نازحون في الرواية المتعلقة بملابسات استعادة السلطات للحوطة. وقال شيخ قبلي في الحوطة لوكالة فرانس برس ان "ما حدث مسرحية هزيلة لا ندري ما هو هدفها". واوضح ان "منذ اسبوع نعيش خارج ديارنا وتم تشريد الاف الاسر جراء المواجهات مع القاعدة كما تدعي السلطة ثم ينتهي الامر بدخول قوات الجيش بدون حدوث مواجهات او مقاومة من قبل مسلحي القاعدة". وتابع "استغرب من حديث السلطات الرسمية بان المسلحين فروا الي الجبال او الى جهة غير معلومة وكيف خرجوا". واكد يسلم باجنوب نائب مسؤول السلطة المحلية في مدينة الحوطة "نحن الان بصدد تسليم النازحين منازلهم بعد ان خضعت لعملية تفتيش من قبل قوات الجيش والتاكد من خلوها من أي عناصر او مواد متفجرة". من جانب قال احد النازحين شائف جعفان (42 عاما) يعمل في البناء "دخلت منزلي بمفردي صباح اليوم فالمدينة هادئة خلافا لما عاشته الاسبوع الماضي. واما اسرتي المؤلفة من ثلاثة اولاد وبنت فهي الان في منزل احد اقربائي في منطقة عزان التي تبعد عن الحوطة 20 كلم" مضيفا "وبعد ان لاحظت هدوء المدينة فانا الان في طريقي الى عزان لاعود باسرتي الى المنزل الذي غادرناه مطلع الاسبوع الماضي جراء الاشتباكات". وتابع "الاسبوع الماضي كانت ايامه سوداء وتحولت مدينتا المعروفة بانها هادئة الى مدينة اشباح". واكد "اشاهد الان مواطنين يفتحون منازلهم ومحلاتهم واخرون يحملون حاجاتهم ويدخلون المدينة التي يبدو ان الامن عاد اليها". وخلال اسبوع، ادت مواجهات الحوطة الى مقتل سبعة اشخاص هم ثلاثة مقاتلين مفترضين من القاعدة وثلاثة جنود وزعيم قبلي، بحسب حصيلة موقتة قدمتها مصادر متطابقة. وجاء الاعلان عن استعادة السلطات سيطرتها على الحوطة بينما كان يعقد في نيويورك اجتماع للدول المانحة لليمن او "اصدقاء اليمن". وفي نهاية الاجتماع حذر وزير التنمية الدولية البريطاني الان دانكان من ان اليمن افقر بلد في العالم العربي، سيشكل "خطرا كبيرا" اذا لم يمنع العالم انهياره.