147 ألف شكوى.. رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو    وزير الأوقاف: جهود الوزارة في الحفاظ على السنة قديم وليس وليد اللحظة    بحضور السفير الفرنسي.. افتتاح المكتب الفرانكفوني بجامعة القاهرة الدولية ب 6 أكتوبر    برلماني: ثورة 30 يونيو فجر جديد وحد إرادة الشعب المصري لمواجهة التحديات    آخر تحديث.. سعر الجنيه الإسترليني اليوم السبت 8-6-2024 في البنوك    «الزراعة»: رفع درجة الاستعداد في 300 مجرز لاستقبال عيد الأضحى    «رجال الأعمال» تبحث تعزيز مشاركة القطاع الخاص في خطة وزارة الزراعة    وزيرة البيئة تلتقى ممثلى شركة تيتان مصر للأسمنت لبحث الفرص الاستثمارية    وزير المالية: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على زيادة الإنتاج المحلى والتصدير للخارج    حماس تسلم ردها على خطة بايدن للتهدئة في غزة اليوم    كتائب القسام: تفجير حقل ألغام معد سابقا في قوة هندسية للاحتلال وإيقاعها بين قتيل وجريح شرق رفح    «إكسترا نيوز» تبرز عدد الوطن اليوم.. تغير الموقف العالمي تجاه القضية الفلسطينية    رضا عبد العال: منتخب مصر لو قدام غينيا بيساو بنفس خطة بوركينا هيخسر    مصطفى شلبي: شيكابالا أفضل من محمد صلاح    طلب تحريات سيارة نقل اصطدمت بمحطة الأوتوبيس الترددي على الطريق الدائري بالمرج    محافظ المنوفية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 81.62 %    وكيل الأزهر يتفقد لجان اللغة الإنجليزية بمصر الجديدة ويشيد بالتزام الطلاب    حفظ التحقيقات حول وفاة نقاش بالمنيرة    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب سيارة بالبحيرة    الأمن العام يضبط حائزي وتجار المخدرات والأسلحة النارية والذخائر    جوليا باترز تنضم إلى فريق عمل الجزء الثاني من فيلم «Freaky Friday»    التوقعات الفلكية لبرج الحمل في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (التفاصيل)    نجيب الريحاني وجه باك أضحك الجماهير.. قصة كوميديان انطلق من كازينو بديعة وتحول منزله إلى قصر ثقافة    قافلة طبية مجانية بقرية المثلث في كفر الشيخ ضمن «حياة كريمة»    اندلاع حريق كبير جراء قصف إسرائيلي لبلدة حولا حي المرج ووادي الدلافة في جنوب لبنان    بسبب ارتفاع درجات الحرارة.. تخفيض سرعة القطارات على معظم خطوط السكة الحديد    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    ارتفاع أعداد شهداء مدرسة تؤوى نازحين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة ل41 شهيدا    مدرب المغرب عن انفعال حكيمي والنصيري أمام زامبيا: أمر إيجابي    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    السير على خطى فابريجاس؟ رومانو: ليفركوزن يقترب من ضم مدافع برشلونة    وزير الصحة يوجه بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية تزامنًا مع قرب عيد الأضحى    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    نجم الأهلي يوجه رسالة قوية إلى محمد الشناوي    وزيرة التضامن: تقديم موعد صرف مساعدات تكافل وكرامة ل10 يونيو بمناسبة عيد الأضحى.. الصرف من خلال ماكينات الصراف الآلى بالبنوك ومكاتب البريد.. 41 مليار جنيه لدعم 5.2 مليون أسرة.. وغرفة عمليات لمتابعة عملية الصرف    القاهرة الإخبارية: ليلة مرعبة عاشها نازحو رفح الفلسطينية بسبب قصف الاحتلال    فتح باب التقدم بمسابقة فتحى غانم لمخطوطة القصة القصيرة.. اعرف الشروط    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    هل يجوز الادخار لحم الأضحية؟.. تعرف على رأي الإفتاء    النائب العام السعودي: أمن وسلامة الحجاج خط أحمر    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    أوكرانيا: عدد قتلى الجيش الروسي يصل إلى 517 ألفا و290 جنديا منذ بدء الحرب    حاكم دونيتسك الروسية: القوات الأوكرانية تكثف قصف المقاطعة بأسلحة بعيدة المدى    أسعار الأسماك اليوم 8 يونيو بسوق العبور    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    «الصحة» تستعد لموسم المصايف بتكثيف الأنشطة الوقائية في المدن الساحلية    الجيش الأمريكي يدمر خمس مسيرات حوثية وصاروخين وزورق في اليمن    من جديد.. نيللي كريم تثير الجدل بإطلالة جريئة بعد إنفصالها (صور)    «اهدى علينا شوية».. رسالة خاصة من تركي آل الشيخ ل رضا عبد العال    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    الفرق بين التكبير المطلق والمقيد.. أيهما يسن في عشر ذي الحجة؟    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقامات والأضرحة في لبنان مرآة لمجتمع متعدد الديانات
نشر في مصراوي يوم 05 - 09 - 2010

حي الأوزاعي أحد الضواحي الفقيرة في جنوب العاصمة اللبنانية بيروت. والشارع الرئيس، الذي تمتد على جانبيه محال الحرفيين الصغيرة، تناثرت عليه المطبات. وفي الشارع الموازي له، الذي لا يبعد عن البحر كثيراً، ثمة مسجد صغير متواضع، في داخله حجرة صغيرة، غطيت أرضيتها بالسجاد. يوجد قبر عبد الرحمن الأوزاعي (707-774)، الذي أشتهر في النصف الأول من القرن الثامن كقاض وأسس مدرسة فقهية، سُميت باسمه. وخلف شبكة من القضبان تُحيط بالضريح يمكن للمرء أن يرى بعض الأوراق النقدية: ليرات لبنانية ودولارات أمريكية.
منذ عشرين عاماً يتولى هشام خليفة إمامة مسجد الأوزاعي والخطابة فيه. وعن سلفه يعرف خليفة أن قاصدي هذا الضريح ليس من المسلمين فقط: "يأتي إلى هنا أيضاً الكثير من المسيحيين، رهبان ورجال دين، إضافة إلى المؤمنين العاديين". يجلس الإمام في مكتبه المكيف ويوضح أسباب شعبية عبد الرحمن الأوزاعي العابرة للأديان: يُروى أن أحد ولاة بني العباس أمر بتهجير كل المسيحيين من لبناء انتقاماً من المقاومة المسيحية. لكن الأوزاعي كتب رسالة إلى الخليفة أوضح فيها مستنداً إلى أدلة من القرآن والفقه الإسلامي مخالفة هذا الأمر لتعاليم الإسلام. ولذلك أدرك الوالي خطأه وتراجع عن الأمر. إن هذه القصة، التي تورث من جيل إلى آخر وبقيت ملتصقة بالذاكرة الجماعية للبنانيين، وضعت حجر الأساس للدور الأوزاعي كشفيع للمسيحيين. ويروي هشام خليفة أنه حتى الرئيس اللبناني الأسبق شارل حلو، وهو مسيحي ماروني، زار مسجد الأوزاعي أكثر من مرة وقدم نذوره عند الضريح بالتبرع بالشموع والزيت والمال.
تقديس مستمر
في مكان آخر على بعد 40 كم شمال العاصمة بيروت، في جبال لبنان يوجد بقرية أفقا منبع نهر إبراهيم، ويسمى نهر أدونيس أيضاً. ينبع النهر من أحد الكهوف. يُشاع أنه كان تنتشر بهذا المكان في العصر الهيليني تقديس الآلهة أدونيس، احتفاء بالموت والعودة إلى الحياة. وعلى جانب الحوض، الذي يجمع مياه النبع، توجد على مرتفع صغير كومة من الكتل الحجرية، وهي بقايا أحد معابد الآلهة أفروديت. سلم صغير يقود إلى منخفض عبر أدغال الجبل. وعلى الجدار يُرى مرتفع صغير، بدت عليه آثار الكثير من الشموع المحترقة.
سحر، فتاة شابة من قرية أفقا، تقود الزائرين إلى هذا المكان الذي يصعب الوصول إليه. وتقول سحر إن هذا مقام للسيدة مريم العذراء، وإن أهل قريتها والقرى المجاورة يأتون إلى هنا لطلب الشفاء من أمراضهم. وتضيف سحر أن زيارة إلى هذا المقام تساعد في الشفاء من الحمى بشكل خاص. وفي المنطقة المحيطة بأفقا يعيش الشيعة والموارنة.
تعدد الديانات
يُشاع أنه كان تنتشر بهذا المكان في العصر الهيليني تقديس الآلهة أدونيس، احتفاء بالموت والعودة إلى الحياة ينتشر على أرض لبنان الذي توجد فيه 17 طائفة مسيحية ومسلمة معترف بها رسمياً، عدد كبير من المقامات والأضرحة. لكنها لم تعد تُزار جميعها من أتباع جميع الديانات، فالمغارة الصغيرة في أفقا وقبر الإمام الأوزاعي يعدان من الأماكن المقدسة، التي يقصدها المسيحيون والمسلمون على حد سواء. بحثت نور فرا-حداد في موضوع المقامات والأضرحة العابرة للأديان في بلاد الأرز، وتقول فرا-حداد إن عددها يبلغ نحو 30 مقاماً، تُقصد من المسيحيين والمسلمين من جميع أنحاء لبنان. وأجرت الباحثة اللبنانية مقابلات عديدة مع الزائرين وسألتهم عن ديانتهم والعوامل التي دفعت بهم لقصد هذه المقامات.
وتقول فرا-حداد إنه لم يقم أحد من الزائرين بإخفاء هويته الدينية. إن دوافع الزائرين من مسيحيين ومسلمين متشابهة، فالناس يصلون هناك لطلب الشفاء من المرض والحفظ والمساعدة في مكابدة آلام الحب أو النجاح في الامتحانات. ومن أجل ذلك فهم على استعداد للتبرع بالمال والأشياء العينية. كما أن شهرة المقام تتوقف على "نجاحه"، هذا يعني إلى أي مدى يُستجاب فيه للدعوات. وتقسم فرا-حداد، المتخصصة في الأنثروبولوجيا في جامعة القديس يوسف في بيروت، الأماكن المقدسة المشتركة إلى عدة أصناف. وعلى غرار مغارة أفقا توجد أماكن عديدة، تعتبر مقدسة منذ قرون طويلة. إن التقاليد تستمر وتتأقلم مع الظروف الدينية المتغيرة، بحسب فرا-حداد. وفي وعي الناس تبقى لهذه الأماكن أهمية خاصة.
قديسون يتمتعون بشعبية
"زيارة إلى هذا المقام تساعد في الشفاء من الحمى بشكل خاص" إن الأماكن، الموقوفة للأنبياء والشخصيات الدينية الموجودة في الديانتين الإسلامية والمسيحية وتحترم من قبل أتباعهما، مثل موسى ونوح وعمران ومريم العذراء مهيأة لأن تجتذب جمهوراً مختلطاً من الناحية الدينية. والكثير من المقامات المسيحية للسيدة مريم العذراء في لبنان تُزار من قبل المسلمين أيضاً. وأشهر الأمثلة على ذلك حريصا، فهناك يقوم تمثال مريم الضخم المشيد من الحجر الأبيض على أحد الجبال، وإلى جواره تقع كاتدرائية مثيرة للإعجاب. ويمكن رؤية كل من التمثال والكاتدرائية من الطريق السريع قبيل مدينة جونيه الساحلية. وتعترف الباحثة اللبنانية بأنه على الرغم من أن لكل من المسلمين والمسيحيين تصوره الخاص عن السيدة مريم، لكن توجد أوجه تشابه كثيرة في تصرفاتهم عند هذا المقام.
صنف آخر يتعلق ب"القديسين الوطنيين"، مثل مار شربل أو القديسة رفقة. ويتعلق الأمر هنا بمسيحيين لبنانيين، يُعزى لهم عجائب في شفاء بعض المرضى، كما أن الكنيسة الكاثوليكية تغدق عليهم القدسية. وينتمي هؤلاء إلى طائفة بحد ذاتها، لكن يُنظر إليهم في لبنان على أنهم أشخاص متقون قريبون من الله، بغض النظر عن انتمائهم الديني.
حوار متداخل
بالنسبة إلى نور فرا-حداد فإن مقامات التي تُزار من المسلمين والمسيحيين تعتبر أمثلة حية على الحوار اليومي المُعاش، وتقول عن ذلك: "عشنا الحرب الأهلية، التي خلفت تجارب مؤلمة لدى الكثير من اللبنانيين. وهذه الأماكن تجتذب الناس من مختلف الطوائف والأصول الاجتماعية، لأنهم يذهبون إلى هناك للحاجة نفسها. إنهم يبحثون عن المساعدة. وفي الوقت نفسه يتبادلون الاتصال والنصائح فيما بينهم. وهذا كله يخلف بعض الآثار". وتسمي أخصائية الأنثروبولوجيا ذلك بالحوار الرأسي والأفقي، الذي يجب أن يُأخذ بجدية مثل الحوار الجاري على الصعيد الأكاديمي أو المؤسساتي.
هشام خليفة، أمام مسجد الأوزاعي، لديه تحفظات على عادة الشفاعة بالقديسين. وعلى الرغم من ذلك يرى أن هذه العادة إشارة للتعايش الناجح، حين يزور المسلمون أماكن مسيحية والعكس. "إن المسلم لا يقصد هذه الأماكن إذا كان يشعر بالخوف أو يخشى الضرر. هناك يتم استقباله بالترحاب ويجد راحته".
منى نجار
ترجمة: عماد مبارك غانم
مراجعة: هشام العدم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.