وصلت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الجمعة الى اثينا في ذروة اسبوع مهم بالنسبة الى الحكومة اليونانية التي نجحت بالعودة الى الاسواق المالية بعد غياب اربع سنوات بسبب الازمة المالية وتدابير التقشف المتشددة. ويمكن ان تشدد ميركل التي تقود الاقتصاد الاول في اوروبا، على ان هذا هو ثمن النهوض الاقتصادي، وهي منذ بدء الازمة اليونانية من انصار تقشف مطلق يبدو انه اعطى ثماره. وقد ادلت ميركل بتصريحاتها الاولى امام متعهدين يوناليين شبانا اكدت لهم انها "تؤمن ايمانا مطلقا" بقدرة اليونان على الخروج من الازمة "بعد مرحلة قاسية، قاسية جدا". وتحدثت عن "الامكانيات التي لا تحصى للبلاد" التي "لم تستغل بعد والتي يمكن ان نبني عليها بعد طريق شاقة". وتلي هذه الزيارة اصدار اليونان سندات دين للمرة الاولى منذ 2010 جرى الاكتتاب بها ثماني مرات على الاقل، مما اتاح بيع ما يوازي 3 مليارات يورو من السندات لخمس سنوات مرفقة بفائدة 4,75%. ويعتبر اصدار السندات نجاحا غير متوقع في بلاد لا تزال وكالات التصنيف الائتماني تعتبرها في فئة السندات الخطيرة. ولاحظت صحيفة مونشنر مركور الالمانية اليومية ان التحالف الهش لرئيس الوزراء انتونيس سماراس مع الاشتراكيين يرى ان هذه الزيارة "يمكن ان يكفي للبقاء حتى الانتخابات المقبلة (الوطنية والاوروبية في ايار/مايو). وبالنسبة الى المستشارة والرأي العام المشكك للبلدان الدائمة، فان هذه الزيارة هي عملية علاقات عامة جيدة"، وذكرت صحيفة اتنوس اليونانية اليومية ان زيارة ميركل تشكل "صوت الثقة الثاني" لليونان بعد صوت الاسواق. وتحسنت العلاقات بين البلدين على المستوى الحكومي بعدما كانت متوترة، وشجعت ميركل التي اشادت بتضحيات اليونانيين، سماراس على متابعة اصلاحاته خلال زيارة قام بها الى برلين في تشرين الثاني/نوفمبر. لكن شعبية المستشارة ما زالت متدنية جدا في اليونان. ولم تأبه لذلك الجمعة وقالت للمتعهدين الشبان "آمل الا يلومكم احد عندما تعودون الى منازلكم هذا المساء لانكم التقيتم بي". وشهدت زيارتها الاخيرة في تشرين الاول/اكتوبر 2012 تظاهرات لعشرات الاف المعارضين لاجراءات التقشف التي دعت اليها. وهذه المرة، بعد اعتداء بسيارة مفخخة صباح الخميس قرب بنك اليونان في وسط اثينا، فرضت الجمعة تدابير امنية مشددة ومنعت التظاهرات فيه. وبات هذا التدبير مألوفا لدى كل زيارة يقوم بها مسؤول اوروبي. الا ان حزب سيريزا اليساري المتطرف ابرز احزاب المعارضة، الذي يتساوى في استطلاعات الرأي مع حزب سماراس، دعا مع عدد من النقابات الى تجمع للتنديد بزيارة "دعم للحكومة اليونانية وسياستها المدمرة قبل الانتخابات". وقالت صحيفة اليفتيروتيبيا اليسارية اليومية ان العودة الى الاسواق "لا تستند الى تحسن للمعطيات الاقتصادية ... لكنها ستتيح لميركل ان تقول في بلادها ان تدابير التقشف قد نجحت في اليونان". والمانيا التي تؤيد نهجا صارما للغاية في الموازنة لا تزال مرتبطة بالكارثة الاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها اليونانيون: بطالة بنسبة 27,5% وهي الاعلى في اوروبا وخسارة ربع اجمالي الناتج الداخلي على مدى سنوات من الركود وتراجع عائدات الاسر بمقدار الثلث بين 2007 و2012 وهي النسبة الاكبر داخل دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بينما يهدد الفقر قرابة ربع الاسر. وتحصل اليونان على مساعدات من شركائها الاوروبيين ومن صندوق النقد الدولي وحصلت على قروض بقيمة 240 مليار يورو مقسمة على خطتي انقاذ. وتامل البلاد بالاستغناء نهائيا عن الخطتين في 2016. وفي ذلك العام من المفترض ان تعود الى النمو. لكن وعلى الرغم من فائض اولي في الموازنة في 2013 الا ان الدين لا يزال يبلغ 177% من اجمالي الناتج الداخلي. وهذا الوضع الهش يثير مخاوف من اعادة هيكلة الدين او اعداد خطة انقاذ ثالثة وهما مسالتان سيكون لالمانيا فيهما راي غالب.