انتهت الجولة الاولى من مفاوضات جنيف-2 اليوم الجمعة من دون تسجيل اي تقدم في اتجاه حل النزاع السوري الدامي، باستثناء جمع وفدي الحكوامة والمعارضة في "غرفة واحدة"، وحدد موعد "مبدئي" للجولة الثانية بعد عشرة ايام. ويتوقف تثبيت الموعد على موافقة دمشق، بينما اطلق الفريقان بعد انتهاء الجلسات العنان لتهجماتهما. فاعلنت المعارضة ان "تسليح" الكتائب المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الاسد سيستمر ويتزايد في سوريا طالما لم يوافق النظام على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي. وشكك النظام بتمثيل المعارضة الموجودة في جنيف، معتبرا انها تلاحق "اوهاما" لناحية تسلم السلطة. على الارض، احصى المرصد السوري لحقوق الانسان سقوط 1900 قتيل في العمليات العسكرية في سوريا منذ بدء مؤتمر جنيف-2 بالاجتماع الدولي في مدينة مونترو السويسرية في 22 كانون الثاني/يناير. ويتوقع ان تتكثف خلال الايام المقبلة الحركة الدبلوماسية لا سيما مع عرابي المفاوضات، روسيا، حليفة النظام، والولاياتالمتحدة الداعمة للمعارضة. واعتبر الوسيط المكلف من جامعة الدول العربية والاممالمتحدة الاشراف على المفاوضات الاخضر الابراهيمي ان الجولة الاولى تشكل "بداية متواضعة جدا" لكن "يمكن ان نبني عليها". وقال الابراهيمي "كانت بداية صعبة. لكن الطرفين اعتادا الجلوس في غرفة واحدة". واكد ان "الهوة بين الطرفين لا تزال كبيرة"، الا انه سجل "عشر نقاط" تشكل "ارضية مشتركة" بين الطرفين ابرزها انهما "ملتزمان بمناقشة التطبيق الكامل لبيان جنيف (1) للوصول الى حل سياسي"، وانهما يعرفان انه "للوصول الى تطبيق بيان جنيف عليهما التوصل الى اتفاق دائم وواضح على وضع حد للنزاع وعلى اقامة هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية، بالاضافة الى خطوات اخرى ابرزها الحوار الوطني واعادة النظر في الدستور والانتخابات". واضاف الابراهيمي ان كلا من الطرفين "اعلن بعباراته انه يرفض العنف والتطرف والارهاب". وينص اتفاق جنيف-1 الذي تم التوصل اليه في مؤتمر غاب عنه كل الاطراف السوريين في حزيران/يونيو 2012، على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. وتعتبر المعارضة ان نقل الصلاحيات يعني تنحي بشار الاسد، وهو ما يرفض النظام التطرق اليه، مؤكدا ان مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. كما ينص الاتفاق الذي وضعته الدول الخمس الكبرى والمانيا والجامعة العربية، على "وقف فوري للعنف بكل اشكاله" وادخال المساعدات الانسانية واطلاق المعتقلين والحفاظ على مؤسسات الدولة. وتقول السلطات السورية ان معالجة مسائل الارهاب يجب ان تاتي قبل مسالة الحكومة. واكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي عقده بعد الظهر ان مفاوضات جنيف-2 لم تحقق "نتائج ملموسة". وعزا ذلك لسببين، "الاول عدم نضج وجدية الطرف الآخر وتهديده بنسف الاجتماع اكثر من مرة، والتعنت على موضوع واحد كما لو اننا قادمون لساعة واحدة نسلمهم فيها كل شيء ونذهب". اما السبب الثاني، فهو "الجو المشحون والمتوتر الذي ارادت الولاياتالمتحدة ان تغلف به اجتماع جنيف وتدخلها السافر في شؤون الاجتماع وتحديدا بتسيير الطرف الآخر وصولا الى قرار التسليح" الذي اتخذه الكونغرس الاميركي. وكان يشير الى تقارير صحافية عن "قرار سري" اتخذه الكونغرس الاميركي بتسليح "المعارضة المعتدلة" في سوريا. واكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد الجربا في وقت لاحق حصول المعارضة على "وسائل الدفاع" على الارض، مؤكدا ان "التسليح سيزداد" حتى التزام النظام السوري بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي. واضاف في كلمة وجهها الى "السوريين"، "سيزداد التسليح الدفاعي لثوارنا المدافعين عن عرضنا وكرامتنا كما ونوعا حتى يلتزم النظام بحرفية جنيف-1 الذي يمهد الى تجريد بشار الاسد من كل صلاحياته تمهيدا لعزله ومحاسبته". وتابع "عندما يتوقف نظام الاسد عن العدوان على شعبنا بالدبابات والطائرات والصواريخ والبراميل، وقتها يمكنه المطالبة بوقف دعمنا بوسائل الدفاع عن النفس". واتهم النظام بعدم "الالتزام الجدي" في المفاوضات. في المقابل، اكد وزير الاعلام السوري عمران الزعبي ان الوفد الحكومي لن يقدم اي تنازل في هذه المفاوضات، مضيفا "لن يأخذوا في السياسة ما لم ياخذوه بالقوة". وقال متوجها الى حوالى 250 متظاهرا من انصار النظام تجمعوا امام قصر الامم في جنيف خلال انعقاد آخر جلسة تفاوض "لا في هذه الجولة ولا في اي جولة قادمة يمكن ان يحصلوا من الوفد السوري (...) على اي تنازل". وفي انتظار انعقاد الجولة الثانية، تنشط الحركة الدبلوماسية الموازية. وقد اعلن الائتلاف المعارض ان رئيسه احمد الجربا سيزور موسكو في الرابع من شباط/فبراير. كما اعلن ان الجربا سيشارك في مؤتمر ميونيخ حول الامن الذي سيجمع في نهاية الاسبوع مسؤولي الدفاع والدبلوماسية في عدد كبير من الدول وابرزهم وزيرا الخارجية والدفاع الاميركيان جون كيري وتشاك هيغل ووزيرا الخارجية الايراني محمد جواد ظريف والروسي سيرغي لافروف. والى ميونيخ، يتوجه مساء اليوم الابراهيمي الذي اكد انه سيلتقي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وكيري ولافروف. الا ان المفاوضات التي اختتمت اليوم لم تحد من العنف الدامي الذي حصد خلال تسعة ايام في سوريا نحو 1900 شخص، في قصف جوي ومدفعي واشتباكات وحصار وتعذيب، بحسب المرصد السوري. ورأى المرصد ان الارقام "مخيفة"، وانه كان من الحري "ان تنعقد جلسات جنيف-2 مع وقف كافة العمليات العسكرية، وتوقف الاعتقالات بحق المواطنين في سوريا". على صعيد آخر، اكدت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية الجمعة ضرورة تسريع وتيرة اخراج الاسلحة الكيميائية من سوريا، بعد التقارير عن عدم نقل سوى اقل من خمسة بالمئة من الاسلحة الاكثر خطورة حتى الآن تمهيدا لتدميرها.