استؤنف النشاط قليلا السبت في بانغي حيث يسعى الجيش الفرنسي والقوات الافريقية الى تفادي تصعيد جديد غداة اعمال عنف دينية اسفرت عن سقوط ثلاثين قتيلا. وبعد ليلة هادئة نسبيا تخللتها عيارات نارية معزولة استؤنفت حركة السير تدريجيا على المحاور الكبرى وسط عاصمة افريقيا الوسطى. وفتحت المحلات التجارية ابوابها وعم النشاط في الشوارع وسارت سيارات الاجرة في المدينة باستثناء الاحياء التي شهدت آخر المواجهات قرب المطار حيث لا تسير سوى دوريات الجيش الفرنسي والقوة الافريقية لمساعدة افريقيا الوسطى (ميسكا). وقال مصدر عسكري فرنسي "منذ هذا الصباح اصبح الوضع اقل توترا من الخميس والجمعة في بانغي". لكن الاحقاد لم تهدأ وما زالت اعمال العنف مستمرة اذ شوهدت ثلاث جثث فجر السبت ممددة على الطريق في شارع الاستقلال المؤدية الى شمال بانغي، قال بعض السكان انهم مسلمون قتلوا ليلا. وفي حي بوي راب الذي يعتبر من معاقل ميليشيات الدفاع الذاتي المسيحية "مناهضي بالاكا" سرت شائعات بهجوم وشيك من مسلحين ما دفع بمئات السكان الى الفرار ليلا نحو كنيسة سانت برنار لكن الهجوم لم يقع وعاد السكان تدريجيا الى منازلهم في الصباح. وافادت مصادر متطابقة عن سقوط اكثر من ثلاثين قتيلا بمن فيهم ضابط تشادي من قوة ميسكا في اعمال عنف اندلعت مساء الخميس واستمرت حتى صباح الجمعة في بانغي شاركت فيها ميليشيات "مناهضي بالاكا" ومقاتلي سيليكا واغلب عناصرها من المسلمين، والتي استولت على السلطة في اذار/مارس 2013. ووقعت تلك الاحداث في حين استعادت عاصمة افريقيا الوسطى شيئا من نشاطها العادي قبل ايام قليلة، وتحاول ان تتعافى من مجازر على نطاق واسع بين مسيحيين ومسلمين. ومنذ الخامس من كانون الاول/ديسمبر خلفت تلك المجازر حوالى الف قتيل في البلاد وفق منظمة العفو الدولية منهم 583 في بانغي وفق الصليب الاحمر في افريقيا الوسطى، وسقط معظم القتلى في عمليات انتقام من سيليكا وكذلك في فظاعات ارتكبتها ميليشيا الدفاع الذاتي المسيحية. ودفعت اعمال العنف تلك الى تسريع التدخل العسكري الفرنسي الذي يحاول من حينها نزع اسلحة المتناحرين ويتحرك بالتنسيق مع قوات ميسكا التي تعد 3700 عسكري. وسيطر الجيش الفرنسي الذي نشر 1600 رجل في مختلف انحاء البلاد، اولا على مقاتلي سيليكا الذين نزع اسلحتهم واصبحوا محصورين في الثكنات بعد ان بثوا الرعب في بانغي حيث ارتكبوا العديد من التجاوزات بحق المسحيين. ويعكف العسكريون الفرنسيون الان على نزع اسلحة المليشيات المسيحية واحتواء رغبة انتقام السكان من عناصر سيليكا والمدنيين المسلمين. واعرب توماس كوربيون المسؤول محليا عن منظمة اطباء بلا حدود عن قلقه مؤكدا ان "الوضع متقلب جدا الى حد اننا مضطرون الى العمل حسب الظروف دون التخطيط والوضع مقلق جدا". وروى عامل اخر في المجال الانساني لفرانس برس انه لم يتمكن من الوصول الى حي مسلمين لشدة الغضب فيه اذ ان مدنيين حذروه بعدم الدخول "خوفا على سلامته". وقال مراقب ان "المسلمين في حالة غليان" وان من دون حماية سيليكا في الشوارع يعرب العديد عن غضبهم ويقولون انهم عرضة لانتقام المليشيات المسيحية آخذين على الجيش الفرنسي انه منعهم من الدفاع عن انفسهم. ولاحظ مراسل فرانس برس تصاعد الاستياء من الفرنسيين لا سيما ان الغضب ينصب على الصحافيين. واكتظ المطار صباح الجمعة بالراغبين في الرحيل لا سيما ان عدة رحلات تجارية كانت مبرمجة. كذلك تجمع المئات من المواطنين التشاديين في انتظار اجلائهم جوا في المنطقة من المطار التي تستعملها القوات التشادية في قوة ميسكا. وقال رجل "انهم يقتلوننا هنا لاننا مسلمون وتشاديون، يقال اننا نحن الذين حملنا سيليكا الى الحكم ولهذا نحن راحلون". وبعد تعزيز دورياته الخميس في بانغي ابقى الجيش الفرنسي "كل وسائله منتشرة" في المدينة تفاديا "لاشتعال الوضع". الى ذلك اعلن المتحدث باسم الحكومة في جمهورية الكونغو الديمقراطية ان بلاده سترسل كتيبة من 850 رجلا الى افريقيا الوسطى للعمل في اطار البعثة الدولية ميسكا. وقال لامبير مندي للصحافيين "ان قوة جمهورية الكونغو الديمقراطية في ميسكا تتألف من كتيبة للمشاة. وهذه الكتيبة تعد 850 عنصرا تم اختيارهم من احدى وحدات النخبة الناشطة" داخل القوات المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. واضاف ان هؤلاء العناصر "سيذهبون للدفاع عنا لان الامر يتعلق باستقرار 1577 كلم من الحدود" المشتركة.