توجه الاف المسيحيين في افريقيا الوسطى الاحد الى الكنائس في بانغي حيث لا يزال الوضع متوترا مع استمرار الاعدامات التعسفية وعمليات اطلاق النار المتفرقة بعد اسبوع على المواجهات الدينية التي اسفرت عن حوالى 600 قتيل في كل انحاء البلاد. وفي بيمبو بالضاحية الجنوبية لبانغي، قتل مسلم في الصباح على يد مسيحيين، كما قالت امرأة تسكن في الحي طلبت عدم الكشف عن هويتها. واضافت "ثمة تحركات للجموع والناس يهربون". وذكر مراسل وكالة فرانس برس، انه سمع ايضا اطلاق نار متفرقا يشير الى استمرار توتر الوضع في وسط العاصمة عند الفجر. ووصل الاف المسيحيين الاحد مشيا او في سيارات اجرة الى الكنائس في رعاياهم. وقد اكتظت الكنائس، فيما يستقبل عدد كبير منها مهجرين منذ المواجهات بين المسيحيين والمسلمين في الخامس من كانون الاول/ديسمبر. وكان اسقف بانغي اختار التوجه الى كنيسة سان شارل الواقعة على المخرج الشرقي لبانغي لترؤس قداس شارك فيه حوالى 1500 شخص. واكد المونسنيور ديودونيه نزابالينا "جئت حاملا رسالة تهدئة ومواساة". واضاف "لقد آن الاوان لوقف اعمال العنف ونتحلى بالتسامح ونعتبر الاخر كائنا بشريا وليس حيوانا نمزقه كما رأيت في الايام الاخيرة". وكان يرافق المونسنيور ديودونيه جنديان من القوة الافريقية لتأمين حمايته. ومساء السبت، عرض رئيس افريقيا الوسطى ميشال دجوتوديا الذي ينتمي الى تمرد سيليكا السابق (استولى على السلطة بقوة السلاح في اذار/مارس 2013) اجراء حوار مع الميليشيات المسيحية لوقف دوامة العنف. وفي مقابلة مع اذاعة فرنسا الدولية اكد ميشال دجوتوديا ان عناصر الميليشيات هؤلاء الذين يحاربون اليوم مقاتلي سيليكا السابقة "ليسوا اعداء، انهم اشقاء". واضاف دجوتوديا الذي اصبح بفضل التمرد اول رئيس مسلم لافريقيا الوسطى التي يشكل المسيحيون القسم الاكبر من شعبها، "انا على استعداد لان اجري مناقشات ليس فقط مع الميليشيات التي ترفض استخدام السواطير بل ايضا مع جميع الذين ينادون بالعدالة والسلام، انا مستعد لمد اليد". وحتى وصول سيليكا - تحالف غير متجانس من المجموعات المسلحة المسلمة - الى الحكم في اذار/مارس 2013، كان المسيحيون والمسلمون يعيشون في اطار من الوئام والتآخي في هذا البلد الفقير جدا الذي يبلغ عدد سكانه 4,5 ملايين نسمة يشكل المسيحيون 80% منهم. ومنذ ذلك الحين، يتحمل مسلحو سيليكا مسؤولية تجاوزات -عمليات اغتصاب ونهب واعدامات تعسفية- ضد المسيحيين الذين يريدون الانتقام وباتوا يعتبرون جميع المدنيين المسلمين عناصر من التمرد السابق. وقد ازدادت المجازر الدينية بطريقة مقلقة في الاشهر الاخيرة في بانغي وفي الريف ايضا وخصوصا في شمال غرب البلاد. وفي الخامس من كانون الاول/ديسمبر، شنت ميليشيات مسيحية تسللت بين السكان هجوما في بانغي على مواقع لسيليكا حركة التمرد السابقة واحياء مسلمة، مما ادى الى عمليات انتقامية دامية. وتقول الاممالمتحدة ان المجازر في الاسبوع الاخير اسفرت عن "اكثر من 600 قتيل" في كل انحاء البلاد، منهم 450 في العاصمة وحدها. وسرعت اعمال العنف هذه في التدخل العسكري لفرنسا، الذي بدأ في المساء نفسه الذي وافقت فيه الاممالمتحدة على القيام به ويشارك فيه حوالى 1600 رجل ينتشر القسم الاكبر منهم في العاصمة. وتتدخل باريس، كما اعلنت رسميا، لدعم قوة افريقية تضم من جهتها اكثر من ثلاثة الاف جندي. ويشن الجنود الفرنسيون منذ اسبوع عملية واسعة لنزع سلاح الميليشيات والمجموعات المسلحة وهي تستهدف في الواقع سيليكا السابقة التي يتجول عناصرها بالسلاح وحدهم في بانغي. وبدلا من ان يهدئ الخواطر، رأى كثير من المسيحيين في التدخل الفرنسي مؤشرا للانتقام في مواجهة عناصر من سيليكا السابقة الذين جردوا من اسلحتهم وباتوا خائفين من الا يتمكنوا من الدفاع عن ذويهم وعن الطائفة المسلمة. وفي الايام الاخيرة، زادت السلطات الدينية للطائفتين من الدعوات الى التهدئة وهي تحاول القيام بعمليات مشتركة من اجل المهجرين وتقديم مواد غذائية. وفي افريقيا الوسطى اليوم حوالى 159 الف مهجر وتواجه ازمة انسانية خطرة. وفي العاصمة، يتركز هؤلاء المهجرون المحرومون من كل شيء والذين غالبا ما يعانون من الجوع حول المطار حيث يتمركز الجنود الفرنسيون في الكنائس والمساجد.