الكويت (رويترز) - بعد ساعات من تنازل أمير قطر عن الحكم لابنه توجه أمير الكويت إلى الدوحة ليعانق الأمير الشاب الجديد بنفسه بدلا من إرسال برقية تهنئة مثلما فعل حكام الخليج الآخرون. واللفتة الدبلوماسية المباشرة كانت خطوة تقليدية من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح البالغ من العمر 84 عاما. وأطلق على الشيخ صباح لقب "عميد الدبلوماسية العربية" لجهوده من أجل تعزيز علاقات الكويت في الشرق الأوسط بعد الغزو العراقي لها في عام 1990. وأمضى أربعة عقود كوزير للخارجية قبل أن يصبح أميرا للبلاد في عام 2006 . ويرى أن الحفاظ على علاقات جيدة أمر حيوي للكويت التي تتمتع باحتياطيات ضخمة من الثروة النفطية ومحاطة بجيران أكبر مثل السعودية والعراق وإيران عبر الخليج. وبقاء الكويت على علاقات جيدة مع الدول الثلاث رغم الخلافات الدائمة بينها شهادة على مهارته الدبلوماسية. ووعدت الكويت بتقديم أربعة مليارات دولار مساعدات لمصر تشكل إلى جانب مساهمات من السعودية والإمارات حزمة قيمتها 12 مليار دولار من دول الخليج التي تظهر تأييدها لإطاحة الجيش المصري بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في الثالث من يوليو تموز. ورغم وجود قدر من عدم الارتياح الشعبي للتقارب مع العراق يشيد المحللون والدبلوماسيون بالشيخ صباح لجهوده العملية لإعادة بناء العلاقات مع بغداد. وزار الشيخ صباح العراق في أوائل عام 2012 في خطوة اعتبرت انفراجة بين الدولتين اللتين كانت بينهما عداوات مريرة. وقال دبلوماسي مقيم في الكويت "فيما يتعلق بالسياسة الخارجية فإن الأمير صاحب رؤية." لكن في الداخل تصاعد التوتر بين حكومته وبين النواب المنتخبين مما عطل الاستثمارات والإصلاحات الاقتصادية. وتجري الكويت انتخابات برلمانية مبكرة يوم 27 يوليو تموز هي السادسة في البلاد منذ أن تولى الشيخ صباح السلطة. ويقول دبلوماسيون ومحللون إن الشيخ صباح يواجه انقسامات داخل الأسرة الحاكمة أدت إلى تدهور المشهد السياسي. ويتصارع كبار أفراد أسرة الصباح على المناصب وبعضهم يفعل ذلك علنا والشقاق بين أقوى فرعين في الأسرة الحاكمة يكمن تحت السطح. ورغم أن الكويت تجنبت الانتفاضات التي شهدتها بعض البلدان العربية الأخرى منذ عام 2011 عبر المحتجون عن غضبهم من تعديلات أدخلت على نظام التصويت أقرها الأمير بموجب صلاحياته ونظموا بعض أضخم المظاهرات في تاريخ البلاد قبل الانتخابات التي أجريت في ديسمبر كانون الأول. ولتخفيف حدة التوتر استغل الأمير انقسامات المعارضة وقام بجهد منسق للتواصل مع شيوخ العشائر القوية الذين قاطع كثيرون منهم الانتخابات الماضية. ويشبه البعض استراتيجية الأمير بلاعب الشطرنج الذي يراجع الرقعة كلها ويحرك القطع بحذر. وقال دبلوماسي آخر "ينظر إلى الصورة كاملة. يحاول دائما تحقيق التوازن." وبسبب مرض أفراد بارزين في الأسرة الحاكمة كان الشيخ صباح الصانع الفعلي للسياسة لسنوات قبل أن يصبح أميرا للبلاد. وأجريت للشيخ صباح عملية لتثبيت جهاز لتنظيم ضربات القلب عام 1999 لكنه يسافر كثيرا ويبدو في صحة جيدة. ويقول محللون إن تأييد البرلمان لقيادته في عام 2006 منحه قاعدة سياسية قوية. ويقوم الشيخ صباح بدور فعال في صنع السياسة واستغل سلطاته التنفيذية لحل البرلمان خمس مرات منذ أن تولى إمارة البلاد. وقال أيهم كامل محلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة أوراسيا إن قراره في عام 2012 بحل البرلمان الذي كانت تهيمن عليه المعارضة ربما كان يعكس رؤيته بأن معظم الكويتيين سيؤيدون الحكومة في نهاية المطاف. وقال "كانت استراتيجية الأمير لاحتواء التهديدات الهيكلية من المعارضة المنظمة ناجعة للغاية." (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)