ألقى قرار تركيا بيع البنزين لايران على الرغم من عقوبات تفرضها الولاياتالمتحدة بهدف تقييد امدادات طهران من منتجات النفط الضوء على العلاقات التجارية المتنامية بين البلدين. فتركيا تشتري بالفعل ثلث وارداتها من الغاز من ايران وتتطلع الى توسعة علاقاتها لتشمل امدادات الطاقة وتوفير نقطة لعبور الغاز الايراني الى أوروبا. وايران هي ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول ( أوبك) لكنها تعتمد على الواردات في توفير ما يصل الى 40 بالمئة من احتياجاتها من البنزين لافتقارها للطاقة التكريرية. وتهدف العقوبات الامريكية بالاضافة الى اجراءات من جانب الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة الى الضغط على ايران فيما يتعلق ببرنامجها النووي الذي يقول الغرب انه قد يكون واجهة لامتلاك اسلحة نووية. وتقول ايران ان برنامجها النووي أغراضه سلمية. ولكن هل ستواصل تركيا القيام بعمل لا يفعله غيرها في الوقت الذي تدفع العقوبات موردي البنزين التقليديين لايران بعيدا عن التعامل معها؟ - كيف أثرت العقوبات على تجارة منتجات النفط؟ اضطرت ايران للتطلع الى تركيا وروسيا والصين وحتى فنزويلا بحثا عن البنزين نتيجة للعقوبات التي أبعدت مورديها التقليديين في أوروبا واسيا. وبعد 18 شهرا لم تبع فيها تركيا البنزين لايران بدأت أنقرة في يونيو حزيران في امداد طهران بما يعادل عشرة بالمئة من احتياجاتها الشهرية من البنزين حسب بيانات الحكومة التركية ووزارة النفط الايرانية. وباعت تركيا 1.2 مليون برميل مقابل 121.8 مليون دولار بزيادة 25 بالمئة عن أسعار السوق المعتادة حتى قبل أن تبدأ العقوبات. وتراجعت مبيعات تركيا من البنزين لايران بدرجة كبيرة في يوليو تموز مع بدء العمل بالعقوبات لكن وزير الطاقة التركي تانير يلدز قال يوم الاربعاء الماضي ان الحكومة ستدعم الشركات الخاصة التي تتطلع للتجارة في منتجات النفط المكررة مع ايران. وقال مصدر من شركة مصفاة النفط الحكومية التركية توبراش طلب عدم الكشف عن هويته ملخصا الشعور العام في تركيا حاليا "بالنسبة لنا ايران أهم من أمريكا لاننا نحصل على النفط الخام منها ولا نحصل على شيء من أمريكا." لكن مثل هذا الشعور ليس سائدا بين الجميع في تركيا. وقالت مصادر تجارية وملاحية ان ناقلة بنزين واحدة على الاقل كانت متجهة الى ايران منعت من الابحار من تركيا في يوليو تموز. ويشعر أصحاب السفن بالقلق من مخاطر الابحار الى ايران بعد أن قالت شركة لويدز أوف لندن انها لن تؤمن أو تعيد التأمين على شحنات البنزين المتجهة الى ايران. وقال متعاملون ومحللون ان من الممكن أن تصدر تركيا المزيد من البنزين لايران عبر الحدود البرية بين البلدين نتيجة لمشكلات التأمين على الشحن البحري كما أن من المتوقع ان ترسل شركة النفط الوطنية الايرانية بعضا من ناقلاتها لنقل منتجات النفط. - هل تأثرت تجارة النفط الخام بين البلدين؟ حتى الان لم تتأثر ولا يتوقع الكثير من التجار والمحللين أن تتأثر. فالعقوبات لا تستهدف الشركات التي تسهل بيع الخام بل تستهدف تجارة منتجات النفط مثل البنزين ووقود الديزل. وتعتمد تركيا على ايران في الحصول على نحو 63 الف برميل يوميا من النفط الخام لتغذية مصافيها. واشار بعض المشاركين في سوق النفط الى أن ايران قد تبدأ في عرض صفقات مبادلة مغرية اذ يمكن أن تعرض امدادات من النفط الخام مقابل البنزين من بعض الشركاء التجاريين المقربين. - هل تأثرت تجارة الغاز؟ تصدر ايران نحو عشرة مليارات متر مكعب من الغاز لتركيا سنويا وهو ما يمثل ثلث اجمالي الاستهلاك التركي وتعتزم زيادة الكمية. والى جانب الاعتماد على الغاز الايراني في تلبية احتياجاتها من الطاقة ينظر لتركيا باعتبارها معبرا مهما للطاقة لاوروبا. وقالت تركيا مرارا انها تؤيد فكرة استخدام الغاز الايراني في خط انابيب نابوكو المدعوم من الاتحاد الاوروبي والذي يهدف الى تلبية احتياجات القارة المتزايدة من الغاز. وتملك ايران ثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم. وجاء رد فعل الاتحاد الاوروبي وكونسورتيوم نابوكو فاترا حتى الان ازاء الفكرة لكن بعض المحللين يقولون ان اضافة بنية اساسية بين تركيا وايران مثل خط أنابيب معتزم بطاقة نقل 110 ملايين متر مكعب من الغاز ستعطي قوة للاقتراح التركي. ولم تتمكن بعد نابوكو -ومن بين مساهميها شركات ام.او.ال المجرية وترانسجاز الرومانية وبولجارجاز البلغارية وبوتاش التركية وار.دبليو.اى الالمانية وأو.ام.في النمساوية- من تأمين أي غاز بعد. ويأمل مؤيدو خط الانابيب في تأمين مصادر للغاز من اسيا الوسطى والعراق. وكانت تعقيدات سابقة في تصدير الغاز لتركيا قد اظهرت أن ايران شريك تجاري لا يعول عليه أحيانا. ففي يناير كانون الثاني عام 2008 اضطرت ايران لوقف صادرات غاز لتركيا بسبب انقطاع تدفق الغاز من تركمانستان اليها. وعطلت كذلك برودة الجو وخلافات على الاسعار وتفجيرات في خط الانابيب امدادات الغاز لتركيا من قبل. غير أن الطلب على الغاز في تركيا تراجع وأوقفت البلاد وارداتها في بعض الاوقات. ويوم الثلاثاء الماضي قال يلدز وزير الطاقة التركي ان بلاده دفعت لايران نحو 600 مليون دولار مقابل شحنات غاز لم تستخدمها لكنها تعاقدت على شرائها.