دبي (رويترز) - بدأ بعض المشترين الأجانب يعودون بحذر الي السندات الدولية المصرية مراهنين على أن البلاد ستنجح في تحقيق الاستقرار لاقتصادها وادارة مرحلة انتقالية للعودة الي الحكم المدني في الاشهر المقبلة. وتراجعت عوائد تلك السندات بأكثر من نقطتين مئويتين في الأسبوعين الماضيين. ولم تكن التدفقات المالية كبيرة. وفي حالات كثيرة كانت الاسعار تسجل ارتفاعات دون تداول فعلي يُذكر. ومازالت هناك حالة من عدم التيقن بشأن قدرة مصر على تشكيل حكومة انتقالية متماسكة تدير البلاد لحين إجراء انتخابات واحتمالات تصاعد أعمال العنف في الشوارع إلى حملة اضطرابات صناعية وهجمات مسلحة وفرص الإصلاح المالي للحد من عجز الموازنة المتصاعد. لكن تعيين رئيس وزراء يحظى بقبول لدى الكثيرين من التيار الإسلامي هذا الاسبوع وتعهد حكومات خليجية بتقديم مساعدات قيمتها 12 مليار دولار لمصر زادت على الأقل فرص التغلب على هذه العقبات. ويظهر التراجع الكبير في أسعار السندات المصرية في النصف الاول من العام ان هناك فرصة كبيرة لأن ترتفع الأسعار بدرجة أكبر في حال تحقيق الاستقرار في مصر. وقال خليل البواب مسؤول إدارة الأصول في المجموعة المالية هيرميس بالقاهرة "الآن يمكننا أخيرا أن نقول إن السوق عادت ... عمليات شراء حذرة لكن هناك اهتمام بالشراء في الوقت الراهن." وأضاف قائلا "نعم مديرو الأصول مستعدون لزيادة تعرضهم الآن." وارتفع العائد على سندات سيادية قيمتها مليار دولار تستحق السداد في 2020 إلى ذروتها عند 11.07 بالمئة في 27 يونيو من 5.84 بالمئة في نهاية العام الماضي مع تصاعد التوترات السياسية وتعمق الازمة الاقتصادية في الاشهر الأخيرة من حكم الرئيس محمد مرسي. وبدأت السندات في الانتعاش قبل الإطاحة بمرسي عندما اتضح أن الجيش من المرجح ان يتدخل لعزله مما يشير إلى ان السوق اعتبرت أداء حكومته أكثر تهديدا من الاضطربات التي قد يحدثها انقلاب عسكري. وقال حسنين مالك الذي يرأس شركة فرنتيير الفا في دبي "المخاطر المتعلقة بالعملة المصرية والسندات والأسهم أقل فعليا منها قبل عشرة أيام لأن من وجهة نظر المستثمر اي شيء افضل من المأزق السابق بين الاخوان المسلمين وفلول النظام القديم." وتداول السندات المصرية مقيد بسبب عدة عوامل. فأغلب السندات يعتقد انها مملوكة للبنوك المصرية التي تريد الاحتفاظ بها لفترة أطول وتعتبرها أداة تحوط من تراجع قيمة الجنيه المصري وبالتالي فهي لا ترغب في البيع. لكن متعاملا في لندن قال انه رصد عمليات شراء قامت بها بنوك أجنبية في حين دفع الطلب من صناديق التحوط الساعية لفرصة للربح الأسعار للارتفاع. وانخفضت العوائد على سندات 2020 الآن إلى 8.64 بالمئة. ويشير التاريخ إلى أنه إذا استقرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في مصر سيتراجع العائد بدرجة أكبر فهي مازالت أعلى بأكثر من 300 نقطة اساس عن مستواها في أواخر العام الماضي قبل أن تسوء التوقعات الاقتصادية. وفي الاسبوع الماضي عندما كان عائد سندات 2020 يبلغ 10 بالمئة تحول بنك الاستثمار اكسوتيك الذي يتركز نشاطه في الأسواق الناشئة الجديدة إلى اصدار توصية بشراء السندات الدولية لمصر التي تستحق السداد في 2020 2040. وقال جابريل ستيرن الخبير الاقتصادي في اكسوتيك في تقرير "عندما تظهر حكومة مصرية انها قادرة على تحقيق إصلاحات هيكلية في الاقتصاد نتوقع أن ترتفع التصنيفات وتتراجع العوائد بشكل سريع." وخطر تعطل الانتقال السلمي إلى الانتخابات بسبب أعمال عنف ومشاجرات داخل الاحزاب هو العامل الرئيسي الذي يعطل العديد من المستثمرين الأجانب عن دخول مصر. واشارت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني إلى هذا العامل عندما خفضت تصنيفها للدين الاجنبي والمحلي الطويل الأجل الاسبوع الماضي إلي ? ??(??B-??) من (??B??) مع الابقاء على توقعات سلبية مما يعني أن فيتش قد تخفض تصنيفها مرة أخرى في الاشهر المقبلة. لكن منذ خفض التصنيف شهد التأمين على الدين تراجعا في المخاطر المتصورة في مصر فانخفضت تكلفة التأمين على ديون مصر لأجل خمس سنوات إلى 706 نقطة اساس وهو مستواها في أوائل يونيو حزيران من 891 نقطة اساس الاسبوع الماضي. ويقول المستثمرون المتفائلون بشأن السندات المصرية ان السوق ربما لم تستوعب بالكامل بعد الاثر الإيجابي لتعهدات المساعدات الكبيرة التي صدرت هذا الاسبوع عن السعودية والإمارات والكويت. والمساعدات التي تبلغ قيمتها 12 مليار دولار قد تكون كافية لمنع أزمات في ميزان المدفوعات والموازنة في الاشهر الستة المقبلة وهي الفترة الانتقالية حتى إجراء انتخابات برلمانية إذا سارت الأمور حسب الخطة الموضوعة. وقد تمكن هذه الاموال الحكومة المؤقتة من محاولة شراء السلام الاجتماعي بتحسين امدادات الوقود والغذاء. والسرعة التي اعلنت بها دول الخليج الثلاث المساعدات تشير إلى انها تعتبر مساعدة الحكومة في مصر بعد عهد مرسي أولوية سياسية ولهذا فإذا اتضح ان مصر تحتاج المزيد من المساعدات فمن المرجح أن تتمكن من الحصول عليها. ومن العوامل الأخرى أيضا أن سوق السندات بالعملة الأجنبية في البلاد صغيرة بالمقارنة بحجم الاقتصاد إذ تشير بيانات ستاندرد تشارترد الي ان حجمها كان أقل من 34 مليار دولار في نهاية 2012 أو حوالي 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتاريخ استحقاق الإصداريين الدولاريين المصريين مازال بعيدا وحتى يحل أجله لا يتعين على مصر سوى توفير مبالغ العوائد. وقدرت فيتش أن خدمة الدين الخارجي تبلغ 6 بالمئة فقط من فواتير حساب المعاملات الجارية. لذلك فإنه على الرغم من الضغوط على الاحتياطيات بالعملة الأجنبية قد لا يكون التخلف عن السداد واردا في القاهرة التي يمكنها ببساطة تجميد دخول البلاد اسواق الدين العالمية ووقف إصدار صكوك كانت تأمل بإصدارها العام المقبل. وفي الوقت الحالي فإن اسعار السندات في مصر مغرية بالمقارنة بدول أخرى تعرضت لاضطرابات سياسية واقتصادية. فعائد سندات لبنانية بقيمة 650 مليون دولار يحين موعد استحقاقها في 2019 هو 6.24 بالمئة ومنحته فيتش التصنيف (?(??B? أو ما يزيد درجة واحدة عن الاصدار المصري. (إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير وجدي الالفي)