اختفى اثر ادوارد سنودن الذي كشف عن البرنامج الاميركي لمراقبة الاتصالات على الانترنت الاثنين في الوقت الذي طالب فيه اعضاء في الكونغرس الاميركي بترحيله من هونغ كونغ. وغادر سنودن (29 عاما) خبير المعلوماتية الذي كان يعمل لحساب شركة خاصة متعاقدة مع وكالة الامن القومي الاميركي فندقه في هونغ كونغ بعد ان كشف عن هويته لصحيفة "ذي غادريان" البريطانية الاحد. وتحول سنودن في لحظة الى بطل في اعين المدافعين عن الشفافية والحريات الفردية في مختلف انحاء العالم عندما كشف قيام وكالة الامن القومي الاميركي بمراقبة مستخدمين للانترنت بالاضافة الى اتصالاتهم الهاتفية في العالم. لكن يبدو ان الولاياتالمتحدة بدات تستعد للتحرك ضد سنودن، اذ اعتبر مسؤولون كبار في الكونغرس الاثنين ان عمله يرقى الى "الخيانة" وشددوا على ضرورة ترحيله من هونغ كونغ باسرع وقت. ورفضت السناتور الديموقراطية عن ولاية كاليفورنيا ديان فاينستاين رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الدخول في التفاصيل لكنها قالت ان السلطات الاميركية تتعقب سنودن. وصرحت فاينستاين امام وسائل الاعلام "كل الهيئات تتحرك بشكل حازم"، واعتبرت ان ما قام به سنودن يعتبر "خيانة". وهونغ كونغ التي تعتبر منطقة ادارية خاصة تابعة للصين مرتبطة مع الولاياتالمتحدة باتفاق تسليم مطلوبين موقع منذ اكثر من عقد. واعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين بساكي ان "اتفاق تسليم المطلوبين تم توقيعه مع هونغ كونغ في 1996 ودخل حيز التنفيذ في 1998 ولا يزال ساريا واستخدمناه مرات عدة في السنوات الماضية". وطالب مسؤولون سياسيون من مختلف الانتماءات بتسليم سنودن سريعا، كما اظهر استطلاع للراي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" ان الراي العام يعلق اهمية اكبر على التحقيق حول اي تهديدات ارهابية ممكنة منه على حماية الخصوصية الفردية. وقال السناتور الديموقراطي عن ولاية فلوريدا بيل نلسون انه يجب ان توجه الى سنودن تهمة الخيانة. وقال نلسون "لا اعتقد ان الامر يتعلق بمجرد تسريب معلومات. انها خيانة. لقد اخذ معلومات سرية للغاية وقام بنشرها بشكل مباشر. يجب ان يلاحق بموجب القضاء". واشار السناتور الجمهوري ليندساي غراهام الى ضرورة "ملاحقة سنودن حتى اقاصي الارض لاحضاره امام القضاء". من جهته، قال رئيس وكالات الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر ان ما قام به سنودن اضر بشكل بالغ بامن الولاياتالمتحدة واحال القضية الى القضاء الذي بدا تحقيقا في الامر. ورفض البيت الابيض التعليق على المسالة مبررا ذلك بالتحقيق الجاري. الا ان متحدثا اكد ان كلابر سيجري تقييما للاضرار التي يمكن ان تكون نجمت عن تسريب المعلومات واكد انه تم اطلاع الرئيس باراك اوباما على الوضع خلال عطلة نهاية الاسبوع. وقال سنودن لصحيفة "ذي غارديان" انه يامل بالحصول على اللجوء السياسي الى ايسلندا الا ان مسؤول هيئة الهجرة في ايسلندا نفى الحصول على اي طلب رسمي باللجوء وذكر بضرورة ان يكون سنودن على ارض ايسلندية ليحق له التقدم بمثل هذا الطلب. وسرت تكهنات عدة الاثنين حول ما سيكون عليه موقف هونغ كونغ في حال طالبت واشنطن بتسليمها سنودن، وانقسم المحللون حول ما اذا كان المسؤولون الصينيون سيتدخلون في القضية ام لا. كما سلطت القضية الاضواء على استخدام الولاياتالمتحدة لمتعاقدين من الخارج لاعمال استخبارات حساسة. وسنودن كان موظفا سابقا في وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي ايه" قبل ان يعمل لدى "بوز الن هاملتون" الخاصة. ووجه مؤيدو سنودن وعددهم كبير انتقادات شديدة على الانترنت للحكومة الاميركية ولعمالقة الانترنت الذين ساعدوها في التجسس. ودافع سنودن عن عمله قائلا انه كان بدافع حماية الحرية. وقال سنودن في مقابلة مع "ذي غارديان" ان "دافعي الوحيد كان اطلاع الناس على ما يتم ارتكابه باسمهم وفي حقهم". واضاف انه اضطر الى القيام بذلك "لانه لم يكن بوسعه ترك الحكومة الاميركية تقضي على الخصوصية والحرية على الانترنت والحقوق الاساسية للمستخدمين في العالم من خلال ماكينة المراقبة العملاقة التي تبنيها سرا". وفر سنودن الى هونغ كونغ في 20 ايار/مايو بعد ان نسخ كل الوثائق التي اراد نشرها في مكتب وكالة الامن القومي في هاواي، بحسب "ذي غارديان". وكان سنودن حاول في 2004 الالتحاق بالقوات الخاصة في الجيش الاميركي لكنه فشل. وقال الكولونيل ديفيد باترسون احد المتحدثين باسم الجيش الاميركي امام البنتاغون "لقد حاول التاهل ليكون بين القوات الخاصة لكنه لم يكمل التدريب المطلوب وتم تسريحه اداريا من الجيش". ورفضت القنصلية الاميركية في هونغ كونغ ومكتب الامن في هونغ كونغ التعليق على القضية، الا ان المسؤولة السابقة عن امن هونغ كونغ ريجينا ايب ان "على ادارة المدينة الالتزام باتفاقاتها مع الولاياتالمتحدة والتي تشمل ترحيل لاجئين". من جهة اخرى، نصح جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس الذي يقيم في سفارة الاكوادور في لندن لتفادي تسليمه الى السويد سنودن بطلب اللجوء الى اميركا اللاتينية. وقال اسانج لشبكة "سي ان ان" "انصحه بشدة بان يقصد اميركا اللاتينية فهي اظهرت بالفعل في السنوات الاخيرة انها تدافع بشكل اكبر عن حقوق الانسان كما انها معروفة بمنح اللجوء السياسي". وبامكان وكالة الامن القومي بموجب برنامج "بريزم" الذي كشفه سنودن ان تصدر اوامر لشركات انترنت مثل غوغل او فيسبوك للسماح لها بالدخول الى بريد الكتروني او دردشات او صور او ملفات او تسجيلات فيديو يقوم مستخدمون مقيمون خارج الولاياتالمتحدة بتحميلها.