في غياب مراقبين على الارض وادلة قاطعة لم تتأكد لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة بشكل جازم من استخدام الغاز القاتل في النزاع الدائر في سوريا بعد ان تحدثت كارلا دل بونتي العضو فيها عن "شكوك قوية" باستخدام غاز السارين من قبل مقاتلي المعارضة السورية. وحرصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا المفوضة من الاممالمتحدة على "التوضيح" الاثنين انها "لم تحصل على النتائج التي تسمح بالاستنتاج بان اسلحة كيميائية استخدمت (فعلا) من قبل اطراف النزاع". وتبقى الاتهامات التي تتقاذفها المعارضة والسلطات السورية في هذه المرحلة مجرد "ادعاءات" بالنسبة للجنة التي اكدت انها "ليست في وضع يمكنها في الوقت الراهن من مواصلة التعليق على هذه الادعاءات". وبذلك تنكر اللجنة تصريحات ادلت بها المدعية العامة السويسرية كارلا دل بونتي العضو فيها الاحد للصحافيين وتحدثت فيها عن استخدام غاز السارين من قبل مقاتلي المعارضة السورية. وكانت ديل بونتي التي تميزت بتصريحاتها الملفتة لوسائل الاعلام في مهمات سابقة انيطت بها خصوصا عندما كانت مدعية محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة، اكدت مساء الاحد بالايطالية لمحطة التلفزيون السويسرية العامة انها اطلعت على تقرير حول "شهادات جمعت تتعلق باستخدام اسلحة كيميائية، وخاصة غاز الاعصاب من قبل المعارضين وليس الحكومة". وتحدثت دل بونتي عن "شكوك قوية، شكوك واضحة" واعتبرت انه ليس امرا يدعو ل"الاستغراب" ان يكون المقاتلون استخدموا غاز السارين، "لان مقاتلين اجانب اندسوا بين المعارضين". وقد اثارت تصريحات دل بونتي دهشة الاخصائيين في هذه المسائل. وقال خبير في شؤون حقوق الانسان لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته "ان تأكيدات دل بونتي مثيرة للدهشة لاننا لا نعتقد ان لجنة التحقيق تملك ادلة لدعمها. في النقاش المثير للجدل حول استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، انه امر غير مسؤول من جانب مسؤول كبير في الاممالمتحدة ان يتقدم بمثل هذه التأكيدات بدون مستند فعلي متين". وعبر عن خشيته في ان تؤدي هذه التصريحات الى "مزيد من الصعوبة في معرفة الحقيقة ازاء التأكيدات التي لا تستند الى اساس". وستصدر لجنة التحقيق المؤلفة من اربعة حقوقيين والتي تنتهي مهمتها في اذار/مارس 2014 ، تقريرها المقبل حول انتهاكات القانون الدولي المتعلق بحقوق الانسان في سوريا اواخر ايار/مايو الجاري. ثم سيقدم في الثالث من حزيران/يونيو اثناء الاجتماع المقبل لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف. ولم تشر اللجنة الى تصريحات ديل بونتي مباشرة الا انها اكدت انها "ليست في وضع يمكنها في الوقت الراهن من مواصلة التعليق على هذه الادعاءات". وفي البيان ذكر رئيس لجنة التحقيق البرازيلي باولو سيرجيو بينيرو "جميع أطراف النزاع بأن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام الأسلحة الكيميائية في أيّ ظرفٍ كان". وفرق لجنة التحقيق التي انشأها مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في العام 2011، لم تتلق مطلقا الضوء الاخضر من دمشق للدخول الى سوريا. وتجري اللجنة تحقيقاتها من خلال التوجه خصوصا الى البلدان المجاورة لسوريا حيث يطرح المحققون اسئلة على لاجئين وضحايا واطباء بشكل خاص. واوكل الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى لجنة اخرى مؤلفة من خبراء اواخر اذار/مارس الماضي مهمة الكشف عن استخدام محتمل لاسلحة كيميائية في سوريا. لكن هذه اللجنة لم تحصل في نيسان/ابريل الماضي على اذن من الحكومة السورية لدخول البلاد. ورد بان كي مون على ذلك انذاك بقوله "ان اجراء تحقيق شامل وذي صدقية يتطلب الوصول بشكل كامل الى الموقع حيث قد تكون استخدمت فيه اسلحة كيميائية"، داعيا السلطات السورية الى السماح بتلك الزيارة "بدون تأخير وبدون شروط". وغاز السارين هو غاز قاتل يفتك بالجهاز العصبي وقد اكتشف عشية الحرب العالمية الثانية في المانيا واستخدم من قبل طائفة "آوم الحقيقة المطلقة" في مترو طوكيو في اذار/مارس 1995 ما ادى الى مقتل 12 شخصا. وعند تنشقه او مجرد ملامسته الجلد يتسبب هذا الغاز الذي يفتك بالجهاز العصبي بتعطيل انتقال السائل العصبي ويؤدي الى الوفاة بتوقف القلب والجهاز التنفسي. والجرعة المميتة منه هي نصف ملليغرام للكبار. وهو لا لون ولا رائحة له.