بيروت (رويترز) - قال ساكن يوم الاربعاء ان مدينة تدمر السورية الأثرية التي تعود الى آلاف السنين تتعرض لأضرار بفعل الاشتباكات بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلي المعارضة الساعين للاطاحة به. وأظهرت لقطات فيديو التقطها الساكن دائرة رمادية كبيرة خلفتها قذيفة مورتر على الواجهة المبنية من الحجر الرملي لمعبد بعل الذي بني في القرن الاول. كما تضررت بعض أعمدة المعبد جراء إصابتها بشظايا. واضاف الساكن الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من السجن "المعارضون يتمركزون حول البلدة... انهم يختبئون في الصحراء.. بعضهم إلى الشرق والبعض إلى الغرب." وتابع ان هذه المجموعات تهاجم المواقع الحكومية في البلدة اثناء الليل. وبعد اختبائهم في بساتين النخيل زحف المسلحون نحو مدينة تدمر وأطلال الموقع الاثري الذي كان يوما نقطة توقف حيوية للقوافل التي تعبر الصحراء السورية محملة بالتوابل والحرير والعطور. وقال الساكن ان الحكومة ترد بقذائف المورتر والمدفعية والصواريخ. واضاف الساكن الذي يؤيد المعارضة "بالنسبة للشهرين الماضيين تعرضنا للقصف كل ليلة... اتخذ الجيش موقعا في المتحف بين البلدة والاطلال القديمة." وتابع ان الجنود يقيمون في الفنادق الفخمة التي كانت تمتلئ يوما بالسائحين. كما دخل الجيش المسرح الروماني ووضع قناصة خلف جدرانه الحجرية." وخرج سكان تدمر الى الشوارع في مارس اذار 2011 للدعوة لاجراء اصلاحات ديمقراطية وانهاء حكم أسرة الاسد المستمر منذ نحو 40 عاما. ولكن كما هو الحال في غيرها من المدن قمعت الشرطة وقوات الأمن الانتفاضة مما أدى إلى اندلاع تمرد مسلح وحرب اهلية اسفرت عن مقتل أكثر من 70 الف شخص وتشريد الملايين في انحاء سوريا. وسيطرت قوات المعارضة على مساحات واسعة من سوريا لكن الحكومة ما زالت تسيطر على تدمر. وقال مأمون عبد الكريم وهو مدير عام الآثار والمتاحف في وزارة الثقافة لرويترز ان الجزء الداخلي للمعبد لم يتضرر في الهجوم بقذائف المورتر وإن كان ما حدث من أضرار تشبه ما يخلفه حريق. واضاف عبر الهاتف من دمشق ان الاشتباكات في بساتين النخيل خلف المعبد والطلقات الطائشة قد تصيب الاعمدة وواجهة المعبد. لكنه قال ان الموقع الاثري آمن الى حد كبير. وتابع "الأمور أصبحت تحت السيطرة وفيما يتعلق بالأضرار لم يلحق ضرر كبير بالمواقع الاثرية." "الجيش السوري يتواجد في بعض مناطق الموقع الأثري ونحن نعارض هذا. نناشد كل من الحكومة السورية وجميع الأطراف الابتعاد عن الموقع كي لا يصبح هدفا لكل جانب." ورصدت إيما كونليف الباحثة في جامعة دورهام في بريطانيا الدمار الذي لحق بالمواقع الأثرية في سوريا خلال الصراع. ويتضمن جزء من عملها توثيق الهجمات على مدينة حلب القديمة التي شهدت معارك ضارية وحرائق في أسواقها الشهيرة وفي قلعة الحصن وهي قلعة صليبية تقع على قمة تل في محافظة حمص. وقالت عبر الهاتف من دورهام إن "القلاع القديمة -التي يوجد منها الكثير- بها ميزة كبرى وهي في الحقيقة الجدران السميكة التي توفر الحماية من العدو." واضافت ان هذه الجدران السميكة تجعل من الموقع مكانا مثاليا لاقامة قاعدة عسكرية لكن ذلك يجعلها عرضة للاستهداف من قبل القوات المعادية. وبعد الاطلاع على لقطات الفيديو المصور في تدمر قالت كونليف ان نمط الاضرار يتوافق مع تلك التي تسببها الأسلحة المملوكة للحكومة لكنها اضافت ان من الصعب تأكيد ذلك. وتابعت "من غير الواضح بدرجة كبيرة ما هي الذخائر المتاحة للمتمردين.. لم يترددوا في اتلاف تراثهم عندما اقتضت الضرورة في مواقع أخرى أو في استغلالها رغم علمهم بأن ذلك سيضعها في مرمى النيران." وقالت ان الأضرار التي لحقت بالأعمدة قد تؤدي الى المزيد من الدمار في الموقع. (شارك في التغطية سليمان الخالدي في عمان - إعداد محمود رضا مراد للنشرة العربية - تحرير احمد حسن)