بدأت اليابان الاثنين مراسم احياء الذكرى الثانية للزلزال الضخم والتسونامي الهائل اللذين ضربا شمال شرق البلاد في 11 اذار/مارس 2011 وخلفا حوالى 19 الف قتيل ودمارا هائلا وكارثة نووية لا سابق لها منذ ربع قرن. ووقف اليابانيون دقيقة صمت عند الساعة 14,46 (05,46 تغ) تكريما لعشرين الف شخص بين قتيل ومفقود. واقيمت مراسم عدة على الساحل الشمالي الشرقي الذي اجتاحته امواج التسونامي، وفي مناطق اخرى من البلاد لا سيما في طوكيو حيث اقيم حفل تابين وطني حضرها الامبراطور اكيهيتو والامبراطورة ميشيكو ورئيس الوزراء شينزو ابي. واشاد الامبراطور بذكرى الضحايا واعرب عن امله في عدم نسيان هذه الارواح ولا الاشخاص الذي يعيشون "في ظروف صعبة وفي مراكز للاجئين في المنطقة المنكوبة". وفي الحادي عشر من اذار/مارس 2011، عند الساعة 14,46 ضرب زلزال بقوة تسع درجات اعماق المحيط الهادئ على مسافة بضع عشرات الكيلومترات من سواحل شمال شرق اليابان. وبعد اقل من ساعة، اجتاحت موجة مد هائلة زاد ارتفاعها عن عشرين مترا مدنا ساحلية في منطقة توهوكو (شمال شرق) وجرفت كل ما كان على طريقها ودمرت المرافئ والمنازل والمدارس والمصانع بدون ان تترك خلفها اثرا للحياة. وادت الكارثة رسميا الى سقوط 15880 قتيلا و2694 مفقودا يضاف اليهم 2300 شخص توفوا نتيجة تدهور ظروف الحياة بعد الكارثة. والحق التسونامي اضرارا كبيرة بمحطة فوكوشيما النووية مما ادى الى حصول انفجارات فيها وتسبب بحادث بالغ الخطورة هو الاخطر منذ حادث تشيرنوبيل قبل 25 عاما من ذلك. وتم تسخير العديد من الوسائل منذ وقوع الكارثة من اجل اعادة اعمار المناطق المنكوبة وقد رصدت لهذا الغرض ميزانية عامة طائلة بلغت 19 الف مليار ين (اكثر من 150 مليار يورو) يعتزم رئيس الوزراء اليميني شينزو ابي زيادتها لتسريع الاشغال. وازيل ركام الدمار من القسم الاكبر من المناطق المدمرة وتم تعبيد طرقات واعادة نصب اعمدة كهربائية فيها. وفي بعض البلدات الساحلية التي تكبدت اضرارا جسيمة مثل كيسينوما وايشينوماكي تعود الحياة بشكل تدريجي وتجري اعمال اعادة الاعمار بشكل نشط. ولا يزال 315,196 شخصا من دون منزل دائم ويقيم قسم كبير منهم في وحدات سكانية مؤقتة مكتظة. وشدد الامبراطور الاثنين على ضرورة تدريب السكان "على امل ان تساعد التمارين على انقاذ حياة الكثيرين" في حال وقوع كارثة طبيعية اخرى. من جهته، تعهد رئيس الوزراء ببناء بلد اكثر مقاومة للكوارث طالبا الدعم من السكان. وكان ابي صرح في تسجيل فيديو عرض على موقع يوتيوب الاثنين "ما لم يحل الربيع في منطقة توهوكو، فان اليابان لن تعرف الربيع الحقيقي. نحن مصممون على تسريع اعمال اعمال الاعمار"، في اشارة الى المنطقة المنكوبة بشمال البلاد. ويطالب قسم من سكان المناطق المنكوبة باعادة اعمار الاراضي التي كانت تملكها اسرهم منذ اجيال، بينما يفضل قسم اخر نقل البلدات الى اماكن اكثر ارتفاعا وبالتالي اكثر امانا. واعتبرت منظمة "غرينبيس" المعارضة للطاقة النووية ان الحكومة فشلت في تامين الدعم الكافي للسكان الذي هربوا من الاشعاعات النووية وان قسما منهم "يعاني من الافلاس والطلاق والانهيارات النفسية في تزايد". وتابعت المنظمة في بيان "انهم بحاجة الى التعويض والدعم لاعادة بناء حياتهم"، وحثت الحكومة اليابانية على التخلي عن الصناعة النووية بالتدريج. وسجلت قرابة عشرة الاف هزة ارتدادية منذ الزلزال قبل عامين، من بينهم 736 هزة سجلت خمس درجات بينما وقع بعضها في مكان محطة فوكوشيما حيث لم يتم بعد اي اصلاح دائم للاضرار التي الحقت بالمفاعلات. ويغادر العديد من الشباب المنطقة خصوصا فوكوشيما حيث الاقتصاد يعاني من ازمة لبدء حياة جديدة في مناطق اخرى. وتقول الحكومة ان المحطة مستقرة ولم تعد تسجل اي انبعاثات لمواد مشعة. كما تقول ان المواد الغذائية في المنطقة يتم فحصها للتحقق من خلوها من اي تلوث اشعاعي قبل شحنها الى اسواق المناطق الاخرى. وعلى الرغم من التطمينات، الا ان العديد من المستهلكين يتفادون المنتجات الصادرة عن فوكوشيما مما يزيد من الصعوبات التي يعانيها القطاع الزراعي في المنطقة. وقال حاكم فوكوشيما يوهي ساتو في برنامج خاص على قناة "ان اتش كي" "اطلب من سائر البلاد والشعب الياباني ان يصبحوا على اطلاع حول موضوع الاشعاعات". وتابع ساتو "وذلك من شانه ان يؤدي الى تفهم افضل للوضع في فوكوشيما والغاء هذا الاعتقاد الذي لا اساس له" بان كل المنتجات من فوكوشيما ملوثة. وتحتاج الحكومة الى اربعة عقود لتفكيك المفاعلات بينما لا تزال الامة مترددة ازاء الاستمرار باستخدام الطاقة النووية لتلبية حاجات الاقتصاد الثالث في العالم. وقد اعيد العمل في اثنين فقط من المفاعلات النووية للاستخدام التجاري اذ حالت معايير السلامة المشددة والتردد السياسي دون استئناف العمل في المفاعلات الاخرى. ويتوقع الخبراء انه ومع عدم وجود بدائل تجارية اخرى قابلة للاستمرار، ومع وجود ابي المؤيد بشدة للطاقة النووية على راس السلطة ان يعاد العمل في بعض هذه المفاعلات.