لندن (رويترز) - يبحث الاتحاد الاوروبي يوم الاثنين سبل الضغط على اسرائيل كي تتخلي عن خطة لبناء مستوطنات في منطقة حساسة للغاية في الضفة الغربيةالمحتلة لكنه استبعد اتخاذ اجراء مشدد قريبا برغم الغضب الدولي من القرار. ويقول بعض المسؤولين ان الخيارات المتاحة لاتخاذ خطوات مشددة ضد اسرائيل محدودة بسبب غياب الاجماع بين الدول السبع والعشرين في الاتحاد الاوروبي والحماية الدبلوماسية التي تسبغها الولاياتالمتحدة على اسرائيل. وستزيد فرصة فرض اجراءات عقابية أوروبية اذا واصلت اسرائيل الاستهانة بالرأي العام العالمي لكن الصخب الصادر من بريطانيا وفرنساوالمانيا لا يشير الى تحرك قوي في الوقت الراهن. ومع ذلك فلا تزال هناك عدة خيارات متاحة للاتحاد الاوروبي - وهو من بين اكبر شركاء اسرائيل التجاريين - للضغط عليها كي تتخلى عن خطط الاستيطان التي يحتج الفلسطينيون بأنها تحرمهم من الارض اللازمة لاقامة دولة تحمل مقومات البقاء وتزيد اضعاف فرص احياء المفاوضات. ومن المقرر ان يناقش وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في اجتماع في بروكسل سبل الرد على احدث خطط الاستيطان الاسرائيلية. واستبعد وزير الخارجية البريطاني وليام هيج الاسبوع الماضي احتمال فرض عقوبات وتحدث بدل ذلك عن مفاوضات وصوغ "محفزات ومثبطات" لمحادثات السلام. وهونت فرنسا أيضا من احتمال فرض عقوبات وخفضت التوقعات بخصوص إمكان اتخاذ اجراءات مشددة قائلة ان التركيز يجب ان ينصب على "الاقناع" وتذكير اسرائيل "بالمبادئ والادانات". وقال مصدر دبلوماسي فرنسي "هناك افكار على الطاولة لكن فلنر ما اذا كانت الاسرائيليون سيمضون قدما بالفعل بالانشاء وماذا سيحدث في الانتخابات." وتجري اسرائيل انتخابات برلمانية في يناير كانون الثاني. وقال مسؤولون اسرائيليون ان الامر قد يستغرق ما يصل الى عامين قبل أن يبدأ أي بناء في المنطقة المعنية الواقعة الى الشرق من القدس. واستدعت بريطانيا وفرنسا وعدة دول اوروبية اخرى سفراء اسرائيل الاسبوع الماضي للاحتجاج على خطة بناء مستوطنات في المنطقة المعروفة بالاسم (إي 1) في الضفة الغربية بل ان المانيا وهي أوثق حلفاء اسرائيل الاوروبيين عبرت عن انتقادها. ومن شأن البناء في هذه المنطقة ويعني اسمها (الشرق 1)ان يقسم الضفة الغربية ويجعل إقامة دولة فلسطينية متصلة الاراضي - كما يدعو حل الدولتين الذي يحظى بمساندة دولية- مستحيلا تقريبا. وتعتبر اغلب القوى العالمية الاستيطان في الارض التي احتلتها اسرائيل عام 1967 غير قانوني. غير انه يوم الخميس وخلال زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لالمانيا اكدت برلين ايضا فيما يبدو نهج عدم التدخل في صنع القرار الاسرائيلي. وقالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بعد لقاء نتنياهو "اسرائيل تقرر لنفسها فهي دولة ذات سيادة. كل ما يمكننا فعله كشريك هو ان نعطي رأينا وتقييمنا." ويتجاهل نتنياهو اليميني الانتقادات العالمية ويشدد على حق اسرائيل في الدفاع عن "مصالحها الحيوية". وحال تحالف إسرائيل العضوي مع الولاياتالمتحدة واختلاف الاراء داخل الاتحاد الاوروبي دون القيام بتحرك دولي ملموس بشأن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. وقال مينزيس كامبل العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني "الحكومات الاوروبية تعبر فرادى وبشكل جماعي عن شعورها بالاحباط بشأن السياسات التي تعتمدها الحكومة الاسرائيلية... لكن هذا الاحباط لم يتبلور حتى الان في تصميم على اتخاذ اجراء كالعقوبات الاقتصادية مثلا." وأضاف "وأسباب هذا معقدة. الرغبة في عدم اغضاب الولاياتالمتحدة... وأنه في بعض البلدان على الاقل ما زال الشعور بالذنب للسماح بوقوع المحارق النازية قائما وكذلك صعوبة الوصول الى موقف إجماعي بشأن مثل هذه القضايا بين الدول السبع والعشرين الاعضاء في الاتحاد الاوروبي." ويرى آخرون عقبات اقل امام اتخاذ اجراءات قوية. وقال دانييل كوهن-بنديت العضو اليساري في البرلمان الاوروبي ان الاجماع ليس ضروريا بالنسبة لبعض الاجراءات. وقال "يمكنهم اتخاذ قرار بأغلبية مشروطة. ليسوا بحاجة للاجماع" مضيفا انه دون تهديد حدير بالتصديق فكأن اوروبا تقول لاسرائيل في الواقع "افعلي ما شئت". اما كريس دويل الذي يرأس مركز كابو للابحاث الخاصة بالعلاقات البريطانية العربية فعرض سلسلة من الخيارات امام دول الاتحاد الاوروبي. ويقول انه بالاضافة الى العقوبات الاقتصادية يمكن لدول الاتحاد ان توقف التعاون في مجال البحث الاكاديمي وفرض قيود على السلع المنتجة في المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية بل وفرض حظر لتأشيرات الدخول لاعضاء الجماعات الاسرائيلية اليمينية المتطرفة. وقال ان الدول الاوروبية يمكنها ايضا ان تعزز كل على حدة العلاقات الثنائية مع الفلسطينيين وهي خطوة من المرجح ان تغضب اسرائيل. واضاف "الاسرائيليون لن يتزحزحوا ما لم يعتقدوا حقا ان هناك نية. لقد سمعوا ذلك كله من قبل. لو أقام الأوروبيون الارض وأقعدوها فماذا في ذلك. "اذا كانت هناك ارادة سياسية لاتخاذ الاجراءات اللازمة فهناك مجموعة كاملة من الاجراءات المتاحة." أما اسرائيل فيبدو من غير المحتمل أكثر من أي وقت مضى أن تستجيب للاحتجاجات الاوروبية بشأن المستوطنات نظرا الى أن عدة قوى اوروبية إما أيدت قرار ترقية الوضع الدبلوماسي للفلسطينيين في الأممالمتحدة وإما امتنعت عن التصويت عند الاقتراع عليه في الجمعية العامة للمنظمة الدولية يوم 29 نوفمبر تشرين الثاني. وفاز الفلسطينيون في التصويت ونالوا بذلك فعليا تأييد الاممالمتحدة لمسعاهم لاقامة دولة وهو تحرك نددت به اسرائيل والولاياتالمتحدة ووصفتاه بأنه خطوة منفردة تعرقل محادثات السلام. وجاء الاعلان الاسرائيلي عن المستوطنات الجديدة غداة التصويت. وقال عوديد عيران وهو سفير اسرائيلي سابق لدى الاتحاد الاوروبي ويعمل الان باحثا في المعهد الاسرائيلي لدراسات الامن القومي "في هذه المرحلة فقد الاتحاد الاوروبي اي مصداقية له لدى هذه الحكومة الاسرائيلية. "اشك ان هناك حزمة ..ايجابية او سلبية ..يمكن ان تقنع نتنياهو الان بالاستماع الى النصيحة الاوروبية." والعامل الحاسم فيما اذا كان بمقدور اوروبا ان تشدد تصريحاتها لجذب انتباه اسرائيل هو واشنطن التي انتقدت ايضا خطة الاستيطان في المنطقة إي1 لكن قوة أقل مما فعلت اوروبا. وقالت بريطانيا انها ستكرر يوم الاثنين مناشدتها لواشنطن ان "تقوم بدور قيادي حاسم وتدفع عملية السلام الى الامام على نحو عاجل". ولا يتوقع الخبراء تغيرا جذريا في سياسة ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لكنهم لاحظوا تغيرا دقيقا في الأسلوب وهو ما قد يشجع الاتحاد الاوروبي. وقال دانييل ليفي مدير الشرق الاوسط في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية "التغير الذي يمكن لمسه في الايام القليلة الماضية هو ان الامريكيين لا يخصصون جهدا دبلوماسيا للخلاف مع الآخرين (بشأن اسرائيل). "من الواضح للغاية انه لا احد يدفع ثمنا في العلاقات الثنائية مع امريكا لاتخاذه نهجا اكثر حزما (مع اسرائيل)." وتزداد عزلة اسرائيل فيما يبدو بعد انتفاضات الربيع العربي التي مكنت الاسلامييين وصار شركاؤها الامنيون بين القادة العرب في المنطقة أقل مما كانوا من قبل في حين تحرص الولاياتالمتحدة على ما يبدو على نقل محور تركيزها إلى اسيا وعدم انفاق المزيد من رأس المال السياسي في الشرق الاوسط. وقال ليفي وخبراء اخرون ان تعاطف الرأي العام في أوروبا مع اسرائيل يضعف وهو تغير سيصبح من الصعب على المسؤولين المنتخبين تجاهله مع مرور الوقت. ولم يؤيد اسرائيل في رفض ترقية وضع الفلسطينيين في الاممالمتحدة سوى بضع دول أوروبية. وقال جون بارون وهو عضو اخر في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني "ما من دولة يمكنها أن تعيش في عزلة... آمل من أجل اسرائيل ألا تعتبر أصدقاءها أمرا مفروغا منه وألا تسيء نقدير أهمية أن يكون لها اصدقاء في كل مكان." (اعداد علي خفاجي للنشرة العربية - تحرير عمر خليل)