تلقت الأسهم المصرية ضربة موجعة خسرت فيها نحو 37 مليار جنيه (6.1 مليار دولار) من رأسمالها السوقي بعد أن أثار الاعلان الدستوري الذي يوسع سلطات الرئيس الاسلامي محمد مرسي أزمة سياسية طاحنة واحتجاجات واسعة النطاق. ويترقب المتعاملون بقلق شديد خطاب مرسي للشعب يوم الخميس وفقا لما أبلغ به مصدر رئاسي رويترز. وقد يقلص الخطاب المتوقع خسائر المتعاملين في حال استجاب لرغبة الشارع أو قد يفاقم الخسائر في حالة الاصرار على عدم الانصياع لرغبات الكثير من المصريين بالغاء الاعلان الدستوري. واختفت طلبات الشراء على كثير من الأسهم المصرية وخاصة القيادية خلال الاسبوع وشهدت السوق عمليات بيع قوية من المستثمرين الراغبين في الفرار بما تبقى من أموالهم والتخلص من الأسهم. ومنذ أعلن مرسي الاعلان الدستوري الاسبوع الماضي تفجرت احتجاجات واسعة النطاق في مصر. وشهدت بعض المحافظات اشتباكات عنيفة بين مؤيدي مرسي ومعارضيه في الإسكندرية ثاني أكبر المدن المصرية وفي مدن المحلة الكبرى والمنصورة ودمنهور في دلتا النيل ومدينة المنيا جنوبي القاهرة. وقال محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار "إذا زادت حدة التوتر السياسي في الشارع سنواصل التراجع في نطاق عرضي ضيق." وبعد خمسة شهور على تولي مرسي الذي كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين وفي مشاهد تعيد إلى الأذهان الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك العام الماضي أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على متظاهرين يقذفون الحجارة. وشارك عشرات الالاف في المظاهرات احتجاجا على الإعلان الذي يوسع سلطات مرسي ويحصن قراراته من الطعن أمام القضاء. وقال أسامة مراد الرئيس التنفيذي لشركة اراب فاينانس للسمسرة "حتى إذا مرت الأزمة هذا يعني أن علينا الانتظار حتى انتخاب برلمان جديد يلغي صلاحيات الرئيس... إن انتهت اللجنة التأسيسية للدستور في موعدها وذهبت المسودة إلى الاستفتاء من قال إنه سيتم تمريرها؟" ويضيف "إن لم يتم تمريرها هذا يعني أن الرئيس سيحتفظ بهذه الصلاحيات لعام كامل." وختمت الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور جلستها في ساعة مبكرة يوم الخميس منهية المسودة النهائية التي ستجري تصويتا بشأنها في وقت لاحق من يوم الخميس. وبعد إتمام صياغة الدستور سيتم تقديمه إلى الرئيس مرسي للموافقة عليه ليعرضه في استفتاء عام في غضون 15 يوما الأمر الذي يعني ان الاستفتاء قد يجري بحلول منتصف ديسمبر كانون الأول. وهذه مقامرة تستند إلى اعتقاد الاسلاميين أن بمقدورهم حشد الأصوات الكافية للفوز في الاستفتاء بعدما فازوا في كل الانتخابات التي أجريت بعد الاطاحة بمبارك. لكن يبدو أن الخطوة ستعمق الانقسامات التي هيمنت على الشارع. وخسرت بورصة مصر 37.22 مليار جنيه من قيمتها السوقية منذ بداية الاسبوع الجاري وحتى الساعة 1030 بتوقيت جرينتش من جلسة يوم الخميس. وقال عادل "الأسعار الحالية في السوق تضعف من الشهية البيعية وتقلص فرص المبيعات الاندفاعية وخاصة من الأفراد المتعاملين. السوق لديه القدرة لارتدادة تصحيحية قوية ولكن بشرط هدوء الأوضاع في مصر وفض اعتصام ميدان التحرير." ويقول المحتجون إنهم سيبقون في التحرير حتى إلغاء الاعلان الدستوري. وتراجع المؤشر الرئيسي لبورصة مصر نحو 12 بالمئة خلال الاسبوع الجاري. وقال إبراهيم النمر رئيس قسم التحليل الفني بشركة نعيم للوساطة في الاوراق المالية أن السوق يسير في اتجاه هابط "وقد تتلاشى مكاسب السوق جميعها منذ بداية العام في حالة عدم وجود مخرج للأزمة السياسية الحالية." وكانت بورصة مصر صعدت بأكثر من 50 بالمئة خلال أول 9 أشهر من 2012 ولكنها قلصت تلك المكاسب إلى نحو 32 بالمئة فقط قبل اغلاق جلسة يوم الخميس. ورغم تخلص عدد من المتعاملين الأفراد والمؤسسات من أسهمهم في السوق المصري كان هناك في ذات الوقت صائدو صفقات يشترون بقوة بعد وصول الأسعار لمستويات متدنية ويراهنون على صعود السوق مجددا. ويقول فادي السعيد مدير الاستثمارات في شركة اي.ان.جي انفستمنت مانجمنت في دبي إن السوق المصرية ارتفعت بسرعة أكبر من اللازم هذا العام ولذلك فهو لن يتعجل الشراء. لكنه قال "بعض الشركات صححت أوضاعها وهناك فرصة طيبة لدخول السوق في ظل انطباع بأنه إذا ساءت الأمور ستكون هناك فرصة شراء مزيد من الأسهم بسعر أرخص." ويقول أكبر نقوي مدير محافظ صناديق التحوط بشركة الماسة كابيتال في دبي "إذا هدأ الشق السياسي وهذا ممكن في مصر لأننا شهدنا تذبذبات هناك سنرى الكثير من الناس الذين لم يلحقوا بارتفاعات بداية العام يدخلون السوق." (الدولار= 6.10 جنيه مصري) من إيهاب فاروق ونادية سليم (تغطية صحفية إيهاب فاروق -شارك في الاعداد أحمد لطفي- تحرير نادية الجويلي)