تستعد بروكسل لما يبدو قمة شاقة للاتحاد الاوروبي الخميس حول مشروع موازنة بقيمة ترليون يورو تسبب بانقسامات مريرة في الكتلة التي تضم 27 دولة وتعاني من ازمة اقتصادية. واقيمت الاسلاك الشائكة في معظم انحاء المدينة التي تستضيف قادة اوروبيين لمحادثات تستمر يومين بهدف ايجاد تسوية ممكنة لموازنة 2014-2020. وقد تكون بريطانيا اكبر الدول المعرقلة للقمة اذ حذر رئيس وزرائها ديفيد كاميرون باستخدام حقه في التعطيل ما لم يتم تجميد النفقات في المدى الحقيقي (بعد احتساب اثر التضخم). وقال انه مع تقشف الدول على الاتحاد الاوروبي ان يقوم باقتطاعات ايضا. وكان كاميرون اول الواصلين الى مقر المجلس الاوروبي لعقد احد اللقاءات المنفردة مع رئيس الاتحاد هرمان فان رومبوي الذي يجري لقاءات مماثلة مع 27 زعيم اوروبي قبيل الافتتاح الرسمي للقمة مساء. وكان كاميرون في مزاج حاد عند دخوله الاجتماع حيث قال للصحافيين "سنناقش بقوة للحصول على صفقة جيدة لدافعي الضرائب البريطانيين". غير ان صحيفة فايننشال تايمز كتبت الخميس ان كاميرون الذي يتعرض لضغوط مستمرة من المشككين باليورو في حزبه لمحاربة التدخل والبيروقراطية الاوروبية المفترضين، مستعد للقبول بسقف نفقات عند 940 مليار يورو. وكان تعهد في البدء عدم القبول الا بتجميد للنفقات في المدى الحقيقي عن مستويات 2011 -- والتي تعتقد بريطانيا انها قد توازي 886 مليار يورو -- لكن يمكنه القول انه حقق خفضا للموازنة اذا ما بوشر بالخطة الجديدة، بحسب الصحيفة. وثماني من الدول الاوروبية المساهمة -- النمسا وبريطانيا والدنمارك وفرنسا وفنلندا والمانيا وهولندا والسويد -- اتحدت فيما بينها في المطالبة بخفض النفقات لكنها ابعد من ان تكون في نفس الرأي حول ما ينبغي خفضه او نسبة ذلك الخفض. وقال جوزيه مانويل باروزو "الحديث كله عن خفض". واضاف في خطاب امام البرلمان الاوروبي الاربعاء "لا احد يناقش نوعية الاستثمارات، كل الحديث عن خفض خفض خفض". وغالبية اوروبا تقترب من انكماش ان لم تكن تعاني منه. وتطالب الدول المؤيدة للتقشف باقتطاعات كبيرة لنفقات الاتحاد الاوروبي بما يتوافق مع شد الاحزمة في تلك الدول مثيرة غضب الدول التي تعاني من ضائقة مالية شرقا وجنوبا وتستفيد من صناديق التنمية الاوروبية. والصناديق المعروفة "بصناديق التضامن" - وهي مليارات الدولارات المدفوعة كل عام للمنضمين الجدد والافقر للاتحاد الاوروبي لمساعدة تلك الدول على تخطي تأخرها الاقتصادي عن جيرانها الاغنى -- محورية في المعركة التي تبدو نذرها في قمة بروكسل. وتلك الصناديق ستدافع عنها بشراسة الدول ال15 -- وفي مقدمهم بولندا والبرتغال -- المستفيدة من موازنة الاتحاد. وتشمل المجموعة بلغاريا وجمهورية التشيك واستونيا واليونان والمجر ولاتفيا وليتوانيا ومالطا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينا واسبانيا القوية فيما مضى. وصناديق التضامن ثاني اكبر مكونات الموازنة بعد نفقات "السياسة الزراعية المشتركة" وهي مبالغ الدعم المخصصة للمزارع والصيد وبدورها نقطة خلاف اخرى. وفرنسا اكبر المستفيدين من "السياسة الزراعية المشتركة" وتعهد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاتد بالقتال لابقاء الدعم الزراعي لبلده. وهاجم هولاند هذا الاسبوع الدول التي تدافع عن تخفيضات وحسومات الموازنة، وهي ثالث مسألة ساخنة يمكنها ان تطيح بالقمة. ولم يسم هولاند اي دولة بالتحديد لكن بريطانيا متعلقة بشكل خاص بالحسم لحصتها من الموزانة والذي كانت حصلت عليها رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر في 1984 على اساس ان لندن تدفع الكثير للكتلة الاوروبية. والحسم البريطاني بلغ العام الماضي 3,6 مليار يورو. وقال كاميرون لدى وصوله الخميس للمشاركة في قمة بروكسل التي قد تتواصل السبت والاحد اذا لم يتم التوصل لاتفاق، ان ليس لديه اي نية للتخلي عن ذلك الحسم. وتطالب كل من المانيا وهولندا والسويد والنمسا بالابقاء على حسومها فيما تسعى الدنمارك من جانبها لحسم مماثل. وحذر رئيس الاتحاد فان رومبوي في رسائل الدعوة الموجهة لقادة الدول ال27 في الكتلة قائلا "لا يخطئن احد: عدم التوصل الى اتفاق سيكون مؤذيا لنا جميعا". غير ان المستشارة الالمانية انغيلا ميركل قالت للمشرعين في برلين الاربعاء انها "لا تعلم ما اذا سيكون لدينا اتفاق نهائي" بحلول الجمعة. واضافت "اذا اضطر الامر سيكون عليها الاجتماع مجددا مطلع العام المقبل".