يحمل رئيس وزراء العراق الى موسكو رغبة بتعاون عسكري واقتصادي اكبر، الا ان زيارته اليوم الى روسيا تظللها احداث سوريا التي يعتمد حيالها نوري المالكي، حليف واشنطن القوي، موقفا مشابها للموقف الروسي. ويبدا المالكي الاثنين زيارته الرسمية الاولى الى موسكو منذ آخر زيارة له في اذار/مارس 2009. وقال رئيس الوزراء المدعوم من واشنطنوطهران والذي يحكم البلاد منذ 2006 في مقابلة تلفزيونية مؤخرا ان هذه الزيارة تهدف الى "احياء العلاقات مع روسيا الاتحادية وتطويرها في المجالات الاقتصادية والتجارية" والعسكرية. واشار الى ان هذه الزيارة تهدف ايضا الى بحث المسالة السورية، مشددا على "موقف العراق الداعي الى ايجاد حل سياسي للازمة السورية ومعارضته لانتهاج اسلوب العنف والتسلح لحل الازمة". وتابع ان "العراق لم يتدخل في سوريا لا لصالح النظام ولا لصالح المعارضة المسلحة". ويدعو العراق الى حل الازمة السورية عبر الحوار، وسبق وان طرح مبادرة تقوم على اجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة انتقالية. وترفض بغداد تسليح طرفي النزاع في سوريا حيث يدور صراع دامي منذ منتصف اذار/مارس 2011 بين السلطة والمعارضة التي تعرضت للقمع اثر مطالبتها باسقاط النظام قبل ان تتحول الى حركة مسلحة. ويذكر ان موسكو ترفض تسليح المعارضة السورية، وقد استخدمت حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرارات عبر مجلس الامن الدولي تدين استخدام نظام الرئيس السوري بشار الاسد للعنف. ويقول المحلل والخبير في شؤون الامن علي الحيدري لوكالة فرانس برس ان ازمة سوريا التي تتشارك مع العراق بحدود بطول نحو 600 كلم "مطروحة على طاولة البحث خلال زيارة رئيس الوزراء، وخصوصا مسالة البحث في طريقة حل النزاع الدائر هناك". ويضيف ان "العراق لديه مبادرة لحل الازمة، فيما ان المجتمع الدولي يعاني من مشكلة تشخيص المعارضة (السورية) التي اختطلت بين القاعدة والمعارضة المدنية والليبرالية. والسؤال: مع من نتعامل؟ وكيف؟". والى جانب الموضوع السوري، يبرز على جدول اعمال رئيس الوزراء العراقي التعاون العسكري. وكان المالكي قال في المقابلة مع تلفزيون "روسيا اليوم" انه سيناقش في موسكو "التعاون العسكري ومساعي استكمال الجيش العراقي للتجهيزات اللازمة"، موضحا ان "مساعينا تنحصر في اطار الدفاع الجوي وتجهيزات تتعلق بمكافحة الارهاب". ويخوض العراق منذ عام 2003 حربا متواصلة مع جماعات مسلحة، في نزاع دام تحول الى اعمال عنف يومية قتل فيها عشرات الآلاف، بينهم آلاف الجنود وعناصر الشرطة ومسؤولين حكوميين. وبعد تسع سنوات من اجتياحها البلاد، انسحبت القوات الاميركية من العراق بشكل كامل نهاية العام الماضي، تاركة القوات الامنية المحلية وحدها في معركتها مع الميليشيات والمجموعات "الارهابية". وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اكد خلال زيارة الى بغداد في نيسان/ابريل 2010 ان بلاده "مستعدة لمواصلة التعاون في مجالات عدة بينها المجال العسكري"، مشيرا خصوصا الى "تسليح الجيش العراقي". واضاف ان المجال العسكري "عنصر مهم للمحافظة على سيادة العراق ووحدة اراضيه". ويقول الحيدري ان العراق الذي يعتمد عسكريا على الولاياتالمتحدة "يحتاج الى تنويع مصادر التسليح اذ ان الاعتماد على مصدر واحد يؤدي الى الخضوع والهيمنة السياسية". ويعتبر انه "من المهم للعراق ان يشتري السلاح من روسيا التي لها خبرة طويلة في مجال مكافحة الارهاب فوق اراضيها، وايضا من فرنسا وبريطانيا والصين وغيرها من الدول". وتسلم العراق من روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ثماني مروحيات عسكرية بلغت قيمتها حوالى 156 مليون دولار. ويرى المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي علي الموسوي ان "الزيارة تشير الى ان العراق يرتبط بعلاقات استراتيجية مع موسكو"، مضيفا ان "الزيارة لا تعني اننا نذهب مع علاقة بدولة دون اخرى". ويوضح "الزيارة لا تمثل انعطافة في السياسة الخارجية لبغداد" المتحالفة مع طهرانوواشنطن. ويؤكد الموسوي ان قضية التسليح "واحدة من عدة ملفات سيتم طرحها، وبينها ملفات التجارة والاستثمار والطاقة والنفط". وفي تموز/يوليو الماضي، اعلنت وزارة النفط العراقية توقيع عقد "مبدئي" مع ائتلاف شركتي لوك اويل الروسية وانبكس اليابانية لاستثمار رقعة استكشافية للنفط ضمن محافظتي المثنى وذي قار جنوب البلاد. ووقعت لوك اويل في كانون الثاني/يناير 2010 في بغداد عقدا نهائيا لاستثمار حقل القرنة الغربي 2 النفطي في جنوب العراق، بينما فاز ائتلاف بقيادة شركة "غازبروم" الروسية بعقد لتطوير حقل بدرة النفطي وسط العراق في كانون الاول/ديسمبر 2009.