الكويت - كشفت آخر تقديرات بوز أند كومباني أن الاقتصادات المحلية في دول مجلس التعاون الخليجي لن تجني من الاستثمارات الحالية والمخطط لها في قطاع النفط والغاز والبالغة قيمتها 590 مليار دولار سوى نسبة تتراوح بين 17 و20% فقط وفي العقد الأخير كان لشركات النفط الدولية دور مهم كمحرك أساسي في عملية تطوير المحتوى المحلي المعروف في قطاع الطاقة على أنه حصة الموردين ومقدمي الخدمات المحليين من نفقات مشتريات المشاريع وذلك في ظل غياب أي دور إيجابي للحكومة في هذا الشأن. وحتى يومنا هذا لم يسهم هذا النموذج في وصول القدرات المحلية إلى مستويات المنافسة العالمية أو في إيجاد قطاعات مزدهرة في الدول النامية الغنية بموارد النفط والغاز. ويعود السبب الأساسي في ذلك إلى أن المبادرات التي تقود زمامها شركات النفط الدولية يصاحبها اعتبارات خاصة للأعمال والمخاطر وتتقيد بموارد كل شركة. وبالتوازي شهدت الأعوام الأخيرة تركيزاً كبيراً من شركات النفط الوطنية على عملية الشراء كأداة فعالة لاستدامة الاقتصاد الوطني. وتماشياً مع هذا المبدأ رأت شركة الاستشارات الإدارية بوز أند كومباني بوجوب اعتماد رؤية شاملة وفعلية وطويلة المدى من جانب شركات النفط الوطنية لتحقيق الاستفادة المرجوة للمحتوى المحلي. وقال التقرير: لقد العديد بدأ من شركات النفط الوطنية خلال الأعوام الماضية بدراسة قدراتها الذاتية لبناء المحتوى المحلي كوسيلة لإنشاء قاعدة إمداد للنفط والغاز قادرة على المنافسة عالمياً, فضلاً عن تنويع الاقتصاد الوطني واستحداث فرص العمل بصورة مستدامة. وفي ضوء ذلك باتت هذه الشركات أكثر إصراراً على تحقيق أهداف تطوير المحتوى المحلي حيث أخذت خطوات استباقية قوية لتنفيذ الستراتيجيات الرامية لتعزيز سلسلة الإمداد الوطنية للنفط والغاز. واضاف تهدف شركات النفط الوطنية في دول عدة كالمملكة العربية السعودية والكويت وكازاخستان ونيجيريا وإندونيسيا وترينيداد وتوباغو إلى تكرار النماذج الفعالة التي اعتمدتها النرويج والمملكة المتحدة وماليزيا والبرازيل في هذا المضمار. ونتيجة لذلك يجد المقاولون والموردون ومقدمو خدمات حقول النفط الدوليون على حد سواء عند إبرام العقود شروطاً صارمة بخصوص المحتوى المحلي وذلك على شكل سياسات جديدة. وتفرض هذه السياسات أهدافاً ملزمة قانونياً وحد أدنى من الملكية المحلية ومعاملة تفضيلية للموردين المحليين, وقواعد معدلة لترسية العقود ودفعات مقدمة للموردين المحليين وحد أدنى من الالتزامات التدريبية وكذلك متطلبات إعداد التقارير الخاصة بالمحتوى المحلي. وقال الشريك في بوز أند كومباني جورج صراف يعتمد التطبيق الفعال للقوانين المُنظمة للمحتوى المحلي (القائم على الإنفاق) على الشروط المفروضة على كل من المشتري والمورد. فمن جهة المشتري يتوجب عليه تطبيق مبدأ الشفافية في الإنفاق على المدى الطويل, وكذلك اعتماد برنامج إنفاق موثوق به فضلاً عن تمتعه بموارد بشرية قادرة على إدارة التعقيد المتزايد في سلسلة الإمداد. ومن جهة المورد يتوجب على الشركات المحلية الاستعداد لزيادة معدل الاستثمار وكذلك توافر الموارد التمويلية والبشرية ذات الكفاءة العالية. ويحتاج الطرفان إلى العمل في إطار داعم للقطاع الخاص, وإلى امتلاك القدرات اللازمة لمتابعة وتطوير المحتوى المحلي. وأوضح شهاب البرعي, وهو مستشار أول في بوز أند كومباني موضحاً تتأثر المجموعة الجديدة من القوانين المُنظمة للمحتوى المحلي تأثراً كبيراً بالضغوط السياسية حيث يتطلب التطوير الناجح لقاعدة الإمداد المحلية إلى نظرة شاملة على الأولويات الوطنية والقدرة التنافسية للقطاعات ونمو الإيرادات الحكومية والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي حال لم يعتمد صانعو القرار ستراتيجية منهجية لتطوير المحتوى المحلي, يمكن أن تدعم نفقات المشتريات الصناعات غير المربحة بدلاً من دفع النمو الاقتصادي. واضاف التقرير انه في قطاع النفط, تنطوي كل برامج الاستكشاف والإنتاج على عوامل خطر كبيرة ناجمة عن عوامل خارجة عن السيطرة كالتحديات الفنية تحت سطح الأرض أو الدورات السوقية لعقود الهندسة والمشتريات والإنشاءات. وخلال العقد الماضي أثبت ازدياد متطلبات المحتوى المحلي في قطاع النفط البحري في دولة البرازيل إمكانية تضخم هذه المخاطر في حال تطبيق خطة جامحة الطموح. وأوضح رائد كمبرجي وهو شريك في بوز أند كومباني, أن "الشركات في البرازيل خلال الأعوام الأخيرة أفرطت في المزايدة على التزامات المحتوى المحلي بهدف تأمين الحصول على الموارد الأمر الذي أدى إلى زيادة مستويات الخطر والتعقيد لبرامج الاستكشاف والإنتاج الزاخرة بطبيعتها بالتحديات. وعليه كان على الوكالة الوطنية البرازيلية للنفط والغاز الطبيعي والوقود الحيوي مراجعة عملية منح الامتيازات لتطوير الاحتياطي البحري الكبير المكتشف مؤخراً.