أخرجت القوات السورية مقاتلي المعارضة من حي استراتيجي في حلب لكن المناوشات استمرت في أكبر مدينة سورية وقالت الاممالمتحدة ان الصراع الناشب في البلاد لن يخرج منه طرف منتصر. وقال دبلوماسيون لرويترز ان من المتوقع اختيار الدبلوماسي الجزائري المخضرم الاخضر الابراهيمي الاسبوع القادم ليحل محل كوفي عنان كمبعوث خاص للامم المتحدة والجامعة العربية في سوريا والذي استقال بعد ان فقد الامل في الخروج من المأزق الدولي الراهن حول كيفية انهاء الصراع. لكنهم نبهوا الى ان تغييرا قد يحدث في اللحظة الاخيرة اذا كان لاحدى الحكومات الرئيسة تحفظات او غير المرشح رأيه. وعين الرئيس السوري بشار الأسد المنخرط في معارك طاحنة مع معارضيه وغالبيتهم من السنة رئيسا جديدا للوزراء يوم الخميس ليحل محل رئيس الوزراء السابق رياض حجاب وهو اكبر مسؤول حكومي ينشق عن النظام منذ اندلاع الانتفاضة ضد حكم الاسد قبل 17 شهرا. وعين الاسد وائل الحلقي وهو سني من محافظة درعا حيث بدأت الانتفاضة ليرأس الحكومة بعد أن فر حجاب الى الاردن يوم الاثنين عقب توليه المنصب بشهرين. وسدد فرار حجاب ضربة اخرى لسلطة الاسد التي اهتزت بالفعل بسبب اغتيال اربعة من كبار مسؤوليه الأمنيين الشهر الماضي وتحقيق المعارضة مكاسب في دمشق وحلب واجزاء من ريف سوريا. لكن الأسد صمد رغم الانتكاسات ومضى قدما في حملته على معارضيه الذين يغلب عليهم السنة ويسعون لإنهاء نصف قرن من الحكم البعثي وإسقاط نظام يهيمن عليه حاليا افراد من الاقلية العلوية التي ينتمي لها الرئيس. وركز الاسد هجومه العسكري المضاد على المدينتين الرئيسيتين بسوريا وأعاد تأكيد سيطرته على معظم دمشق قبل أن ينتقل القتال الى العاصمة التجارية بشمال البلاد. وقال مقاتلون من المعارضة يقاتلون في منطقة صلاح الدين بحلب وهي بوابة جنوبية للمدينة إنهم اضطروا للانسحاب من بعض المواقع على الخط الامامي يوم الخميس بسبب القصف الذي حول المباني الى أنقاض. وقال المقاتل المعارض ابو علي "انسحب مقاتلو الجيش السوري الحر من أجزاء من صلاح الدين" مضيفا أن مقاتلي المعارضة يعيدون تنظيم صفوفهم لشن هجوم مضاد. وقال آخرون ان خطوط الجبهة الرئيسية في المنطقة التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة لأكثر من اسبوع أصبحت مهجورة الان. وكان وسط المنطقة القريب من مسجد صلاح الدين مهجورا عندما زاره صحفيون من رويترز يوم الخميس. وكان الصوت الوحيد هو دوي قذائف المدفعية. ولم يكن يوجد معارضون أو قوات أمن لكن قلة من السكان كانوا يجمعون حاجياتهم ويغادرون مع تجنب نيران قناصة الجيش. وقال قائد ميداني للمعارضة طلب عدم نشر اسمه ان 250 شخصا قتلوا في صلاح الدين في الايام الثلاثة الماضية معظمهم نتيجة للقصف والهجمات الجوية. وقال مقاتلو المعارضة ان الاشتباكات المتفرقة مستمرة في حي صلاح الدين وانه على الرغم من ان قوات الحكومة لديها ما لا يقل عن 80 دبابة متمركزة في مناطق متفرقة من حلب الا انها تبدو عازفة عن الالتحام مفضلة استخدام طائرات الهليكوبتر الحربية والمقاتلات النفاثة. وقال الشيخ توفيق قائد كتيبة نور الدين زنكي المتمركزة في الشارع 15 بصلاح الدين ان التسلح المتفوق للجيش يقابله فيما يبدو انهيار الروح المعنوية لجنوده. وقال "في الشارع 10 وهو خط مواجهة نقف وجها لوجه مع الجيش ونستطيع سماعهم وهم يصدرون الاوامر عبر أجهزة اللاسلكي..نسمع القادة يصدرون أوامرهم للجنود بالتقدم ويحثونهم على ذلك لكن الجنود لا يفعلون وهم مترددون. "بل ان القادة أخذوا الهواتف المحمولة من الجنود حتى لا يكون أمامنا فرصة للاتصال بهم واحداث مزيد من الانشقاقات." وفيما اشتدت المعركة للسيطرة على حلب استضافت ايران الداعمة الرئيسية للأسد وزراء من دول تشاركها نفس الموقف لإجراء محادثات بشأن كيفية إنهاء الصراع. ودعا وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي الى محادثات "جادة وشاملة" بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة. وقال الاسد مرارا انه مستعد للحوار لكنه تعهد بسحق المعارضين المسلحين الذين يقول أنهم ارهابيون. ويقول معارضو الاسد انه يجب ان يتنحى قبل ان يدخلوا في محادثات وان المحادثات لن يكون لها مغزى مادامت اراقة الدماء مستمرة. ودعت ايران الى محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة بعد ان استضافت في طهران يوم الخميس وزراء خارجية دول تتبنى نفس موقفها من الازمة السورية ولم تشارك فيها دول غربية ودول شرق اوسطية طالبت بانهاء حكم اسرة الاسد الذي استمر 40 عاما. وتكشفت في الازمة السورية بالفعل عناصر حرب بالوكالة بين السنة والشيعة. وحضر مؤتمر طهران كذلك المنسق المقيم للامم المتحدة في طهران كونسوالو فيدال بروس الذي قرأ بيانا من الأمين العام للامم المتحدة بان جي مون استنكر فيه اعتماد الحكومة والمعارضة على السلاح لتحقيق أهدافهما من خلال العنف. وقال بان في البيان "لن يكون هناك فائز في سوريا. الان نواجه الاحتمال القوي لحرب أهلية طويلة تدمر نسيج المجتمع المتماسك... ينبغي ألا ندع هذا التصور يحدث." وفي إطار حملة أوسع نطاقا للجيش هاجمت قوات الأسد مقاتلي المعارضة على عدة جبهات منها حي قرب المطار في جنوب شرق حلب وعدة مناطق شرقية وبلدة على المشارف الشمالية الغربية لحلب. ورغم العنف نقل الصليب الاحمر امدادات غذائية وطبية الى حلب في المرة الاولى التي تتمكن فيها قافلة مساعدات من دخول المدينة منذ عدة اسابيع. ورأى مراسلون لرويترز في تل رفعت على بعد 35 كيلومترا شمالي حلب طائرة تابعة للقوات الجوية السورية تحلق على ارتفاع منخفض وتطلق الصواريخ مما دفع القرويين الى الفرار مذعورين. ورغم تعاطفها مع مقاتلي المعارضة فإن القوى الغربية وتركيا والدول العربية لم تتدخل عسكريا. ودعمت روسيا والصين الأسد دبلوماسيا اذ عرقلتا قيام الأممالمتحدة بتحرك ضده بينما تحاول طهران مساندة الزعيم السوري في العالم العربي الذي ينظر كثيرون فيه الى ايران الشيعية كمصدر خطر. (إعداد أميرة فهمي للنشرة العربية - تحرير سامح الخطيب) من هديل الشالجي وسليمان الخالدي