انتظر عناصر الجيش السوري الحر في بلدة عندان قرب حلب (شمال) حلول موعد الافطار عند رفع آذان المغرب، فتسللوا حتى حاجز الجيش السوري في المنطقة، وهاجموه. بعد عشر ساعات، سقط الحاجز، وتم الاستيلاء على ثماني دبابات و... على نقطة استراتيجية تربط بين حلب والحدود التركية. بعد ساعات على انتهاء المعارك، كان المقاتلون لا يزالون منشغلين في مصادرة الاسلحة والذخائر. وكان احدهم يسحب القذائف من دبابة ويعطيها لآخر يقوم بتكديسها في شاحنة صغيرة. على الارض، رصاصات فارغة من اعيرة مختلفة، ورشاش كلاشينكوف ورشاش ثقيل. وفي مكان قريب من الحاجز، لا يزال الدخان يتصاعد من شاحنة لنقل الجنود ذابت اطاراتها نتيجة الحريق. ويقوم مقاتلو الجيش الحر تحت خيمة كبيرة اوقفت داخلها شاحنات عسكرية بافراغ عشرات صناديق الذخيرة، ويفتشون الاغراض التي تركها الجنود. يجد احدهم كتابا عن سيرة الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد بعنوان "حافظ الاسد: قائد ورسالة"، فيقوم بتمزيقه. ويشرح النقيب رفعت خليل المنشق عن الجيش والذي قاد العملية، انه بعد آذان المغرب الاحد، اعطى الامر بالهجوم. ويضيف "كان لدينا 150 مقاتلا من الثوار مستعدين للقتال، لكننا ارسلنا دفعة اولى من خمسين عنصرا" لمهاجمة الحاجز. ووصل المقاتلون من كل الجهات وفتحوا النار بالقذائف الصاروخية والرشاشات الثقيلة والخفيفة. ويقول الضابط في الجيش الحر "اعتقلنا 25 جنديا واحصينا ست جثث، وقد يكونون اخذوا معهم جثثا اخرى خلال هربهم". واستمرت المعارك عشر ساعات. فجرا، انتهت المعركة، وخسر "الثوار" اربعة عناصر منهم. وترك الجنود وراءهم ثماني دبابات احداها معطوبة. ويقول مقاتلون وهم يطلقون رشقات رشاشة في الهواء "سيكون في امكاننا استخدامها في معركة حلب"، في اشارة الى الاشتباكات العنيفة الجارية في حلب منذ 20 تموز/يوليو بين المجموعات المقاتلة المعارضة والقوات النظامية. وبدأ الجيش السوري السبت هجوما على احياء حلب التي تمكن المعارضون من السيطرة عليها، لاستعادتها. ويقول احد المقاتلين ضاحكا، "فروا كالفئران"، بينما علق آخر وهو يجلس على صناديق ذخائر فارغة في احدى الشاحنات "بشار لا ترحل، سنقبض عليك". ويقول خليل ان "هذا الانتصار يعزز موقف الجيش الحر في حلب. وان شاء الله، فان كل الثوار سيتوجهون الى حلب ويحررون المدينة". وتقع حلب، المتنفس الاقتصادي للبلاد، وراء التلة التي تشرف على الحاجز. وباستيلائهم على هذا الحاجز، بات الجيش الحر يتحكم بطريق رئيسي بين الحدود التركية وشمال حلب. ويشكل هذا الطريق محورا حيويا للتزود بالاسلحة والبنزين والمواد الغذائية. وكانت مجموعة من المقاتلين المعارضين حاولت في ايار/مايو الاستيلاء على الحاجز. الا ان وجودهم في عندان تسبب بقصف البلدة بشكل عنيف من جانب القوات النظامية، ما دفع سكانها الى اخلائها على دفعات. وتحولت عندان الاثنين الى مدينة اشباح. الشوارع مليئة بالفجوات الناتجة عن سقوط القذائف، وجدران الابنية بالثقوب او مغطاة بآثار الحريق. والزجاج المحطم في كل مكان. الا ان المنازل لا تبدو وكانها تعرضت للنهب. ويقول العميد فرزات عبد الناصر "السكان تركوا ابواب منازلهم مفتوحة وهربوا". وقد انشق فرزات الذي امضى عشر سنوات في روسيا في حزيران/يونيو. ويروي ان اولاده الثلاثة "تركوا حلب اولا ثم زوجتي، وغادرت انا بعدهم. التقينا خارج حلب، وضعتهم في مكان آمن، ثم عدت الى هنا". وقد اتخذ فرزات من احد المنازل الكبيرة في عندان مقرا له. ويقول "النظام لا يزال يسيطر على الاجواء، لكنه فقد السيطرة على الارض. لقد تم تحرير كل مناطق الريف في محيط حلب، باستثناء ثلاثة مواقع للجيش الاسدي". ويرفق كلامه بالاشارة على خريطة الى كلية عسكرية ومطار للمروحيات ومركز مدفعية. في الوقت نفسه، يمكن سماع صوت تحليق طائرة مروحية على ارتفاع كبير. ويقول عبد الناصر "قبل ذلك، كان الجيش يقصف نهارا وليلا. الا ان النظام منشغل الآن في حلب، لا يقصف الا في النهار". ويسمع فجأة صوت انفجار على مقربة من الحاجز، ويركض المقاتلون في كل الاتجاهات. على بعد حوالى مئة متر، يمكن رؤية غبار من الدخان والتراب يرتفع. وتسقط قذيفة اخرى على بعد خمسين مترا، ولا يعود في الامكان رؤية اي شيء. يركض الجميع الى مكان اكثر امنا. ويستمر القصف على عندان والقرى المجاورة طيلة فترة بعد الظهر.