يصف روبرت فيسك في مقاله المنشور في صحيفة الاندبندنت أون صنداي بكلمات لاذعة موقف وخطاب الحكومات والرأي العام في الشرق والغرب على حد سواء من القتل وسفك الدماء الذي تشهده سوريا. ويشير فيسك الى ما يراه مفارقة صارخة في أن قطر والسعودية تدعمان المسلحين الذين يسعون لتحقيق الديمقراطية بينما هي مفقودة في كلا البلدين، وتشجع الولاياتالمتحدة الدعم السعودي-القطري دون أن تلفت المفارقة انتباهها. في قطر كما في السعودية نظام الحكم وراثي، كما هو حال النظم الذي وصل من خلاله بشار الأسد الى الحكم الذي ورثه عن أبيه الرئيس السابق حافظ الأسد. ويقول فيسك إن النظام السعودي الوهابي يتحالف مع السلفيين من المعارضين السوريين، كما كان سابقا يتحالف مع نظام طالبان في باكستان، ويشير إلى أن 15 من أصل 19 عنصرا من الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولاياتالمتحدة كانوا من أصل سعودي. كما يشير الكاتب الى أن النظام السعودي يقمع الأقلية الشيعية في بلاده. ثم ينتقل الكاتب الى المفارقة في موقف حزب الله الذي يدعم نظام الاسد، وهو الذي على مدى 30 عاما كان في صف الشيعة المقموعين في جنوب لبنان الذين عانوا من العدوان الإسرائيلي. قدم الحزب نفسه على أنه المدافع عن حقوق الفلسطينيين، لكنه لم يتحالف مع المطالبين بالحرية في سوريا، يقول فيسك. ويعود فيسك الى الولاياتالمتحدة فيشكك في مصداقيتها حين تنتقد القمع والتعذيب الذي يمارسه النظام السوري، وهي التي الى عهد قريب كانت ترسل المشتبهين الى ذلك النظام تحديدا ليقتلع اظافرهم من أجل انتزاع الاعترافات. وماذا عن العراق الذي جلبنا له الحرية والديمقراطية؟ يتساءل الكاتب، ويذكر أن العراق شهد 29 هجوما في 19 مدينة خلال يوم واحد، ومقتل 111 مدنيا، وهذا كله من نتائج أفعالنا هناك . ثم يختم فيسك مقاله بالقول ان السعي لضرب الدكتاتورية السورية لا يعود الى محبتنا للشعب السوري أو كراهيتنا لصديقنا السابق بشار وليس بسبب غضبنا من روسيا، بل بسبب رغبتنا في توجيه ضربة إلى النظام في إيران من خلال ضرب حليفه. مراسل صحيفة الصنداي تلغراف داميين ماكلروي يتجول مع مقاتلي المعارضة السورية في حلب، حيث تحتشد الدبابات منذ ايام لمهاجمة المقاتلين في المدينة ، وخوض ما أسمته صحيفة الوطن الموالية للنظام أم المعارك . يرسم كاتب التقرير صورة قاتمة لمقاتلين شبه يائسين، يفتقرون الى التسليح الملائم والذخيرة الكافية، بعضهم يطلق رصاص سلاحه الفردي البائس على مروحية حاولت قصفه وتحلق خارج مجال رصاصه، والبعض يشعر بالأسف لضياع كل هذا الرصاص سدى، في مواجهة جيش مدرب قوي التسليح. كان استيلاء مقاتلي المعارضة على حلب قرارا اتخذ محليا ودون التنسيق مع قيادة الجيش السوري الحر. تترد شائعات عن وصول مقاتلين ليبيين لنجدة مقاتلي المعارضة، لكن لا يبدو أثر لذلك، ولا يعتقد الكاتب أن سكان المدينة سيرحبون بذلك. في وضع كهذا تنتشر الشائعات، وتنشر معها الهلع في أوساط المدنيين الذين يحشرون أنفسهم في سياراتهم ويحاولون المغادرة هربا من الموت القادم، أما من يقررون البقاء فبعضهم يلجأ الى المدارس طلبا للأمان، وبعضهم يقفون على شرفات منازلهم يستطلعون المجهول. ما زال البريطانيون والعالم مبهورين بليلة افتتاح الألعاب الأولمبية، ومخرج الحدث داني بويل ينعم بالثناء والإعجاب الذي يتوارد عليه من كل الاتجاهات. قبل أربع سنوات، وحين شاهد البريطانيون العرض الصيني الباهر أحسوا بالخوف من المغامرة القادمة ، كما تقول صحيفة الأوبزرفر في افتتاحيتها. وحين بدأ العرض حبسوا أنفاسهم، وفي نهايته تنفسوا الصعداء، ثم علت صرخات الاستحسان. جند بويل لعرضه عشرة آلاف شخص، وقد حقق في نهايته النتيجتين اللذين يصبو الى تحقيقهما كل عرض افتتاحي للالعاب الأولمبية، كما تقول الصحيفة: هذان الهدفان هما جعل دافعي الضرائب الذين تحملوا نفقات العرض واستعدادات الألعاب فخورين، ونيل إعجاب وتصفيق الجمهور الذي يشاهد العرض في أنحاء العالم. داني بويل حقق هذين الهدفين إذن، كما تقول الصحيفة، واستعرض التاريخ البريطاني بثرائه وتنوعه وأثره على العالم، لكن هل هذه الأضواء وهذا الإبهار البصري يكفي لنسيان الواقع البعيد في كثير من جوانبه عن هذه اليوتوبيا الباهرة ؟ ماذا عن الطوابير الطويلة لختم جوازات السفر في المطارات؟ ماذا عن الاضرابات وتعطل اشارات قطارات المترو ؟ لكن، يعود الكاتب ليجيب على تساؤلاته، في الاستعدادات للألعاب سارت الأشياء المهمة على ما يرام: صمم مهندسون معماريون عالميون المرافق الأولمبية ونفذوها وأنجزوها قبل الوقت المحدد وضمن الميزانية المحددة، هذه بريطانيا التي لا تزال تنجز أشياء عظيمة، مع أن مدراء البنوك فيها يحصلون على حوافز مالية ضخمة. هذا البلد يستطيع أن يجند حماس الشباب، حين الحاجة، ويترجمه الى تنظيم عمليات معقدة. وفي نهاية المقال يتساء الكاتب: اذا كنا حققنا هذا الابداع، فلماذا لا نستمر بنفس الروح بعد انتهاء الحدث ؟