استغرق الوصول إلى المعبر اكثر من ثلاثة أسابيع وتسبب في مقتل 12 من رجاله لكن عندما وصل أبو عمر داديخي ومقاتلوه أخيرا إلى المعبر الحدودي الذي يفصل بلدتهم عن تركيا سقط "باب السلام" بدون معركة. وطوال 24 يوما تقدم لواء عاصفة الشمال التابع للجيش السوري الحر ببطء من بلدة عزاز التي تبعد خمسة كيلومترات فقط وخنق خطوط الإمداد للقوات الحكومية قبل الاستيلاء على البوابة فجر الأحد. كان الاستيلاء على باب السلام إلى جانب معبرين آخرين على الحدود مع تركيا خلال أقل من أسبوع يمثل فيما يبدو قوة دفع جديدة لمقاتلي المعارضة بعد تفجير استهدف الدائرة المقربة من الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق. وقال داديخي بعد ساعات من السيطرة على المعبر "كانت جبهتنا قوية. ومدينتنا كلها انتفضت. كلها جاهدت. هذه منطقتنا صارت منطقة محررة مئة بالمئة ومنطقة عازلة ومنطقة مسيطرين عليها كاملة." وأضاف "نقوم بأعمال الشرطة والأمن والقضاء وكل سائر أعمال الحكومة." وتابع داديخي أنه كان هناك نحو 120 من جنود الأسد يحرسون البوابة عندما بدأت عملية الحصار لكن بحلول الوقت الذي قام به مقاتلوه بالانطلاقة الأخيرة لم يكن هناك كثير من الجنود. والجنود المتبقون إما فروا مستخدمين مدرعتين أو انشقوا وانحازوا لصفوف مقاتلي المعارضة. ويحرس الآن 20 من مقاتليه البوابة التي كانت يوما نقطة تجارية منتعشة وبعضهم يرتدي زيا قتاليا وآخرون يرتدون سراويل من الجينز وصنادل في حين لا يتعدى عمر البعض 18 عاما. وتم إنزال الأعلام السورية التي لا تعترف بها قوات المعارضة ومزق بعضها. وأزيلت صور الاسد من على الجدران داخل مباني الجمارك. وانتهز المقاتلون فرصة وجود بعض الصحفيين واصطفوا لاداء الصلاة وقد وضعوا اسلحتهم امامهم في حين يجهر الامام بالقراءة. وقال الامام والآخرون يؤمنون على دعائه "اللهم عليك بطاغية الشام وبكل طاغية جبار متكبر. اللهم عليك ببشار الأسد ومن والاه. اللهم أزل عرشه. اللهم أزل ملكه. اللهم ولي علينا رجلا صالحا." وإذا كان اللواء الذي يتكون من منشقين ومقاتلي المعارضة ومتطوعين من القرى يظهر الطبيعة الشعبية للانتفاضة المستمرة منذ 17 شهرا ضد حكومة الأسد فإن داديخي (42 عاما) وهو رجل أعمال سابق يجسد ذلك ايضا. وقال داديخي مبتسما "مهنتي تجارة مواد غذائية في عزاز... أنا مدني. أنا شكلت التشكيل العسكري من مجاهدين ونحن ثوار مدينة عزاز." ولا يبدو داديخي في صورة المقاتل الصلب اذ يرتدي زيا رياضيا ازرق وخفا بلاستيكيا ويضع على رأسه قبعة تخص الجيش السوري الحر. لكنه خاض عددا لا بأس به من المعارك. ويتكئ داديخي على عصا خشبية ويشمر عن ساقيه ليكشف ثلاثة جروح من أعيرة نارية. كما أن هجوما بالقنابل شنه الشبيحة تسبب في وجود ندبة على اذنه اليمنى. ولقي 12 من مقاتليه حتفهم في معارك مع القوات الحكومية قبل أسابيع من السيطرة على البوابة الحدودية وأصيب نحو 40. وكان عدد القتلى على مدى الأشهر الخمس الماضية أكبر نظرا لأن الجيش السوري نشر دبابات حول عزاز ودخل في معارك مع مقاتلي المعارضة. وقال داديخي "مات اكثر من 40 شهيدا و(هناك) أكثر من 30 جريحا وعدد المعاقين بيطلعوا 50" ما بين من فقد يديه أو عينيه. ورفض داديخي تلميحات بأنهم يتلقون أسلحة أفضل من خارج البلاد مكررا موقف العديد من المقاتلين في سوريا ومن يحتمون داخل تركيا. وتابع قوله "ما جاءنا شئ أبدا. الأسلحة اللي حاربنا بها كتائب الأسد كلها غنائم. ما جاءنا شئ أبدا. نحن اغتنمنا ذخيرة دبابات وآليات عسكرية حاربنا بها النظام السوري." وقال مشيرا إلى أحد المقاتلين الاصغر سنا الذي كان يحمل بندقية كلاشنيكوف إنهم حاربوا النظام السوري بمثل هذا السلاح. وربما تكون السيطرة على المعابر الحدودية انتصارا رمزيا لكن قادة مقاتلي المعارضة أنفسهم يقرون بأن هذا ليس له أهمية استراتيجية كبيرة وأن المكاسب التي حققتها المعارضة في الآونة الأخيرة ربما ترجع إلى تكثيف الجيش السوري الحر الجهود في المدن عقب تفجير دمشق الأسبوع الماضي الذي أسفر عن مقتل أقرب مساعدي الأسد مثل صهره آصف شوكت ووزير الدفاع داود راجحة. لكن بالنسبة لداديخي فإن الإصرار الذي ساعده على بلوغ هذا المدى زاد قوة مع المكاسب التي حققها مقاتلوه مؤخرا. وقال "خلصنا محافظة حلب. بدنا نتابع للشام (دمشق). بس يصير عندنا دولة مدنية وبرلمان جديد انتهت مهمتنا. خلص لهون مشوارنا." (إعداد دينا عفيفي للنشرة العربية - تحرير عماد عمر) من جوناثان بوتش وسليمان الخالدي