يقف تلميذان بزيهما المدرسي عند بوابة المدرسة الضيقة نصف المفتوحة ويفتشان ذاتيا التلاميذ والزائرين بينما يجلس اخران على مائدة لتدوين معلومات عمن يدخل او يخرج. ودفعت حرائق متعمدة وهجمات بالسم استهدفت مدارس في انحاء افغانستان -لا سيما تلك التي تدرس بها فتيات -الطلبة للدفاع عن انفسهم وهو نشاط اضافي فرضته الحكومة الافغانية التي تحمل حركة طالبان مسؤولية العنف. كل بضعة اسابيع يقف عبد الفتاح (16 عاما) طيلة اليوم عند مدخل مدرسة حبيبية الثانوية - وهي واحدة من أفضل مدارس كابول - لحراستها ويتناوب الطلبة هذه المهمة. ويقلق والداه انه سيكون أول من يتأذى إذا تعرضت المدرسة لهجوم ولكن البديل الوحيد الاخر ان يجلس في منزله وينضم لعشرات الالاف من الافغان الذين تسربوا من المدارس مبكرا ويكافحون لكسب قوتهم من خلال مهن بسيطة. وتوجد نقطة تفتيش للشرطة على الطريق خارج المدرسة وكل يوم تقوم مجموعة من ستة طلبة ومعلم بتفقد ساحة المدرسة. وقال عبد الفتاح "نحن على خط المواجهة. اذا وقع هجوم نحن من يصاب ولكن ينبغي ان يكون هناك من يتولى مهام التفتيش." واضرمت النيران في مدارس في انحاء متفرقة من افغانستان وعولج مئات الاطفال في مستشفيات بعد ان شربوا مياها ملوثة وهوجم مدرسون مما اوجد مناخا من الخوف يعيد للاذهان حكم طالبان في الفترة من عام 1996 إلى 2001 حين حظرت طالبان تعليم الفتيات وسمحت فقط بتعليم إسلامي صرف. والقى مجهولون حامضا على مجموعة من 15 فتاة اثناء سيرهن لمدرستهن في مدينة قندهار الجنوبية في نوفمبر تشرين الثاني 2008 حين تصاعدت حدة تمرد طالبان مما اثار حالة من الفزع في انحاء البلاد. ولم ترد انباء عن هجمات خطيرة منذ ذلك الحين ولكن عددا من النساء تعرضن لهجمات بحامض لاسباب اخرى. وبدأت عودة الفتيات للدراسة لاسيما في العاصمة كابول منذ الاطاحة بطالبان وهي من المكاسب القليلة التي تحققت بشق الانفس على صعيد الحريات المدنية. ويقول جهاز المخابرات الافغاني ان طالبان عاقدة العزم على اغلاق المدارس قبل انسحاب القوات الاجنبية في عام 2014 . ويضيف ان بعض الهجمات نفذها اعضاء في طالبان وفي بعض الحالات استغلت الحركة تلاميذ لدس السم لرفاقهم في المدرسة. ويوم الاربعاء قال الجهاز انه القى القبض على 15 شخصا شنوا سلسلة من الهجمات في اقليم طخار معظمهم من طالبان. والقي القبض على فتاتين حصلت كل منهما على 50 ألف افغاني (1000 دولار) لدس مسحوق سام في خزانات المياه. وقالت احدي الفتاتين تدعى سيما جول في الصف الثاني عشر في تسجيل فيديو اذاعه الجهاز إن قريبا لها ينتمي لطالبان تتبعها عند ذهابها للمدرسة أكثر من مرة وارغمها على رش السم في الفصل. وأضافت "هددني بالخطف والقتل إذا لم انفذ طلبه. اشعر بالخجل." ولكن طالبان نفت تورطها وقالت ان الهجمات والاعتقالات والاعترافات جزء من حملة دعائية لتشويه سمعتها. وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد "لا نعارض التعليم. لماذا نعارضه. يذهب اطفالنا لهذه المدارس. نحن فقط ضد المدارس التي تنشر تعاليم مناهضة للاسلام وتتعارض مع السيادة الوطنية لافغانستان." وتابع ان ميليشيات شكلتها الحكومة تقف وراء اعمال العنف. ولمح اخرون لقوى خارجية تريد تأجيج المشاكل فيما تستعد افغانستان لتولي مسؤولية الامن بعد 11 عاما من المساندة الدولية. وقال امان الله إيمان وهو متحدث باسم وزارة التعليم إن نحو 550 مدرسة في 11 اقليما اغلقت أبوابها لعجز الدولة عن توفير الامن. وفي اقيلم هلمند الجنوبي اغلقت اكثر من نصف المدارس هناك وعددها 336. وفي الاسبوع الماضي حذرت رسائل مجهولة وصلت ليلا في بكتيكا معقل التمرد في الجنوب الشرقي الطلبة والمعلمين من العقاب إذا ذهبوا للمدرسة. وحرم اغلاق المداس نحو 200 الف طفل معظمهم فتيات من الحصول على تعليم واذكي المخاوف من ان القوات الوطنية الوليدة ربما تكون عاجزة عن حماية حقوق النساء حين ترحل القوات الدولية. وقال جوشوا فوست الخبير في شؤون افغانستان واسيا الوسطى في امريكان سيكيوريتي بروجيكت (مشروع الامن الامريكي) ومقره واشنطن "على مدار العامين الماضيين ابتعدت طالبان عن المناورات القتالية الضخمة وركزت اكثر على الترهيب والسيطرة الاجتماعية والسياسية. "اغلاق المداس احد وسائل السيطرة." وافزعت اربع هجمات بالسم على مدارس فتيات خلال الشهرين الماضيين السلطات في اقليم طخار الشمالي واصدرت في الاسبوع الماضي اوامر للقائمين عليها بالبقاء فيها لساعة متأخرة من الليل وطلبت من العاملين بها تفتيش الساحات بحثا عن اي شيء مريب واختبار المياه قبل فتح ابواب المدرسة. وتذهب الفتيات للمدرسة في مجموعات تضم خمس فتيات او عشر طلبا للسلامة وتقول حميدة (19 عاما) التي لازالت طالبة نتيجة توقفها عن الدراسة مرارا ان البعض يرفص تناول الغذاء او شرب المياه خشية التسمم. وتضيف "للامانة نصاب بفزع شديد كل يوم. إذا رأيت من يحدق بك وانت في الطريق للمدرسة تدرك انه ربما تقع مشكلة." واحيانا يعود التلاميذ ادراجهم إلى المنزل بكل بساطة خوفا من التعرض لهجوم. ونقلت مسؤولية الامن في طخار للحكومة الافغانية في ابريل نيسان في اطار عملية انتقال تدريجي. ويقول حلف شمال الاطلسي ان الامن تحسن وان القوات الافغانية قادرة على الاضطلاع بالمسؤولية. ولكن تجدد العنف الذي تزامن مع هجوم الربيع لطالبان أجج المخاوف من ان القوات الافغانية ضعيفة التجهيز وربما تجد صعوبة في بسط سيطرتها. وكانت طخار احد النقاط الساخنة للتمرد والنشاط الاجرامي منذ 2009 ولا يقتصر الامر على طالبان بل توجد ايضا جماعات عرقية متمردة صغيرة تنشط هناك مثل حركة اوزبكستان الإسلامية. ويقول مسؤولون انه حتي في أفضل الاحوال وجد حلف شمال الاطلسي صعوبة في كبح التوترات داخل الاقليم وتصاعدت المخاطر اكثر الان بعد ان تسلم الجيش الافغاني السلطة. وقال فوست خبير الشؤون الافغانية "الان بعد ان بسط الافغان سيطرتهم عليه نرى ما نتوقع ان نشهده في اماكن اخرى صراعا بين جميع الجماعات المسلحة من أجل السيطرة. "سيتغلب طرف في نهاية المطاف اذا تركوا لحال سبيلهم .. وربما لا يكون من نفضله." (إعداد هالة قنديل للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي) من ميرويس هاروني وسانجيف ميجلاني