تونس (رويترز) - يستجوب البرلمان التونسي وزير الداخلية بعد الحملة التي شنتها الشرطة يوم الاثنين على احتجاجات مما أثار غضبا شعبيا وزاد الضغوط على الحكومة التي يقودها اسلاميون. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المحتجين الذين كانوا يقذفون الحجارة واقتحموا شارع الحبيب بورقيبة يوم الاثنين في تحد لقرار حظر التظاهر في الشارع الذي كان مركزا للاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به انتفاضة شعبية العام الماضي. وتمثل هذه الازمة أحد أكبر التحديات التي تواجهها الحكومة -التي تقودها حركة النهضة الاسلامية المعتدلة المتحالفة مع حزبين علمانيين- خلال حكمها المستمر منذ أربعة اشهر. وعقد ساسة ونشطاء من المعارضة العلمانية مقارنة بين أساليب الشرطة والدولة البوليسية في عهد بن علي حين كانت الحريات مقيدة. ووصفه البعض "بالاثنين الاسود". ودعا الرئيس ورئيس البرلمان المتحالفان مع حركة النهضة الى اجراء تحقيق وهو المطلب الذي كررته الحركة نفسها يوم الثلاثاء. وحدد رئيس البرلمان مصطفى بن جعفر جلسة يوم الخميس لمناقشة "أعمال العنف" التي قال انها شملت ايضا اصابة عدد من أعضاء البرلمان جسديا. وقال المجلس الوطني للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان التي شاركت في الاحتجاج في بيان انه "يندد بالعنف المستعمل ضد المسيرات السلمية ويعتبر ذلك مسا خطيرا بحقوق الانسان وانتهاكا صارخا للحريات العامة والفردية." واستغل المحتجون ذكرى التاسع من ابريل نيسان وهو اليوم الذي قمعت فيه قوات الاحتلال الفرنسي الاحتجاجات الداعية للاستقلال عام 1938 ليتحدوا الحظر على التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة. وتغيرت تونس كثيرا منذ الثورة حيث تم ارساء نظام ديمقراطي ويستطيع المواطنون الحديث والتظاهر بحرية للمرة الاولى في الذاكرة الحديثة. لكن وزارة الداخلية قررت حظر التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة في أواخر مارس بعد أن شكا سكان محليون من أن الاحتجاجات المتكررة تخنق حركة المرور وتعطل المصالح التجارية. وأغضب الحظر معارضي الحكومة. وفي حين أثارت الحملة الامنية غضب البعض فان الكثير من التونسيين يؤيدون جهود اعادة الحياة الى طبيعتها في هذا الشارع الرئيسي الذي يزخر بالفنادق والمقاهي ويؤدي الى المدينة القديمة بتونس. وقال حبيب سويد الذي يمثل متاجر الصناعات اليدوية بالمدينة القديمة "عانينا كثيرا خلال الثورة... نحاول بناء دولة الان. يجب أن نحترم قرارات الحكومة حتى لو اختلفنا معها وبالنسبة لنا شارع الحبيب بورقيبة شريان حياة ومصدر للسائحين." وأضاف "ما نحتاجه الان هو اعادة السائحين واعادة الحياة للمقاهي والمتاجر. حينذاك نستطيع أن نقول ان ثورتنا نجحت. لا يستطيع كل من يتبع أجندته المحدودة أن يفعل هذا على حساب من يحاولون القيام بعملهم." وشهدت احتجاجات الاثنين التي قادها معارضون علمانيون للحكومة بعض الدعوات الى "اسقاط النظام." وواجهت حركة النهضة التي فازت بنسبة 42 في المئة من المقاعد في اول انتخابات تجريها تونس بعد الثورة ضغوطا من المعارضة العلمانية منذ البداية والتي كان اداؤها ضعيفا في الانتخابات وتخشى من فرض مباديء الشريعة على الدولة الليبرالية. وكانت حركة النهضة قد وعدت الا تفرض الحجاب او تحظر الكحوليات لكنها واجهت ضغوطا من السلفيين الذين لا تمثلهم اي احزاب ويطالبون بأن يلعب الدين الاسلامي دورا اكبر في الحياة العامة. وقال زعيم حركة النهضة ان على معارضي الحكومة المنتخبة أن يحاولوا اسقاطها بالوسائل الديمقراطية وليس من خلال اثارة مواجهات سياسية وتقويض الاقتصاد الذي بدأت تظهر بوادر على تعافيه من الاثار التي لحقت به من جراء الثورة. وقال راشد الغنوشي للصحفيين ان هذه الحكومة لن تسقط الا بالطرق القانونية اي من خلال البرلمان او صندوق الاقتراع على سبيل المثال وتابع قائلا ان الاحتجاجات لن تسقط هذه الحكومة. ومضى يقول ان هناك من فشلوا في صندوق الاقتراع ولا يستطيعون الانتظار تسعة اشهر ليحاولوا مجددا لكنهم يحاولون من خلال الفوضى أن يأخذوا من خلال الشارع ما فشلوا في اخذه من خلال صندوق الاقتراع. (اعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي)