اشتدت وطأة العقوبات على ايران لتبعدها عن الشبكات المالية الرئيسية في العالم لكن طهران سارعت باتخاذ خطوات عاجلة بهدف الصمود في وجه الضغوط بشأن برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يستهدف انتاج قنابل. وقال نظام سويفت ومقره بروكسل الذي يدير الجزء الاكبر من المدفوعات العالمية بين الدول يوم الخميس انه سيقطع الاتصال مع المؤسسات المالية الايرانية التي تشملها العقوبات ويمنعها من استخدام نظامه للرسائل المالية اعتبارا من الساعة 1600 بتوقيت جرينتش يوم السبت القادم بناء على أمر من الاتحاد الاوروبي وبضغط من الولاياتالمتحدة. وقالت بيوت الصرافة في الخليج انها ستوقف التعامل بالريال الايراني المحفوف بالمخاطر في ضربة أخرى لقنوات التداول الايرانية. في الوقت ذاته أظهرت بيانات رويترز الخاصة بالشحن أن سفنا تحمل ما لا يقل عن 360 ألف طن من الحبوب اصطفت لتفريغ حمولاتها في ايران في إشارة الى أن طهران تقوم بتخزين كميات ضخمة من المواد الغذائية للحد من تأثير تشديد العقوبات الغربية. وقد بدأت الجمهورية الاسلامية حتى في شراء القمح من عدوتها اللدود الولاياتالمتحدة. وتجعل العقوبات من الصعب الحصول على خطابات الائتمان أو إجراء عمليات دولية لتحويل الأموال عبر البنوك. ولذلك اضطرت ايران لشراء نحو مليوني طن من القمح منذ فبراير شباط بقيمة أعلى من الاسعار الدولية باستخدام عملات منها الين الياباني والروبل الروسي. وقال نيك هيجنز محلل السلع في رابوبانك "لا يساورني شك في ان هذا تحوط جيوسياسي. انهم يحاولون الحصول على أقصى ما هو ممكن في هذه البلاد للحد من تأثير أي تصعيد في العقوبات الدولية." ولا تشمل العقوبات المواد الغذائية. وأجرى 19 بنكا و 25 مؤسسة تابعة من ايران ما اجماليه مليوني عملية مبادلات للمدفوعات عبر الحدود باستخدام نظام سويفت في عام 2010. ومن بينها بنوك تتهمها الولاياتالمتحدة بتمويل نشاط ايران النووي أو الارهاب وهي بنوك ملت وبوست وصادرات وسابا. وقال الرئيس التنفيذي في نظام سويف لازارو كامبوس ان نظام الاتحاد الاوروبي "يرغم سويفت على اتخاذ اجراءات" مضيفا "فصل البنوك خطوة غير عادية وغير مسبوقة بالنسبة لنظام سويف. انها نتيجة مباشرة لعمل دولي ومتعدد الاطراف لتكثيف العقوبات المالية ضد ايران." وقال بعض رجال الاعمال الايرانيين في الخارج ان هذه الخطوة قد تدمر عملياتهم. وقال ناصر شاكر "هذا يشبه قطع شريان الحياة الذي يربطنا بالخارج". وأضاف شاكر الذي يملك شركة لتجارة النفط والغاز في دبي لرويترز "سيتم ايقاف جميع المعاملات. لم يعد هناك المزيد من الخيارات عبر البنوك. " وقال مرتضى معصوم زاده من اللجنة التنفيذية لمجلس الاعمال الايراني في دبي والمدير الاداري لوكالة جامبو لاين للشحن انه "خبر مدمر". وأضاف "اذا لم يعد بامكان البنوك الايرانية تبادل المدفوعات مع البنوك حول العالم فان هذا سيتسبب في انهيار كثير من العلاقات المصرفية والعديد من الشركات". ومنذ أواخر العام الماضي تم الى حد كبير تجميد ايران خارج النظام المصرفي العالمي. وقد استخدمت واشنطن قوانين مكافحة غسل الاموال لكي تجعل التعامل مع ايران بما في ذلك تمويل التبادلات التجارية أمرا محفوفا بالمخاطر بالنسبة للبنوك في جميع أنحاء. واستمر رجال الاعمال الايرانيين في اجراء بعض النشاط التجاري مع دبي وأماكن اخرى وان كان ذلك عن طريق تحويل الاموال من خلال بيوت الصرافة. ولكن على مدى الاسابيع القلائل الماضية اوقف العديد من بيوت الصرافة ايضا التعاملات التجارية بالريال الايراني. وقال محمد الانصاري رئيس مجلس الادارة والمدير الاداري لشركة الانصاري للصرافة وهي احدى اكبر شركتين للصرافة في الامارات ان ضعف الريال الذي هبط سعره في السوق السوداء الى النصف تقريبا مقابل الدولار الامريكي في عام حتى يناير كانون الثاني جعل من تداول العملة الايرانية أمرا محفوفا بالمخاطر. واضاف لرويترز ان معظم الشركات توقفت عن التعامل بالريال الايراني ويعود السبب في ذلك أساسا الى انخفاض قيمته في الاشهر القلائل الماضية فضلا عن القواعد التي فرضتها السلطات التنظيمية بالولاياتالمتحدة على القطاع المالي. وتتزايد التكهنات بأن اسرائيل قد تشن مع الولاياتالمتحدة أو بدونها هجوما عسكريا على المنشات النووية الايرانية التي تعتبرها اسرائيل تهديدا لوجودها. وتشدد ايران على ان برنامجها النووي غير عسكري وتصر على عدم التخلى عنه تحت أي ضغط خارجي. ورحبت يوم الاربعاء بعقد جولة جديدة من المفاوضات النووية مع القوى العالمية الست قائلة انه يتعين على الجانبين تحديد موعد ومكان انعقاد المحادثات. وحذر الرئيس الامريكي باراك اوباما طهران يوم الخميس من أن "نافذة حل هذه القضية بالطرق الدبلوماسية تضيق". وقالت مصادر بريطانية ان بريطانيا قررت التعاون مع الولاياتالمتحدة في اتفاق ثنائي للافراج عن مخزونات نفط استراتيجية للحيلولة دون ارتفاع أسعار الوقود بشكل يضر بالنمو الاقتصادي في عام تجرى فيه انتخابات بالولاياتالمتحدة. وفي حين لا يوجد اضطراب كبير في امدادات النفط في العالم في الوقت الراهن يتوقع أن تؤدي العقوبات على ايران الى خفض انتاجها عندما يدخل حظر للاتحاد الاوروبي حيز التنفيذ اعتبارا من يوليو تموز. وأسهم توقف طفيف من جنوب السودان واليمن وسوريا أيضا في زيادة حادة في أسعار النفط.