دبي (رويترز) - تصدر شركة ايه.اتش.تي الايرانية مكسرات وفواكه مجففة بملايين الدورات من ايران شهريا ولكن العقوبات المالية الغربية تعني أنها لن تحصل على أي مبالغ مالية تذكر في المقابل بل ستتقاضى قيمة الصادرات بسلع أخرى مثل صناديق من الورق المقوى أو معلبات. وقال محمد أمين العضو المنتدب في الشركة المصدرة للفستق والزبيب لرويترز عل هامش معرض دولي لصناعة الغذاء في دبي الشهر الماضي "معظم التعاملات تجري بهذه الطريقة الان. لا تجري تعاملات مالية." وتابع "نستورد سلعا ونبيعها في السوق المحلية ونحصل على المال من السوق المحلية ثم نسدد للموظفين والمزارعين." وقال أمين وسط مفاوضات مع مشترين محتملين "لا يجري التعامل بالنقود .. مثلما كان الحال قبل الاف الاعوام." وبلغت حجم صارات شركة ايه.اتش.تي في العام الماضي نحو 100 مليون دولار وذهبت معظم الصادرات للصين والهند. ووجهت العقوبات المالية التي فرضت على ايران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل ضربة قاسمة للتجارة الخارجية. ومنذ أواخر العام الماضي عززت الولاياتالمتحدة استخدام قانون مكافحة غسل الاموال لزيادة المخاطر القانونية التي تتحملها البنوك التي تتعامل مع الولاياتالمتحدة اذا واصلت تعاملاتها مع ايران. ونتيجة لذلك استبعدت الى حد كبير الشركات الايرانية من النظام المصرفي العالمي الذي يمول التجارة ومن الصعب بل ربما من المستحيل أن تحصل على خطابات ائتمان أو تحول أموالا الى الخارج من خلال البنوك. ولكن شركة ايه.اتش. تي وغيرها من الشركات الايرانية التي التقت بها رويترز تلمح الى أنها وجدت وسائل للالتفاف حول العقبات ومواصلة انشطتها ولكن بتكلفة عالية والكثير من المجهود. ولجأ بعض المصدرين والمستوردين لتجارة المقايضة والبعض الاخر كون شبكات معقدة ولكن قانونية مع شركاء في الخارج من أجل السداد. ويلجأ البعض لتحويل الاموال عبر مكاتب الصرافة بدلا من البنوك أو من خلال شبكات تحويل أموال قانونية ولكنها لا تخضع للرقابة تعرف في الشرق الاوسط باسم الحوالة. وقال سانجيف سوالا من شركة م. لاخامسي للتجارة في الهند "التجارة تأتي قبل كل شيء. لذا اذا فرضت عقوبات او اي شيء اخر غدا فثمة طرق مختلفة للالتفاف عليها." وقال "حدث انحراف بسيط لفترة وجيزة وحدث تراجع في التجارة ولكن الجميع انتهي من ترتيب الاليات الان." ويبلغ حجم المعاملات التجارية للشركة في سلع من بينها الحبوب والتوابل والقمح والارز نحو 125 مليون دولار سنويا وتشتري ايران من الشركة بما بين خمسة وعشرة ملايين دولار. وقال سوالا "أحصل على أموالي من دبي. لا أعلم كيف يدبرون الامر. لا تدخل السلع دبي أبدا بل تشحن من الهند الى ايران ويجري السداد من دبي هذه الايام .. حتى قبل تسعة أشهر كان المال يأتي من ايران." وقدر صندوق النقد الدولي صادرات ايران في السنة المالية الماضية التي انتهت في 20 مارس اذار عند 107 مليارات دولار من بينها 81 مليار دولار قيمة صادرات نفط وغاز. وتبحث الحكومة الايرانية عن سبل تسمح لها بالحصول على مقابل صادراتها من النفط. فعلى سبيل المثال اتفقت مع الهند على تسوية نسبة 45 بالئة من حجم التجارة بالروبية التي لا تخضع للتداول الحر في الاسواق العالمية. وربما تستخدم الروبية في سداد قيمة ما تستورده ايران من حديد وصلب وكيماويات وحبوب من الهند. ولا يمكن لمعظم الانشطة غير النفطية في ايران الاعتماد على طلب قوي على منتجاتها لذا ربما تجد صعوبة أكبر في الالتفاف حول العقوبات ولكن ثمة دلائل علي أن عددا كبيرا منها ربما تمكن من تدبر اموره. ونتيجة تجميد التحويلات المضرفية سدد أكثر من 20 مصدرا ايرانيا شاركوا في معرض دبي الشهر الماضي - نقدا أو عن طريق حوالات - تكلفة استئجار أجنحة متواضعة في مبنى معزول بمركز المعارض مترامي الاطرافي حيث يقام معرض صناعة الغذاء. ويقول بعض المصدرين الايرانيين والمصدرين الى ايران انهم مازالوا يتعاملون مع بنوك في تركيا التي ابقت بعض القنوات المصرفية لايران مفتوحة من أجل مدفوعات النفط. ويقول أمين من ايه.اتش. بي انه اوقف معظم التعاملات مع البنوك التركية بسبب الرسوم أوالضرائب الباهظة ولانه يخشى من أن الموجة التالية من العقوبات قد تجمد المدفوعات القادمة. وقال ان المقايضة مضمونة أكثر. وتحولت بعض الشركات من البنوك لمكاتب الصرافة في دبي وأماكن أخرى من أجل المدفوعات الدولية. وتواصل مراكز الصرافة أنشطتها القانونية مع ايران ولكن القيود على حجم تحويلات الافراد يتطلب جهدا أكبر من التعاملات من خلال البنوك. ولا يمكن لمثل هذه القنوات أن تحل محل النظام المصرفي الدولي تماما. وتظهر بيانات حكومية أمريكية أن ايران تستورد 45 بالمئة من استهلاكها من الارز وأن الهند أحد أكبر الموردين ولكن عددا من مصدري الارز الهنود المشاركين في معرض دبي قالوا انهم أوقفوا شحنات بحرية لايران خلال الاشهر القليلة الماضية بسبب مشاكل السداد والتأمين. وقال شريف يوسف مدير الجياس للتصدير ومقرها مومباي وتتاجر الشركة في الارز والذرة والسكر والقمح "ما جدوى التعامل مع ايران اذا كانت الخسارة مئة بالمئة؟" ويقول مصدرو زيت النخيل في ماليزيا وسنغافورة المشاركون في المعرض انهم اوقفوا الشحنات لايران بعد أن رفضت البنوك في البلدين اصدار خطابات ضمان لاي شحنه متجهة لموانئ ايرانية في العام الماضي. وبعيدا عن القاعات الحديثة في مركز المعارض في دبي وفي الشوارع المزدحمة لسوق الراس في دبي يقول عدد كبير من الاجانب الذين يتاجرون في المواد الغذائية الايرانية انهم اوقفوا المعاملات التجارية ويرجع ذلك في جزء منه للتراجع الحاد في قيمة الريال الايراني في الاشهر القليلة الماضية. وقال تاجر مواد غذائية ايراني "من الصعب ممارسة أنشطة تجارية مع ايران في الوقت الحالي. نحاول ألا نمارس هذه الانشطة لاننا نخسر." ولكن ثمة دلائل على احلال طرق تجارية جديدة محل القديمة التي لم تعد صالحة. وقال العديد من التجار في المعرض ان ثمة تناميا لشحنات الارز عبر الحدود بين ايران وباكستان وتسدد قيمتها نقدا. وتكون الشركات الايرانية علاقات شراكة جديدة وترتيبات مع شركات أجنبية لتسهيل التعاملات التجارية. وقال تاجر في أوروبا متخصص في الصادرات الزراعية الايرانية رفض الكشف عن اسمه لحساسية القضية انه نظرا لتعذر ارسال الاوراق عبر القنوات المصرفية العادية فان مستندات ملكية السلع ترسل للمشتري مباشرة وهو يحول الاموال مباشرة لحساب مصرفي يختاره المصدر. وقال التاجر الذي يتعامل في السلع الايرانية منذ عقود "لا يوجد خطاب ضمان ولا تتدخل البنوك في الصفقة فيما عدا وجود حساب لتحويل الاموال." وتابع "لدينا مشاكل لوجيستية وتجارية تحتاج حلا بشكل يومي. ثمة تغير دائم في القواعد ومن المحتمل أن تكون الحلول المقترحة اليوم غير صالحة للتطبيق في نهاية الاسبوع." ووصف بهروز رضا زادة رئيس مجموعو بي.اس.دي.سي ومقرها طهران والتي تقدم الاستشارات للشركات الايرانية بشأن تنمية التجارة والامور اللوجيستية خيارا اخر. وقال "يوجد شركاء لشركات التصدير خارج ايران ويصدرون لشريكهم الذي يحصل على خطاب الضمان ويتسلم المال ثم يسلم السلع." ويتابع "التجارة مثل الجليد على قمة الجبل .. بعد ذوبانه وتحوله لماء سيجد طريقه للوصول للسفح. هذه طبيعة التجارة .. ايجاد حل."