لا يزال الشأن السوري يحظى بقدر وافر من تغطية الصحف البريطانية، لكن الصحف الصادرة صباح الجمعة أبدت اهتماما كذلك بالشأن الصومالي على خلفية المؤتمر الذي عقد في لندن لمناقشة مستقبل هذا البلد. ونبدأ مع صحيفة الفاينانشيال تايمز التي نشرت تقريرا عما اعتبرته ثلاثة تحديات أمام السياسة الخارجية البريطانية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي الملفات الإيرانية والصومالية والسورية. تقول الصحيفة، في التقرير الذي أعده جيمس بليتز وجورج باركر، إن غالبية السياسيين البريطانيين افترضوا، عقب وصول ديفيد كاميرون إلى منصب رئيس الوزراء البريطاني في يونيو/ حزيران 2010، أن الحكومة التحالفية بين حزبي المحافظين والديمقراطيين الليبراليين ستتخلص من هاجس الاهتمام بالشؤون الخارجية . لكن التقرير يشير إلى أن الأسبوع الجاري ذكًَََر مرة أخرى كيف أن الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا يمكن أن تفجر أزمة في الحكومة التحالفية. في الشأن الإيراني تقول الفاينانشيال تايمز إن وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ قد اضطر إلى المثول أمام مجلس العموم للدفاع عن سياسة حكومته بشأن إبقاء كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع طهران، بما فيها الدعم البريطاني لعمل عسكري ضد برنامجها النووي. وترى الصحيفة أن إيران لا تزال تمثل أكبر تحد أمام السياسة الخارجية للتحالف الحاكم في بريطانيا. زمام المبادرة ويشرح التقرير هذا القول بأن حزب المحافظين سيقدم، في غالب الأمر، دعما سياسيا وعسكريا لأي هجوم أمريكي وإيراني على البرنامج (النووي) الإيراني ، بينما ستكون لدى بعض الليبراليين الديمقراطيين شكوك بشأن تدخل محتمل في مثل هذا الصراع. وأضاف التقرير أن عامة البريطانيين سيكونون على درجة كبيرة من الشك بشأن مثل هذا التدخل، وذلك على خلفية الحرب في العراق. وبشأن التحدي الثاني، وهو الملف الصومالي، تشير الصحيفة إلى المؤتمر الذي استضافته العاصمة البرطانية يوم الخميس والذي خلص إلى تعهدات بمكافحة القرصنة والإرهاب. ويقول التقرير إن الباعث الأساسي للقلق لدى الحكومة البريطانية هو أن المقاتلين الأجانب الذين يدعمون الميليشيات الإسلامية في الصومال الآن يمكن أن يشنوا هجمات إرهابية في بريطانيا ودول غربية أخرى في يوم ما. ويضيف التقرير أن سوريا تمثل التحدي الثالث أمام الحكومة البريطانية، وذلك على خلفية المقارنة مع الحالة الليبية. ويشير التقرير إلى أن بريطانيا أخذت زمام المبادرة في الدعوة إلى عمل عسكري في ليبيا خلال العام الماضي، لكنها لم تقدم على خطوة مماثلة بشأن سوريا حيث تقتل حكومة الأسد من المدنيين أعدادا أكبر بكثير مما فعل نظام القذافي في ليبيا . ويضيف التقرير أن الحكومة البريطانية تدافع عن نفسها بالقول إنها تتدخل حيث يكون الأمر ممكنا، لكنها لا تعتقد أن بإمكانها التدخل في كل حالة. قناصة الأسد وننتقل إلى صحيفة الغارديان التي أفردت ما يزيد عن نصف صفحتها الأولى لتقرير يرصد آخر تطورات الأوضاع في سوريا من إعداد جوليان بورغر محررها للشؤون الدبلوماسية وبيتر بيمونت محرر الشؤون الدولية. واحتلت صورة الصحفية الفرنسية إديث بوفييه، المصابة في مدينة حمص، جانبا من المساحة المخصصة للتقرير الذي جاء بعنوان الأممالمتحدة تقول إن قناصة الأسد يستهدفون الأطفال السوريين . يقول التقرير إن الأممالمتحدة اتهمت النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ، بما فيها استخدام القناصة لاستهداف الأطفال الصغار. وأضافت الغارديان أن الأممالمتحدة وضعت قائمة بأسماء مسؤولين بارزين يجب أن يخضعوا للتحقيق، وأن تقارير أشارت إلى أن من بينهم الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت الصحيفة إن تقرير الأممالمتحدة وجد أدلة على أن قناصة الجيش (السوري) ومسلحي الشبيحة الذين نشروا في نقاط استراتيجية يستهدفون الأطفال الصغار ويقتلونهم . ووفقا للغارديان فقد أشار التقرير كذلك إلى استهداف نساء ومدنيين غير مسلحين. كما نقلت الصحيفة عن تقرير الأممالمتحدة أن قنابل الهاون أطلقت على الأحياء السكنية ذات الكثافة السكانية العالية . ويشير تقرير الأممالمتحدة إلى أن الأجهزة الأمنية واصلت الاعتقال المنهجي للجرحى من مستشفيات الدولة من أجل التحقيق معهم بشأن مشاركتهم في تظاهرات المعارضة أو أنشطة مسلحة ، حسبما ذكرت الغارديان. وتنقل الصحيفة عن التقرير أن الأجهزة الأمنية السورية كثيرا ما تستخدم أدوات التعذيب خلال تحقيقاتها. عقول صغيرة ونختم جولتنا في الصحافة البريطانية بصحيفة الاندبندنت التي أفردت افتتاحيتها للشان الصومالي، على خلفية مؤتمر لندن، والتي جاءت بعنوان الصومال يحتاج إلى أكثر من لقاءات قمة . تقول الصحيفة في افتتاحيتها إن من السهل أن يكون المرء متشائما بشأن الصومال كونها نموذج للدولة الفاشلة . وأضافت الصحيفة أن الصومال ظلت تعيش في حالة من الفوضي منذ أن تمكنت العشائر المعارضة من الإطاحة بالحكومة الصومالية عام 1991 وفشلت في الاتفاق على البديل. وتعدد الافتتاحية المشكلات التي عانت منها الصومال منذ ذلك الحين والمتمثلة في الجفاف ونقص الغذاء والقرصنة وغيرها. وأضافت الافتتاحية أن الدافع إلى عقد مؤتمر لندن كان المخاوف بشأن التهديدات التي تتعرض لها المصالح البريطانية والأمن العالمي في المنطقة. وأشارت الاندبندنت إلى أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تحدث بالأمس عن عقول صغيرة تسمم بالتطرف وتربي الإرهاب الذي لا يهدد الصومال فحسب، بل العالم كله . وترى الصحيفة أن كاميرون محق في مخاوفه، مشيرة إلى أن عدد حملة جوازات السفر البريطانية الذين انخرطوا في التدريب على عمليات إرهابية في الصومال أكثر من أمثالهم في أي دولة أخرى.