طرابلس (رويترز) - ظهرت نحو 200 مطبوعة مستقلة في ليبيا منذ سقوط الزعيم المخلوع معمر القذافي ويقول باعة صحف ان الزبائن يغادرون متاجرهم محملين بالصحف حتى يضمنوا الا يفوتهم اي خبر. ويقولون ان هذا مجرد ثمن زهيد يدفعونه من أجل الحرية. وقال رجب الوحيشي الذي يبيع الصحف منذ عام 1956 "الزبائن يشترون كل الصحف التي يجدونها امامهم ثم يقررون ماذا سيقرأون." وأضاف أن التجارة مزدهرة بفضل تنوع المحتوى وعدد المطبوعات المعروضة للبيع. وقتل القذافي يوم الخميس خارج سرت مسقط رأسه التي خاض فيها اخر مواجهة ضد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي المدعومين بحلف شمال الاطلسي. وقبل الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي كان رقباء حكوميون يخضعون وسائل الاعلام لتدقيق محكم وكانت الصحف عادة ما تنشر مقالات متطابقة تمدهم بها الحكومة. وكان الصحفيون الذين يخالفون هذه القواعد يسجنون او يخطفون. وتضاعفت حرية الاعلام في مصر وتونس بعد الثورتين اللتين أطاحتا بزعيميهما في وقت سابق من العام الحالي. لكن الرقابة في ليبيا كانت الاقوى على الاطلاق. وقال صديق مقريف وكان يشتري الصحف من أحد الاكشاك في وسط طرابلس "كل شيء أفضل. ننتظر الحكومة وسنرى ماذا سنقرأ بعد التحرير." ويحتفل الناشرون بالحرية التي اكتسبوها حديثا. وقال ابو بكر حمودة الذي يدير مطبعة الطالب "هذا جيد لاننا فيما مضى لم يكن باستطاعتنا طباعة اي شيء دون اذن. الان لا أحد يسألنا ماذا نطبع." ويرأس ادريس المسماري - الذي خرج مؤخرا من السجن للمرة الثانية اذ كان قد قضى عشر سنوات بداخله في الثمانينات بسبب نشاطه السياسي - لجنة خاصة شكلها المجلس الوطني الانتقالي لتشجيع ودعم حرية الصحافة. وفي اطار اقتراح من المجلس الوطني تدفع الحكومة تكاليف طبع الطبعات الثلاث الاولى لاي مطبوعة وتقدم خدمات طباعة مخفضة فيما بعد. وتستخدم أموال جهاز الاعلام الحكومي في عهد القذافي لتغطية التكاليف. واوضح المسماري أن الحكومة تعتزم ممارسة نوع من الرقابة على مطبوعاتها التي ستزيد من اثنتين الى خمس تجنبا لاذكاء الخصومات القبلية لكن يحق للصحف المستقلة نشر ما يحلو لها. وقال المسماري انه لابد من وجود خطوط فاصلة وهي كل ما يعرض وحدة ليبيا الوطنية للخطر وما يثير الانقسامات وضرب مثلا بالخلافات بين طرابلس في الغرب وبنغازي في الشرق وأضاف أنه لا يمكن منع الصحف الاخرى من نشر اي شيء. وفي حين أن معظم المطبوعات الجديدة مكرسة لمديح المعارك البطولية التي يخوضها مقاتلو المجلس الوطني ضد قوات القذافي فان بعضها أصبحت منابر للمواطنين الليبيين لانتقاد حكامهم الجدد والتعبير عن امالهم في دولة ديمقراطية حرة تتمتع بالرخاء. وترتبط معظم الصحف بالمدن التسع او العشر الرئيسية في ليبيا والمطبوعات المرتبطة بطرابلس او بنغازي هي التي توزع على نطاق واسع فيما يبدو. وهناك اصدارات صغيرة تخرج من قرى لكن تداولها محدود. ويعتزم المجلس الوطني توفير التدريب والدعم الفني للناشرين لكنه بانتظار الافراج عن الاصول المجمدة الخاصة بجهاز الاعلام الحكومي السابق. وقال محمود درويش وهو أحد مساعدي المسماري ان هذا صحي وطبيعي لان الآراء تعرضت للتهميش 40 عاما. وأضاف أن حتى المطبوعات التي تحمل أقسى الانتقادات ابتعدت عن التحريض الذي يظهر على شبكات التواصل الاجتماعي والكتابات على الجدران في مناطق معينة. وتابع أن الانتقادات التي يراها في الصحف لاتزال بناءة حتى الان.