دعونا نتفق جميعا أن لغة خطابات مرسي مختلفة تماما عما تعودناه ربما كنت في البداية أظن أن خطاباته لم تنضج بعد نظرا لحداثته عهده بالرياسة ولكن بعد هذا الخطاب ثبت في يقيني أن هذا هو أسلوب وطريقة الريس مرسي ولن يغيرها وكما تعودنا على خطابات جمال عبد الناصر الحماسية وخطابات السادات الحاسمة وخطابات مبارك المكتوبة بحرفية بلا روح ولا زعامة يجب علينا أن نتعود على خطابات مرسي التي وإن كانت مختلفة عن كل ماسبق إلا أنه يبدو متأثرا بهم جميعا خاصة جمال والسادات فجمال عبد الناصر كان أيضا يذكر أسماء خصومه بعينهم في خطاباته ويستهزئ بهم صراحة بل ويشهر بهم وكلامه عن ابنة حسن البنا غير المحجبة - غير صحيح - معروفة وموثقة , كذلك السادات عندما أهان الشيخ المحلاوي وقال أنه مرمي زي الكلب في السجن مما كان سببا كبيرا في قتله فيما بعد , كذلك تأثر مرسي بمبارك عندما يلتزم بالقراءة من الورقة وذكر الارقام والاحصائيات والمقارنات نجد أن الريس مرسي من رحم هذا العصر وخطابه هو عصير لخطابات الرؤساء الثلاثة ولكن بنكهة جديدة لم نتذوقها من قبل ألا وهي النكهة الإخوانية لن أقف على كلمات الخطاب ولا جمل بعينها ولكن هذه قراءة كلية فأنا كمدرس لغة عربية كنا زمان عندما نشرح قصيدة ما كنا نشرحها كلمة كلمة وبيتا بيتا وصورة صورة وكانت النتيجة خلق جيل كاره للغة العربية حافظا مش فاهم أما الآن وبعد أن تطورت أساليب الشرح وطرق التدريس أصبحنا ننظر إلى النص ككل متكامل ككجسد واحد ينبض بكل أحشائه واضح في خطاب مرسي فن التجاهل فهو يتجاهل تماما هؤلاء من يحشدون ضده فلم يذكر أو يشر إلى زعماء المعارضة كحمدين أو البردعي أو عمرو موسى ولا عن تمرد وكأنها كائنات غير موجودة أصلا وربما يكون لديه الحق في ذلك فهؤلاء كل مطالبهم هو إقصاء الرئيس وفورا ليس لديهم مطالب يمكن تحقيقها فهم أغلقوا كل قنوات الحوار أو التقارب وأعلنوا مطلبا واحدا هو انتخابات مبكرة ودعوتهم لاستقالته , لذا كان التجاهل أبلغ من أي إشارة لهم واضح إن الريس مرسي وجد في توجيه خطابه لعامة الشعب وليس مثقفيه هو خير وسيلة لكسب تعاطفهم وإقناعهم بعدم النزول يوم ثلاثين بشرح أسباب إخفاقه في تحقيق آمالهم في رفع معاناتهم كذلك اقتبس الريس مرسي خطة كلمة السر (دليسبس ) في خطاب تأميم قناة السويس الشهيرة لجمال عبد الناصر الذي يبدو تأثر مرسي به بشكل كبير رغم مابينهما من عداء فالأسماء التي ذكرها والقرارات التي استعرضها كان متفقا عليها مسبقا وليست وليدة اللحظة وهذا يؤكد ماسمعناه في اليوم التالي من تحركات في كل الاتجاهات لتنفيذ كلامه وكأننا نشاهد فيلم ناصر 56 يبقى شيء واحد لا أجد له تفسيرا وهو أن أي أرقام يقولها مرسي دوما يسارع العديد إلى تكذيبها ودائما ما أقف عاجزا عن الحكم الصحيح أيهما أصدق عموما وكما وصفوا خطاب مرسي أنه خطاب صفري بمعنى الكلمة أي أنه لم يثني معارضيه عن عزمهم لانتزاعه من كرسيه ولم يفقد واحدا من مؤيديه فالمباراة انتهت بالتعادل ولا يسعنا إلا انتظار ضربات الجزاء الترجيحية يوم ثلاثين ومابعده