فنانو الزمن الجميل كما يطلق عليهم، هم من ربوا أجيالاً على الضحكة ووصلوا إلى قلوب الملايين عبر شاشات الأبيض وأسود، اقتحموا بيوت الغلابة وأزاحوا عنهم الهم عبر ابتسامة تمكنوا من رسمتها على شفاههم. وفي الوقت الذي يتنافس فيه النجوم حاليًا على الثروات، ويطلبون مبالغ ضخمة في مقابل استضافتهم في برامج تليفزيونية أو إحياء الحفلات والمشاركة في الأفلام أو أي عمل درامي، نجد أن فناني الزمن الجميل عانى أغلبهم من فقر مدقع، لدرجة أن منهم لم يكن يجد قوت يومه. وهناك العديد من الأمثلة لفنانين ملأت شهرتهم الدنيا، ولكن بمجرد أن تلاشت عنهم الأضواء أصبحوا منسيين، وماتوا في صمت، وهم في حالة فقر شديدة. عبدالفتاح القصرى نهاية القصري كانت مأساوية للغاية فبينما وهو يؤدي دورًا في إحدى المسرحيات مع الفنان «إسماعيل ياسين» إذا به يصاب بالعمى المفاجئ فيصرخ قائلاً: "لا أستطيع الرؤية" وظن الجمهور أن هذا الأمر ضمن أحداث المسرحية فزاد الضحك ولكن أدرك إسماعيل ياسين حقيقة الأمر فسحبه إلى كواليس المسرح.ومع إصابته بالعمى تنكرت له زوجته الرابعة التي كانت تصغره بسنوات كثيرة وطلبت منه الطلاق بعد ما جعلته يوقع على بيع كل ممتلكاته لها وتزوجت من صبي كان يعطف عليه القصرى ويعتبره الابن الذي لم ينجبه، وقد زادت هذه الصدمة إصابته بالاكتئاب وظل حزينًا في منزله رافضًا للحياة. جاءت الحكومة لتكمل على باقي الأمان في حياته وهدمت له البيت الذي كان يسكن فيه فاضطر إلى أن يقيم بحجرة فقيرة جدًا تحت بير السلم في أحد البيوت الفقيرة في حي الشرابية، وأصيب من الفقر والبرد وعدم الاهتمام بتصلب في الشرايين أثر على مخه وأدى إلى إصابته بفقدان للذاكرة، وجاءت نهايته في مستشفى المبرة حيث لقي ربًا كريمًا في 8 مارس 1964 ولم يحضر جنازته سوى ثلاثة أفراد وأسرته فقط والفنانة نجوى سالم. اسماعيل ياسين رغم هذا النجاح الساحق الذي حققه إسماعيل ياسين، خصوصًا فترة الخمسينيات، لكن مسيرته الفنية تعثرت في العقد الأخير من حياته.فقد شهد عام 1961 انحسار الأضواء عن إسماعيل يس تدريجيًا؛ فبعد أن كان يقدم أكثر من عشرة أفلام في العام الواحد قدم فلمين فقط هما (زوج بالإيجار) و(الترجمان) وفي العام الذي يليه قدم (ملك البترول) و(الفرسان الثلاثة) و(انسى الدنيا) ثم في الفترة من 1963 إلى 1965 لم يقدم سوى فلمين هما (المجانين في نعيم) و(العقل والمال). ويقال إن انحسار الأضواء عنه يرجع إلى:مرض أصابة (القلب) وابتعاده عن الساحة الفنية في مرحلة تحول على الساحة الفنية، تدخل الدولة في الإنتاج الفني في فترة الستينيات وإنشاء مسرح التليفزيون، اعتماده شبه الكلي على صديق عمره أبو السعود الإبياري في تأليف جميع أعماله مما جعله يكرر نفسه في السينما والمسرح (على سبيل المثال فيلم المليونير وزوج بالإيجار)، ابتعاده عن تقديم المونولوج في أعماله الأخيرة والذي كان يجذب الجمهور إلى فنه. ولأنه لم يكن من المقربين من المسئولين في الحكومة، فقد فوجئ بتراكم الضرائب عليه وأصبح بين عشية وضحاها مطاردًا بالديون وحجز علي العمارة التي بناها بكفاح عمرة لتباع أمام عينه ويخرج من رحلة كفاحه الطويلة خالي الوفاض فاضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر إلى لبنان وعمل في بعض الأفلام القصيرة وعمل مرة أخرى كمطرب للمنولوج كما بدأ ثم عاد إلى مصر محطمًا كسيرًا وعمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع تاريخه الحافل ولم يرحمه أحد أو يقدره أحد، وبدون مقدمات. وفى عام 1966 أصيب بالتهاب رئوي حاد دخل على أثره مستشفى المواساة بالإسكندرية، وظل فيها ثلاثة أشهر بلا عمل، كان ذلك مقدمة لآلام كبيرة عاشها إسماعيل ياسين، فإلى جانب المرض تراكمت الديون وطاردته الضرائب، وتم الحجز على ممتلكاته، فساءت أحواله أكثر حتى أصيب بمرض في المعدة والنقرس، وفى ظل كل ذلك عرف الاكتئاب طريقه إلى إسماعيل ياسين حتى مات 1972، دون أن يترك مالاً، وترك ابنه ياسين وعمره 17 عامًا تقريبًا والذي أصبح مخرجًا فيما بعد ورحل منذ أكثر من عامين. شكوكو مثل محمود شكوكو في الكثير من أفلام الأبيض والأسود وارتبط بإسماعيل ياسين، حيث اشترك معه كثنائي مونولوجست، وكون فرقة خاصة به، كان محمود شكوكو هو الفنان المصري الوحيد الذي صنع له دمى صغيرة على شكله بالجلباب البلدي والقبعة المميزة التي كان يرتديها، توفي سنة 1985.ولا زالت الكثير من مونولوجاته باقية لدرجة أن شركة مصر للطيران تخصص إحدى قنوات الإذاعية على متن رحلاتها لمونولوجات محمود شكوكو.
مثل محمود شكوكو في بعض الأفلام الملونة في أواخر أيامه بأدوار ثانوية. وأبرز أفلامه هو دوره في فيلم عنتر ولبلب الذي لعب بطولته مع سراج منير، فظل وحيداً فى مستشفى القاهرة التخصصى يعانى من مرض الربو حتى مات عام1985.
يونس شلبي وأمين الهنيدي أما يونس شلبي فمات فقيرا ومريضا، وكان الأمر أكثر قسوة بالنسبة لأمين الهنيدي الذي مات في المستشفى ولم يستطع أهله إخراج جثته لأن ذويه لم يدفعوا مصاريف علاجه البالغة 2000 جنيه فقط.
عبدالسلام النابلسي كان من أبرز الفنانين الذين تركوا بسمه على شفاة المصريين مازالت تتكرر عند سماع أعماله الفنية، وكانت نهايته العوز الشديد.
والمصير نفسه واجهه المخرج حسن الإمام الذي باع أثاث منزله، واضطر في نهاية المطاف إلى بيع ساعة يده لكي يشتري بها لقمة تسد رمقه، بينما عاشت ليلى مراد سنواتها الأخيرة فقيرة ووحيدة معزولة حتى وافتها المنية في شقتها في القاهرة. أما يوسف وهبي وأمينة رزق وفاطمة رشدي، فأمضوا آخر حياتهم على معاش تقاعدي يبلغ 32 جنيها فقط، تم رفعها إلى مائة جنيه مصري، بينما مات عماد حمدي وهو لا يملك لقمة العيش. وبيعت ممتلكات مريم فخر الدين وزهرة العلا في المزاد العلني بعدما أعرض عنهما المخرجون، ولقد هددت الأولى بارتداء الحجاب إذا لم يسندوا إليها أدوارا ولو صغيرة تافهة، وذلك بسبب حاجتها إلى المال. والفنان الكبير "رياض القصبجى" الذي لم يستطيعوا إخراجه من المستشفى بعد وفاته نظرًا لانعدام المادة.. إلا أن أتى المخرج حسن الإمام وأخرجه.