تعاني الرياضة المصرية بل العربية من داء مزمن اسمه الجميات العمومية المحسوبة على الاتحادات والاندية ومهمتها المحاسبة والرقابة وسحب الثقة لكن فعليآ يعلو صوتها طحنآ ويرتفع ضجيجها وفى النهاية تستسلم وترفع شعار:موافقون ..موافقون لعدم فهم الدور المناط ولتغلغل الفساد الى بعض اعضاء هذه الجمعيات وهذه حقيقة يعلمها الجميع ، وما حدث فى الجمعية العمومية لأتحاد الكرة والنادي الاهلي مثال واضح على الهزال الذي تعاني منه الحركة الرياضية بوجه عام. خلال الاشهر الماضية التى اعقبت اندلاع ثورة 25 يناير ظهرت مؤشرات لمعارضة شرسة ضد مجلس ادارة اتحاد الكرة ورئيسه سمير زاهر ، وعقدت اجتماعات تسخين لتوحيد المواقف تمهيدآ لسحب الثقة عقب الغاء الهبوط وغموض الامور المالية وعدم الشفافية فى توزيع الحصص الخاصة بحقوق البث الفضائي ، وفى الوقت الذي توقعنا قرار زلزال بمحاسبة الاتحاد فوجئنا بالمشهد العاطفي المؤثر والجميع يردد: موافقون..موافقون ، وتبين ان اتحاد الكرة قدم لكل ناد دعم مالي قبل انعقاد الجمعية العمومية بساعات كان كفيلآ بإفلات مجلس الادارة من مقصلة سحب الثقة ، وفى لفتة مجاملة سمح سمير زاهر المسيطر تمامآ على الاغلبية الكاسحة ، بدخول اقطاب المعارضة لشغل المناصب الشاغرة ليضمن احتواءهم ويرفع راية النصر على جمعية عمومية جاهلة ومنقادة وفاسدة بكل المقاييس. وتكرر المشهد فى النادي الاهلي مع اختلاف اساليب التعامل ، فالمعارضة جثة هامدة داخل هذه المؤسسة الرياضية العريقة منذ رحل صالح سليم رمز الاهلي ، لكنها استجمعت شجاعتها هذه المرة وتجمعت وتوحدت اعتراضآ على غموض التصرفات المالية وإهدار المال العام فى صفقات غير مفيدة ودفع مليون جنيه شهريآ للمدرب ومساعديه ، وقام اصحاب حملة التوريث الرياضي من اعضاء مجلس الادارة بتصعيد خطير وشحن الجمعية العمومية ضد لائحة الاندية التى ترفض احتكار المناصب وتطبق مبدأ تداول السلطة الذي يطبق فى مختلف القطاعات والفئات ، ووضح ان المنادين بالتوريث الرياضي ارادوا توظيف الجمعية العمومية لتحقيق اهدافهم. ماذا حدث؟ تبخرت المعارضة رغم الاصوات العالية ونجح حسن حمدي فى السيطرة عليها وحصل على الاجابة النموذجية : موافقون..موافقون دون محاسبة او رقابة او حتى مناقشة ، اما الهدف الحقيقي من الاجتماع فلم يتحقق بعد ان وجه حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضه تهديدآ بعدم طرح موضوع اللائحة للنقاش لعدم قانونية ذلك ، ورغم الضغوط الشديدة من حملة التوريث لم يكن هناك خيار سوى الاستجابة بعد ان ثبت عدم قانونية هذا الطرح وكانت ضربة قاضية لهم. وفي ظني ان الاجواء لم تعد صالحة لتوفير العدالة امام الجمعيات العمومية مما يهدر قدرتها على ممارسة دورها الاساسي فى الرقابة ، فالضغوط والاغراءات المالية شديدة كما حدث فى اتحاد الكرة ، والتعامل القهري وتجاهل الآراء المعارضة كما حدث فى الاهلي كلها وسائل تضعف من فعالية الجمعيات العمومية بل تفسدها وتجعلها وسيلة للقفز فوق القوانين والحصول على مكاسب غير مشروعة. سياسة موافقون موافقون تقيد التطور الرياضي وتحد من سياسات الاصلاح وتهدد بفشل مشروع الاحتراف الرياضي ، واذا كانت هذه الممارسات تتم فى اكبر اتحاد واضخم ناد فماذا عن القاعدة الرياضية؟