بعد أن سافرت أمي الحبيبة إلى إحدى بلاد الخليج باحثة عن الاستجمام والشوبنج -لي طبعا-ً تاركة إياي بمفردي تماماً مع أبي العزيز وأخويا الأعز منه، مودعين إياها بالدموع والوليل نظراً لما سيحدث لي من كوارث منزلية ، ونظراً لما سيحدث لهم من مغص وتسمم، وبما إني ست البيت الشاطرة واللهلوبة -المفروض يعني- اللي مامتي سايباني أراعي البيت السعيد من بعدها، فكان المنطقي والطبيعي إني سأتولى شئون المنزل خلفا لأمي العزيزة التي تتميز بأكلها اللي محصلش ولا هيحصل. فطبعا كان ولابد إني أثبت وبالتجربة العملية المطبخية إني قادرة على ملئ هذا الفراغ الرهيب التي تركته أمي مطبخياً وغسيلياً ومواعينياً وإني (قدها وقدود) ، فقررت البدء بأهم المهام التي تتميز بها هذه الأم العظيمة ألا وهي الطبخ. ودخلت المطبخ وأنا يا قاتل يا مقتول، وجلست ساعاتٍ عديدة أخترع وأخترع وأخترع لكي أبتكر أكلة جديدة لم تصنعها أمي من قبل لأبهرهم بها، وكل حينٍ وآخر يدخل أبي ليتفقدني فما كان منه إلا أن قال (ربنا يستر .. أنا هاكلم المستشفى أطّمن ان فيه سراير ليا ولأخوكي) مش عارفة!! هو ليه مضطهدني!! وبعد رقع وخبط ورزع متنكرة في هيئة أبلة نظيرة، خرجت أخيراً وأنا فرحة بما صنعته يداي من ابتكارات وافتكاسات مبهرة ، وسألني والدي العزيز : يا ترى بقى هتتحفينا بإيه النهاردة؟ جاوبت بكل فخر: صينية فراخ بالبصل الأخصر والطماطم والليمون إن شاء الله ، رد : بعد كل ده وفي الاخر صينية فراخ؟؟ أستر ياللي بتستر! متهيألي إني سمعته بيقرأ الفاتحة وبيتشاهد هو وأخويا إنما ليه مش عارفة الحقيقي. معلش مش عارفين أنهم هيأكلوا ألذ وأحلى فراخ في حياتهم الطبيخية والحياتية أساساً، وبعد أن وضعت صينية الفراخ في الفرن لكي تتحمر وتتشمر .. وجلسنا ننتظر وننتظر وننتظر وأنا أنظر لهم في شفقة ، وبعد أن فاض به الصبر والجوع .. دخل أبي لكي يطمئن بنفسه على فراخه العزيزة .. وعلى حين غرة أجده يصرخ ويقول : هو إنتي مفتحتيش الفرن أصلا يا فاشلة؟؟ وسقط أخويا مغشياً عليه من الجوع والحسرة.